لقد أرسل الله الرسل لهداية البشرية إلى الطريق الصحيح ومنعهم من ارتكاب المعاصي والذنوب، وكان من بين هؤلاء الرسل سيدنا موسى عليه السلام، الذي أُرسل إلى فرعون المتعالي الذي ادعى للناس أنه الرب الأعلى.
كانت النهاية المأساوية لفرعون هي غرقه في البحر برفقة جنوده، بينما نجا موسى عليه السلام ومن اتبعه. ولكن يبقى السؤال: أين غرق فرعون وجنوده؟ وما أسباب غرقهم؟ سنحاول الإجابة على هذه التساؤلات في هذا المقال، فتابعوا معنا.
سيرة سيدنا موسى عليه السلام
- قبل أن يُولد سيدنا موسى عليه السلام، أبلغ المنجمون فرعون أنه سيكون هناك طفل سيقضي عليه وعلى مُلكه.
- ونتيجة لذلك، أصدر فرعون أمرًا بقتل كل طفل ذكر يُولد.
- عندما وُلِد سيدنا موسى عليه السلام، خشيت والدته من أن يقتله فرعون.
- فتلقّت وحيًا من الله سبحانه وتعالى أن تُرضعه ثم تُلقيه في اليم.
- وعلى هذا النحو، قامت والدته بذلك وطلبت من أخته أن تتابعه.
- عندما جرى موسى في النهر، انتهى به المطاف إلى بيت فرعون.
- التقطه جنود فرعون، وكان عازمًا على قتله، لكن زوجة فرعون تدخلت وأرادت أن تتبناه.
- نشأ موسى في بيت فرعون حتى كلمه الله وأمره بدعوة الناس لعبادته وتحذير فرعون.
- أصبح موسى عدوًا لفرعون، وفي أحد المرات طارده فرعون وجنوده حتى وصلوا إلى البحر، حيث وقعت المعجزة الشهيرة بشق البحر لموسى وأتباعه، بينما انغلق البحر على فرعون وجنوده.
للمزيد من المعرفة، تابعوا القراءة:
أين غرق فرعون وجنوده؟
- يقول الله -تعالى- في كتابه الكريم (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ) صدق الله العظيم.
- تشير الكلمة اليم إلى البحر أو النهر.
- وقد زُعم أن اليم المشار إليه في الآية هو بحر يُعرف باسم بحر إساف، الذي يقع خلف مصر.
- ومن جهة أخرى، يقال إن فرعون وجنوده قد غرقوا في بحر القلزم، وتحديدًا في منطقة تُسمى بطن مريرة.
- تجدر الإشارة إلى أن دعوة سيدنا موسى عليه السلام كانت موجهة لأهل مصر، واستمرت لمدة تقارب أحد عشر شهرًا.
- هناك أيضًا أقوال تدعي أن غرق فرعون وجنوده حدث في نهر النيل.
- ومع ذلك، أشار العديد من العلماء إلى أن الغرق حدث في البحر الأحمر.
- عندما شهد الله ظلم فرعون وكفره، بعد أن أثبت له كل الأدلة لم يصدق، أمره الله بالخروج من مصر مع أتباعه.
- وبالفعل، جمع موسى قومه وترك مصر، إلا أن فرعون وجنوده علموا بذلك وتبعوهم حتى وصلوا إلى البحر الأحمر.
- هناك، أوحى الله إلى موسى بشق البحر بعصاه ليكون طريقًا لهم.
- بعد عبور بني إسرائيل، طاردهم فرعون وجنوده فاختفى الطريق وغرقوا.
- للمزيد من الوضوح، تردد فرعون في البداية، ولكنه خشِي أن يُظهر له جنوده ذلك، مما دفعه إلى العبور في النهاية.
- بعض الروايات تشير إلى أن الله أرسل سيدنا جبريل ليدفعه على العبور.
- وبعدما عبر، اختفى الطريق وغرق فرعون وجنوده.
نجاة بدن فرعون بعد الغرق كعبرة
- بعد غرق فرعون، أراد الله أن يكون عبرةًا للناس.
- لذا، نجى الله جثته بعد موته وإلقائها على شاطئ البحر.
- وذلك لكي يتأكد الجميع من موت فرعون وغرقه، كما جاء في قوله -تعالى-(فَاليَومَ نُنَجّيكَ بِبَدَنِكَ) صدق الله العظيم.
- ومع ذلك، يُشير بعض المفسرين إلى أن فرعون قد نجا من الموت، وهو تفسير خاطئ حيث تشرح الآيات تفاصيل غرقه واللحظات الأخيرة في حياته.
- كما توضح الآيات أن فرعون حاول العودة إلى الله وآمن به عندما أدرك نهايته، لكن الله رد عليه قائلاً(الْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ).
- هذا يبين بوضوح أن الله لم يقبل إيمانه وأغرقه بالفعل، وأن جسده فقط نجا بعد موته.
- كان الهدف من ذلك هو التأكد من موت فرعون أمام بني اسرائيل الذين كانوا يعتقدون أنه إله.
- لذلك، أراد الله أن يثبت لهم موته بإلقاء جثته على مكان مرتفع حتى يراها الناس ويتيقنوا من صدقهم.
- كما ذكر ابن عباس، وكان المقصد هو توضيح نهاية فرعون ليحصل بني إسرائيل على العبر.
غرق فرعون وأسباب حدوثه
- لقد تجاوز فرعون في كفره وطغيانه حتى ادعى أنه إله.
- استمر على هذا الحال حتى بعد دعوة سيدنا موسى له والتي أخبرته بالحق والباطل.
- كما تآمر فرعون على قتل سيدنا موسى وكل المؤمنين به.
- فضلاً عن ذلك، فقد استهزأ الأنبياء وادعى أنه إله.
- وعندما طارد فرعون وجنوده موسى حتى البحر، أوحى الله لموسى بضرب البحر بعصاه ليظهر طريقاً للمسلمين.
- وعند محاولة فرعون وجنوده المرور، اختفى الطريق وغرقوا في البحر.
- كان هذا دليلاً على ضعف فرعون وعجزه عن إنقاذهم.
- كما دون الله ذلك في كتابه حيث قال (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ).
- كانت هذه نهاية كل ظالم يمعن في الطغيان والإفساد في الأرض.
الدروس المستفادة من غرق فرعون وجنوده
- أفاد الإمام ابن تيمية أن قصة سيدنا موسى وفرعون ليست مجرد سرد عشوائي، بل تحمل معاني عظيمة.
- لقد تكررت في القرآن الكريم لتكون عبرة للمعتبرين.
- تظهر هذه القصة الصراع بين الخير والشر، بين الحق والباطل، وبين الإيمان والكفر.
- سيدنا موسى يمثل الخير والحق، بينما فرعون يمثل الشر والباطل.
- تقدم القصة تحذيرًا لكل طاغية مستكبر في الأرض.
- كما تبرز عاقبة الظالمين الذين يكفرون بالله ورسوله، حيث أن كل ظالم يعاقبه الله بالهلاك.
- هذا الأمر يعكس أن كل ظالم ستؤول نهايته إلى ما انتهى إليه فرعون.
- علاوة على ذلك، تُظهر هذه القصة قدرة الله الفائقة والعظيمة في إدارة الأمور، بدءًا من نجاة موسى إلى غرق فرعون.
- لقد حفظ الله موسى من الغرق وهو طفل، ثم أنقذه وأتباعه من الخطر، بينما أغرق الله فرعون في النهاية.
تاريخ غرق فرعون وجنوده
- حدث غرق فرعون وجنوده في يوم عاشوراء.
- لذا، يصوم اليهود هذا اليوم احتفالاً بغرق فرعون وهلاكه.
- استبشرهم بنجاة نبي الله موسى من بطش فرعون.
- عندما سأل النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن سبب صيام هذا اليوم، قال: (فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بمُوسَى مِنكُم).
- وبالتالي، صام النبي محمد صلى الله عليه وسلم هذا اليوم وأصبح سنة للأمة الإسلامية.
دعوة سيدنا موسى عليه السلام
دعوة سيدنا موسى عليه السلام إلى فرعون وجنوده تُشكل جزءًا أساسيًا من قصة موسى في القرآن الكريم. إليكم ملخصًا لهذه القصة:
- دعوة موسى: عندما أنزل الله تعالى الرسالة على سيدنا موسى عليه السلام، أرسله إلى فرعون لدعوة القوم لعبادة الله وحده وترك الطغيان. قال الله لموسى: “اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ” (سورة النازعات: 17)
- معجزات موسى: دعم الله موسى بالمعجزات لإثبات صدق رسالته، مثل العصا التي تتحول إلى ثعبان ويده التي تخرج بيضاء من دون سوء.
- موقف فرعون: استكبر فرعون وعارض دعوة موسى، ورفض الإيمان بالله، مدعيًا أنه هو الإله. قال فرعون لموسى: “مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي” (سورة القصص: 38)
عقوبة فرعون وجنوده
- العقوبة التي أُنزِلَت على فرعون وجنوده تمثلت في غرقهم في البحر الأحمر. بعد أن تبعوا بني إسرائيل في محاولة لإطاحتهم، وجدو أنفسهم تحت أمواج البحر فغرقوا جميعًا.
- جاء ذكر حادثة غرق فرعون وجنوده في عدة آيات من القرآن، أبرزها قوله تعالى: “فَأَغْرَقْنَا فِرْعَوْنَ وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ” (الشعراء: 66).
- كان هذا الإجراء نتيجة لتكبر فرعون وعصيانه لله وعدم تصديقه برسالة سيدنا موسى، على الرغم من مشاهدته للمعجزات العديدة.
معجزة انفلاق البحر
- انفلاق البحر الأحمر هو واحد من المعجزات الكبيرة التي وقعت بيد نبي الله موسى عليه السلام. بعد أن تبع فرعون وجنوده بني إسرائيل وهم في طريقهم للخروج من مصر، أمر الله موسى بضرب البحر بعصاه، ففلق البحر إلى جانبين، وعبر بني إسرائيل بأمان.
- قال تعالى: “وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ” (البقرة: 50).
- بعدما انشق البحر إلى جانبين، عبر بني إسرائيل بأمان، بينما حاول فرعون وجنوده العبور، لكن المياه اجتاحتهم وغرقوا.
