قصيدة البكاء
يقول الشاعر محمود درويش:
لا شوق لدي إلى حضنٍ فقدته
ولا لتمثالٍ كسرتُ شكله
وليس هناك حزنٌ على طفلٍ دفنته
لكني أبكي!
أعلم أن دمعة العين تعني الخذلان، وسببها الملح
أنا أدرك ذلك،
وبكائي كالنغمة التي لا تزال تطالب بإعادة اللحن
لا تتفضلي برش عطر من مناديلك
لستُ في حالة صحو، بل لستُ في صحو
اتركي قلبي يبكي!
هناك شوكة في القلب لا تزال تؤلم
قطرات من الدموع، جرح ينزف بلا توقف
أين ورد الورد؟
هل هناك ورد في دمي؟
يا عزاء الأموات!
هل من المجد والعزة ما يلوح في الأفق!
اطلبي من قلبي أن يبكي!
ابتعدي عن أذني بهذه الخرافات المتكررة
أنا أعرف أكثر منك عن الإنسان، وعن الأرض الغريبة
لم أبيع حصاني ولا رايات مأساتي
لأني أحمل الصخور وداء الحب،
وكذلك الشمس الغريبة
أنا أبكي!
أمضي قبل أن يحين موعدي، قبل الأوان
عمرنا أضيق من أن يتسع لنا،
عمرنا أصغر، أصغر بكثير
هل صحيح أن الموت يثمر حياة؟
هل سأثمرُ
كبائِع للمجاعات، وكحلاوة في أفواه الأطفال؟
أنا أبكي!
قصيدة بأن الدمع يعبر عن وُجدي وكتمان نفسي
يقول الشاعر ابن دنينير:
قد أعرب الدمع عن وُجدي وكتمان نفسي
وأعجم القلب في صبري وصبري
قابلت أدمعي، بمن كفت بهم
في يوم الفراق والوداع، كانت نار قلبي
أشكو الهوى وفؤادي يستلذ بك
غير الشوكة التي أبدت لكم شأني
رغم الفراق، لا زلت أتعذب باشتياق
سري وإعلاني معكم من بعدكم
والبعد في نار الفراق يكفيني
بعد فراقكم، غزاني دمعي المتدفق
لا أريد سهم فراق يصيب قلبي
بسهم يُحبط مقابلي وحالني
لو زارني الطيف، لطهرت همومي بقدومه
ولو زارني في كومة أحزاني
لم يطرق النوم أجفاني ولا عجب
فبعد الفراق، كيف أرسى على ضفتيك؟
ما صحّ كتمان سري أصلاً إذ جفيت، وقد
أصبحت ما بين أحشاء وأجفان
فدمع عيني طليق بعد فراقكم
لكن فؤادي المعنّى فيكم دعانى
ما استعذبت رحيق الرند بعدكم
ولا شعرت بالرغبة في البان
تحمّلت منكم مشاعر الحب وامتدادها
وأناصّ في نشر أزهار يبرين ونعمان
ما كنت أعتقد أنه وإن ساءت الظروف لنا
سأفارق أحبابي وخلاني
ولا علمت أن الدهر يبدلني
بعد تشتيت إخواني بأشخاص آخرين
يا مغادرين، وقلبي نحوكم دومًا
يقودني الشوق بين آلام الفراق
بعتم فلا لذة لي في العيش بعدكم
ولا فرحت بأوطاني وأماكن سكني
أورثتموني شبحًا مستمرًا يعيد
شبح عذاب القلب في البعد والحنين
أنّى ذكرتكم، فالشوق يحتدم
وكأن الشوق نار متقدة في الوطن
إذا خانني الزمن فيكم فليس هناك
بدعة إذا كنت حرًّا بحرمان
أو كان رغبته هي خفضي، فقد رفعت
يد الفضائل بين كل البشر بنياني
جعلتك عند بني الدنيا أحسن
لكن الرزق لم يتوج، وما كان إلا
إلى ربيع زيد الجود
أذهب عني همومي وأحزاني
فرحت عندما أقبلت عنده، بسركل
أحسن البرايا (وهو) من الجود والنعماء
وصرت في مرفأ العزة قدمي
تعلو على النجوم وكواكب السماء
وما كانت جنّتي من نيله، فهي مغلّفة
وجود كفيه بسخاء من البشر
لو أرادت الثقلان سؤاله، لما
لو سألوه عن ظرفه، لاسهموا فيه بسلطان
ولو كان لنبي مثل القرآن،
لم ينفع الفلك بل غرق في طوفان
أغنى ذوي الفقر والبؤس، وقد نالوا
آمالهم بنوال منه، بعناية
إن كان الزمن قد عاملي بحادثة
مؤلمة، فجور أضائه الدين أغناني
يا ابن النبي، وأنتم نقطة الضعف
إذ النهى عن الرغبة في الآخرين ينهاني
كيف يمكن قياس قساوة عندما سحبت
ذيل الفخر عن قس وتوزان
أصبحتم فخر الناس والملائكة إذ
جمعتم بين الأنساب والإحسان
فحيدر والبتول الطهر، فاطمة
مذكورة في سورة الرحمن باحتراف
لا يطلبان شيئًا بل من قرارهما
يتدفق الخير من در وصير مرجان
إن رميت مدحكم، لك المكان
في هل أتى والتلته آل عمران
أنتم الأرباب في المدح والفضائل من
تورات موسى وإنجيل وفرقان
من قال إن هناك مشابهة لكم، فلا عجب
أن طار ليل وصبح دون الظلم
أصبحت ثاني زين العابدين تقى
ولا مال لي أبدًا بين التيجان
آمل أنكم نحو كتاب الله قد وعوا
إذ كنت أجله بحفظ أبنائي
وقمت للله والأجفان قد رقدت
لتشرق الدياجي بتسبيح وقرآن
أشبهت جدّك في سر وفي علن
لكنني فخرت فوق كعب وحسان
عندما مدحت ما فيكم من صفاتكم
شعر قوافي قد ذلت بعد سطوة
ورمت مدح سواكم، خذوا الأمر مني
يا ويك، قصر أكفر بعد الإيمان
فنعت فيكم بروحي وإخلاصي بحبكم
وارحموني إذا ألبست أكفاني
قصيدة من يشتري لي أشجان
يقول ابن سناء الملك:
من يشتري لي أشجانًا
أُضيفها للأحزان
أُشعلها بنيران
على فؤاد حرّان
وهو فؤادي الحيران
ويستحق الألوان
من النوى والهجران
فاض من غصن البان
وذهب عنه أوبان
كفعل رضوان
إذا بات وهو وسنان
ففر منه غضبان
وفارقته الولدان
وأصبح ملكي مهدور
فظللت لا أستطيع
توثّقًا واطمئنانًا
من حرقةٍ وحِرمان
فسرقته الجيران
بل انتزعته العقاب
فابكوا معي يا إخوان
راح وترك الأصدقاء
قد قسا، وطالما راعى
فقد رحل كل ولهاان
من الهموم وملآن
وللهموم استبداد
وفي الحشا حرّان
وتاب كل نادمان
وحصنت في الأجدان
طير بنات وردان
واخرست للعيدان
فصاحة وألحان
وانهد ذلك البنيان
لا عجبًا أن الأوطان
تخرّب بعد السكان
وأين، أين السلوى
وكيف، كيف النسيان
مالي على ذا سلطان
ولا على ذا أعوان
بل لي عليه عينان
تذري الدموع عقاب
سبحان ربي سبحان
خالق غصن ريحان
يحمل ألف بستان
من الرواء ريان
الحسن فيه طوفان
والبدر منه غيران
وكل يوم في شان
من الجمال الفتّان
وحسن والإحسان
كلّ منها صديقان
ووجهه كالإيمان
أشرقت فيه البراهين
ويلي عليه ويلي
لو كانت الفيلة قد خانت
لكان أمري قد هان
لكن قلبي الخوان
حمَل فعل الفتيان
وباعه بالخسران
ما كنتُ فيه إنسان
ورحت عنه عطشان
كمن يتلو ذلك الخفقان
ما كان ليت لا كان
قصيدة أولوع، وغربة وسقامت
يقول أبو الحسن بن حريق:
أولوع وغربة وسقام
إن مثلي لفِي عذاب شديد
هكذا الحب، لا كدعوى الناس
حدّثوا بالهوى على التقليد
يا قريب وداعًا غير بعيد
وبعيد الوصال غير بعيد
ما رأينا من قبل جسمك جسمًا
من لُجين وقلبه من حديد
أتقي أن يذوب من جانبيه
حين يمشي بتثاقلٍ في البرد
أترى إن قَضيتُ فيك اشتياقًا
أتصلّي على غريبٍ شهيد؟