توجد العديد من الروايات المتعلقة بمكان قبر سيدنا يوسف عليه السلام. فهناك من يعتقد أنه دفن في نيل مصر، بينما تشير رواية أخرى إلى أن سيدنا موسى عليه السلام نقل جثمانه من النيل إلى القدس.
لذا، يبقى السؤال: أين دفن سيدنا يوسف وأين يقع قبره؟ سنسعى لتوضيح ذلك في هذا المقال.
سيدنا يوسف عليه السلام
- يعتبر النبي يوسف عليه السلام من الشخصيات المحورية في تاريخ بني إسرائيل، وقد أرسله الله لهم.
- حيث أطلق عليه اسم يوزرسيف باللهجة الفرعونية.
- يُعتبر سيدنا يوسف نبيًا كريمًا، وهو ابن نبي كريم أيضًا، ينتمي إلى سلالة أنبياء عظام.
- تم إرسال سيدنا يوسف من قبل الله -عز وجل- إلى قومه لنشر الحق ودعوتهم إلى التوحيد.
- كما عُهد إليه بتعليم الناس الكتاب والحكمة.
- وتجدر الإشارة إلى أن هناك سورة كاملة في القرآن تروي قصة سيدنا يوسف، وتعتبر من أجمل القصص التي تذكر في القرآن الكريم.
- إذ يتميز سيدنا يوسف بقدرته الفائقة على تفسير الأحلام، بالإضافة إلى جماله الملحوظ، الذي وُصف بأنه قد أخذ نصف جمال الدنيا.
- كان جماله سببًا في إغواء امرأة العزيز له، وكان له أحد عشر أخًا، وكان الأقرب لقلب أبيه يعقوب عليه السلام.
- وفي يوم من الأيام طلب إخوته من أبيهم أن يأخذوا سيدنا يوسف ليلعب معهم.
- تفق الأخوة على أن يتخلصوا منه، فقذفوه في بئر وتركوه، حتى شاء الله أن تمر قافلة متوجهة إلى مصر.
- وبينما كان أحدهم يذهب لإحضار الماء، أمسك سيدنا يوسف- رضي الله عنه- بالدلو عندما أُلقي في البئر وخرج منه.
- انضم إلى هذه القافلة وبيع بمبلغ زهيد.
- وهذا كان ما يؤلمه، فكيف يُباع نبي كريم بهذه الطريقة؟
- وبدوره، اشترى عزيز مصر سيدنا يوسف وأمر زوجته بأن تعامله بكل لطف واحترام.
مسيرة سيدنا يوسف عليه السلام
- قَالَ الله -عز وجل- في كتابه: “وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو يتخذه ولداً”.
- وعندما نشأ سيدنا يوسف في بيت العزيز، تعرض للعديد من الفتن.
- من ذلك محاولة امرأة العزيز ليّ عنقه، لكنه أصر على رفضها.
- كما واجه فتنة من النساء اللاتي جمعتهن امرأة العزيز، وتم تهديده بالسجن في حال رفض.
- هناك آية في القرآن الكريم تؤكد على ذلك، حيث قال: “قال رَبِّ السجنُ أحبُّ إليّ مما يدعونني إليه وإلا تصرف عنّي كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين”.
- استجاب له الله وقام بحفظه من كيد تلك النسوة، ودخل السجن إلى أن تمثل براءته وخرج منه.
- وبعد خروجه، أصبح حاكمًا لمصر.
أين دفن سيدنا يوسف عليه السلام؟
تتعدد الآراء حول مكان دفن سيدنا يوسف عليه السلام، ومن بينها:
الدفن داخل الحرم الإبراهيمي
- قال الإمام الترمذي إن سيدنا يوسف قد دُفن في الحرم الإبراهيمي في البقيع.
- أي بجوار قبر أبيه سيدنا يعقوب عليه السلام.
- وذكر العلامة ابن عساكر أن جارية للمقتدر بالله في بيت المقدس سألت عن قبر سيدنا يوسف، فأخبرها المقتدر بالله بمكانه.
- وفيما بعد، ذهبت مع مجموعة من الرجال إلى الموقع الذي حدده، ووجدوا حجرًا كبيرًا كسروا، فظهر لهم سيدنا يوسف كما هو.
- أشير إلى أن رائحة المسك كانت تفوح من القبر، وبعد غلقه، تم بناء قبة فوق قبره، وهي قائمة حتى اليوم تحت اسم القلعة في القدس.
- ومن المحتمل أن نبي الله يدخل غارًا بالقرب من قبر سارة، حيث يوجد قبر سيدنا إبراهيم.
- بعدها دخل المسجد وأدى صلاته، فوجد فيه قبر سيدنا يوسف عليه السلام.
قيل إنه دفن في مدينة نابلس
- هناك اعتقاد آخر يشير إلى أن قبر سيدنا يوسف يوجد في شرق مدينة نابلس، داخل قرية تُدعى بلاطة.
- وذكر الشيخ عبد الغني النابلسي أنه زار قبر سيدنا يوسف الذي كان يقع على أرض مرتفعة وبجانبها بيوت قديمة.
- وكان يحيط به أشجار الزيتون، ويقال بأنه مدفون في مغارة كبيرة.
- أفادت مجلة الأستاذ بأن سيدنا يوسف قد دُفن في مسجد قديم تم هدمه، ولم يتبق منه سوى ثلاثة أعمدة، هذا المسجد يقع في نابلس.
- وفي القرن الرابع الميلادي، رُصدت بعض الروايات التي تفيد بأن سيدنا يوسف دُفن على بُعد ألف ياردة شمال بئر يعقوب في نابلس.
هل هو دفن في النيل؟
- عند وفاة سيدنا يوسف، حدث صراع حول تحديد مكان دفنه.
- يعتقد البعض أن الكنعانيين والمصريين اتفقوا على وضع جثمانه في صندوق ودفنه في نهر النيل، نظرًا لرغبتهم في أن تصل بركته لجميع القرى والمدن في مصر.
- لا تزال الروايات تحكي أنه تم إلهام النبي موسى بنقل قبر سيدنا يوسف، لكن لم يكن يعلم بمكانه الدقيق داخل النيل، إلى أن أُخبر بأن هناك امرأة عجوزًا تعرف مكانه.
- فاستعان بها وسألها، فأفادت بأن القبر موجود في صندوق في النيل.
- هناك أيضًا آراء أخرى تشير إلى أن سيدنا يوسف دُفن في الأراضي المقدسة، بجوار قبور آبائه إبراهيم وإسحاق بعد أن أخرجه سيدنا موسى.
- يقول العلماء إن القبر الوحيد المتفق عليه هو قبر سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، بينما أماكن قبور باقي الأنبياء، بما في ذلك قبر سيدنا يوسف، تبقى غير مُحددة بدقة.
- عندما نشأ الخلاف حول قبر سيدنا إبراهيم، قال ابن تيمية -رحمه الله- إن قبر النبي محمد هو الوحيد المعروف مكانه. وبالنسبة لباقي الأنبياء، فإن تحديد قبورهم يظل صعبًا.
- يمكننا القول بأن سيدنا كذا قد دفن في قرية كذا، لكن لا يمكننا الجزم بمكان محدد يقينًا بكونه قبر هذا النبي.
- وبنفس الطريقة، يُمكن الإشارة إلى الأماكن المحتملة لدفن سيدنا يوسف، استنادًا إلى الروايات، لكن ليس لدينا دليل قاطع على ذلك.
- يجدر بالذكر أن نبي الله يعقوب عندما شعر بقرب أجله، جمع جميع أبنائه، وكان من بينهم سيدنا يوسف، وطرحت عليهم سؤالًا مهمًا: “ما تعبدون من بعدي؟” حيث أجاب جميعهم: “نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسحاق، إلها واحداً ونحن له مسلمون”.
- وهكذا، أكمل سيدنا يعقوب رسالته، وأوصى ابنه يوسف أن يُدفن بجوار أبيه إسحاق وجده إبراهيم في بيت المقدس، مما يرجح أن يكون قبره قريبًا من هذا المكان.
وفاة سيدنا يوسف عليه السلام
- بعد أن منح الله سيدنا يوسف العديد من النعم، ووهبه ولدين سماهما إفرائيم ومنشأ، عاش بضعًا وعشرين عامًا بعد وفاة والده.
- بدأت تشتاق نفسه للقاء الله عز وجل، ليكون أول نبي يتطلع إلى الموت، وهذا ما تأكده الآيات القرآنية التي ذكر فيها:
- (رَبِّ قَدْ آتَيْتُنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، تُوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).
- عندما شعر سيدنا يوسف بقرب أجله، استدعى عائلته من بني يعقوب، ووصى أخاه يهوذا على قومه، وتوفي عن عمر يناهز 120 عامًا.
هل دفن سيدنا يوسف في قاع النيل؟ ولماذا لم يُدفن في الأرض؟
لا توجد أدلة قاطعة أو نصوص صريحة في القرآن أو السنة تُشير إلى أن سيدنا يوسف عليه السلام دفن في قاع النيل. غير أن هناك بعض الروايات والنظريات التي تناولت هذا الموضوع بناءً على التراث التاريخي.
هنا بعض الروايات المرتبطة بدفن سيدنا يوسف:
-
الدفن في قاع النيل:
- تحكي بعض الروايات التاريخية بأن سيدنا يوسف قد دُفن في قاع النيل كوسيلة لحمايته من الإزالة أو النقل.
- قد يُفترض أن هذا الدفن كان هدفه الحفاظ على قبره من التخريب، حيث تقوم المياه بحماية الجسد.
-
التقاليد الدينية:
- في بعض التراثات الدينية اليهودية والمسيحية، يشار إلى أن يوسف عليه السلام كان له مدفن خاص ذو قيمة رمزية.
- بينما في الإسلام، تبقى التفاصيل غير دقيقة حول مكان دفن سيدنا يوسف، والتركيز عادةً على مسيرته وتعليمه.