شعر الغزل
شعر الغزل هو نوع من الشعر يركز على تقديم وصف المحبوبة من خلال إبراز جمالها ومحاسنها، حيث يتم تسليط الضوء على روعتها وجمال صفاتها. ويتضمن هذا النوع من الشعر نوعين رئيسيين؛ الغزل العذري الذي يعبر عن عواطف نقية، والغزل الصريح الذي يتميز بجرأة أكبر في التعبير. وقد احتل شعر الغزل مكانة بارزة عبر مختلف العصور، بما في ذلك العصر الجاهلي، والأموي، والإسلامي، والأندلسي، وصولًا إلى العصر الحديث.
غزلت بابك اللهم فامنن بنصرة
مدثر بن إبراهيم بن الحجاز هو شاعر سوداني معروف، قام بأداء مناسك الحج سنة 1298م، وكان لقبه “ابن الحجاز” بسبب تردده المستمر على المناطق المقدسة. بالإضافة إلى موهبته في الشعر، كان يتمتع بمهارة الكتابة. ومن ضمن قصائده الجميلة في مجال الغزل، نجد القصيدة التالية:
غزلت بابك اللهم فامنن بنصرة
وحسن نوال واتصال ووصلة
وهبني متابا بعد ما قد جرى من الذنوب
ومن حال الضلال وشقوتي
وجمل بتقواك العظيم وبالهدى
وحسن جمال باتباع الشريعة
وحسن وقار واحترام وهب من الغرام
وحسن الحب أعذب شربة
وهب حسن إيقان وحسن مسالك
مقدسة عن كل ريب وشبهة
وهب ديم العبرات في كل برهة
بحب وإيمان وشوق وخشية
وهب درر الأقوال في طيب الثنا
وشكرك ربي في العشي وبكرة
وهب جملا من حسن رفدك سيدي
ومن خلع الإيمان أشرف حلة
ومن حسن إحسان الجناب ملابسا
نحوز بها الزلفى بدنيا وأخرة
وندخل في الحزب العظيم الذي حظى
بخير خطاب واتصال بحضرة
ويهمى سحاب اليمن بالأمن والهنا
علينا بمحض الفضل في كل برهة
وندرج في الدرج الذي في سادة
تساموا بإكرام لأرفع رتبة
وفازوا بدوم الذل في الباب وارتقوا
لخير فناء مع بقاء برحمة
ودارت عليهم من لدن حضرة البقا
كؤس الرضا مع زمرة خير زمرة
وفازوا بفوز لا يعبر إذ حظوا
بنظرة إسعاد وطيب نضرة
هنيئاً وطوبى للكرام وحبذا
منالهم في هذه وبجنة
بهذى حظوا بالحب والشوق والشهود
مع شهد عرفان ومنهاج سنة
وفي تلك فازوا بالوصال وفوق ما
يروموا من آلالا وإدمان منة
إلهي بهم هبنا لهم وتولنا
دواما وق الباسا باحصن جنة
وصلى على خير العباد وآله
وسلم وهبنا منهم خير وصلة
ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي
امرؤ القيس هو جندح بن حجر بن الحارث، يُعد من أعظم شعراء العرب، ولد في نجد لقبيلة كندة وأمه فاطمة بنت ربيعة. كان يعتنق الديانة الوثنية، ويعد من كتّاب المعلقات، حيث أسهم في رفع مستوى الشعر العربي إلى آفاق جديدة. ومن أبرز قصائده في مجال الغزل القصيدة التالية:
ألا عِمْ صَبَاحاً أيّهَا الطّلَلُ البَالي
وَهل يَعِمنْ مَن كان في العُصُرِ الخالي
وَهَل يَعِمَنْ إلا سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ
قليل الهموم ما يَبيتُ بأوجالِ
وَهَل يَعِمَنْ مَن كان أحدثُ عَهدِه
ثَلاثِينَ شهراً في ثَلاثَة ِ أحوَالِ
دِيارٌ لسَلمى عَافِيَاتٌ بذِي خَالِ
ألَحّ عَلَيها كُلُّ أسْحَمَ هَطّالِ
وتحسبُ سلمى لا تزالُ ترى طَلا
من الوَحشِ أوْ بَيضاً بمَيثاءِ مِحْلالِ
وتحسِبُ سلمى لا نزالُ كعهدنا
بوَادي الخُزَامى أوْ على رَسّ أوْعالِ
لَيَاليَ سَلَمى إذْ تُرِيكَ مُنْصَّباً
وجيداً كجيد الرئم ليس بمعطال
ألا زعمت بسبابة ُ اليوم أنني
كبرت وأن لا يحسنُ اللهو أمثالي
كَذَبتِ لَقَد أَصبى عَلى المَرءِ عِرسُهُ
وَأَمنَعُ عِرسي أَن يُزَنَّ بِها الخالي
وَيَا رُبّ يَوْمٍ قَد لهَوْتُ وَلَيْلَة ٍ
بِآنِسَة ٍ كَأنّهَا خَطُّ تِمْثَالِ
يُضيءُ الفِراشُ وَجهَها لِضَجيعِها
كَمِصباحِ زَيتٍ في قَناديلِ ذَبّالِ
كأنَّ على لباتها جمرَ مُصطل
أصاب غضى جزلاً وكفِّ بأجذال
وَهَبّتْ لهُ رِيحٌ بمُخْتَلَفِ الصُّوَا
صباً وشمال في منازلِ قفّال
ومِثْلِكِ بَيضاءِ العوارِضِ طَفْلة ٍ
لعوبٍ تُنَسِّيني إذا قُمتُ سِربالي
إذا ما الضجيعُ ابتزها من ثيابها
تَمِيلُ عَلَيهِ هُونَة ً غَيرَ مِجْبالِ
كحِقْفِ النَّقَا يَمشِي الوَليدَانِ فوْقَه
بما احتسبا من لين مس وتسهال
لَطِيفَة ُ طَيّ الكَشْح غيرُ مُفَاضَة
إذَا انْفَتَلَتْ مُرْتجّة غَيرَ مِثقالِ
تنورتها من أذرعاتٍ وأهلها
بيَثْرِبَ أدْنى دَارِهَا نَظَرٌ عَالِ
نَظَرتُ إِلَيها وَالنُجومُ كَأَنَّها
مَصابيحُ رُهبانٍ تَشُبُّ لِقَفّالِ
سَمَوتُ إِلَيها بَعدَ ما نامَ أَهلُها
سُموَّ حَبابِ الماءِ حالاً عَلى حالِ
تكاد بلاد الله يا أم معمر
قيس بن ذريح الليثي هو شاعر غزل عربي من أهل الحجاز، تزوج محبوبته لبنى لكنهما انفصلوا بعد فترة قصيرة. تزوج لبنى برجل آخر، ولكن بعد طلاقها عادت إلى قيس الذي توفي بسبب حزن تفاقم على فقدانها في سنة 61 هـ. ومن شعره في الغزل نجد ما يلي:
تَكَادُ بِلاَدُ الله يا أمَّ مَعْمَرٍ
بِمَا رَحُبَتْ يَوْماً عَلَيَّ تَضِيقُ
تُكَذِّبني بالوُدِّ لُبْنَى وَلَيْتَها
تُكَلِّفُ منِّي مِثْلَهُ فَتَذُوقُ
وَلَوْ تَعْلَمِينَ الغَيْبَ أيْقَنْتِ أنّني
لَكُم والهدايا المُشعَرات صديقُ
تتوقُ إلَيكِ النفسُ ثمَّ أرُدُّها
حَياءً ومِثِلي بالحَياءِ حَقيقُ
أذودُ سوام الطرف عنكِ وما لهُ
عَلى أَحَدٍ إلاّ عَلَيْكِ طَرِيقُ
فإني وإن حالتِ صَرمي وهَجِرتَني
عَلَيْكِ مِنَ کحْدَاثِ الرَّدَى لَشَفِيقُ
وَلَمْ أَرَ أَيَّاماً كَأَيَّامِنَا الّتي
مَرَرْنَ علينا والزَّمَانُ أنِيقُ
وَوَعْدُكِ إيّانا وَلَوْ قُلْتِ عَاجِلٌ
بَعيدٌ كَما قَدْ تَعلَمينَ سَحيقُ
وَحَدَّثْتَني يا قَلْبُ أنَّكَ صَابِرٌ
على البينِ مِن لُبنى فَسوفَ تَذُوقُ
فَمُتْ كَمَداً أو عِشْ سَقيماً فإنما
تُكَلِّفُني ما لا أَرَاكَ تُطِيقُ
أطَعْتَ وُشاة ً لم يَكُنْ لَكَ فِيهِمُ
خَليلٌ ولا جارٌ عَلَيْكَ شَفيقُ
فإنْ تَكُ لَمّا تَسْلُ عَنْها فإنَّني
بها مُغْرَمٌ صَبُّ الفُؤَادِ مَشُوقُ
يَهيجُ بِلُبنى الداءُ مِنِّي وَلَمْ تَزَلْ
حُشَاشَة ُ نَفْسِي لِلْخُرُوجِ تَتُوقُ
شَهِدْتُ على نَفْسي بِأَنَّكِ غادَة ٌ
رَدَاحٌ وأنَّ الوَجهَ مِنكِ عَتِيقُ
وَأنَّكِ لا تَجزَينَني بِصَحَاَبة ٍ
وَلاَ أَنَا للهِجْرَانِ مِنْكِ مُطِيقُ
وأنَّكِ قَسَّمتِ الفُؤَادَ فَنِصفُهُ
رَهِينٌ وَنِصْفٌ في الحِبَالِ وَثِيقُ
صَبُوحِي إذا ما ذَرَّتِ الشَّمسُ ذِكرُكُمْ
ولي ذِكْرُكُمْ عِنْدَ المَسَاءِ غَبُوقُ
إذا أنا عَزَّيتُ الهوى أو تَرَكتُهُ
أتَتْ عَبَراتٌ بالدُّمُعِ تَسُوقُ
كَأَنَّ الهَوَى بين الحَيَازِيمِ والحَشَا
وَبَيْنَ التَّرَاقي واللّهاة ِ حَرِيقُ
فإن كُنتِ لِمَّا تَعلَمي العلمَ فاسألي
فَبَعْضٌ لِبعضٍ في الفَعَالِ فَؤُوقُ
سَلي هَلْ قَالني مِنْ عَشيرٍ صَحِبتُهُ
وَهَلْ مَلَّ رَحْلِي في الرّفاقِ رَفِيقُ
وَهَل يَجتَوي القَوْمُ الكرامُ صَحَابتي
إذا اغبَرَّ مَخشيُّ الفِجَاجِ عَمِيقُ
وأكْتُمُ أسْرَارَ الهَوَى فأُمِيتُها
إذا باح مزّاحٌ بِهِنَّ بَرُوقُ
سَعَى الدَّهرُ والواشونَ بَيني وبَينَها
فَقُطِّعَ حَبْلُ الوَصْلِ وَهْوَ وَثِيقُ
هَلِ الصَّبْرُ إلا أن أَصُدَّ فلا أُرَى
بِأرضِكِ إلاَّ أَنْ يَكُونَ طَريقُ
أريدُ سُلُوّاً عَنْكُمُ فَيَرُدُّني
عَلَيْكِ مِنَ النَّفْسِ الشَّعَاعِ فَرِيقُ
يجوز أن تكوني
نزار قباني هو شاعر وسفير سوري معاصر وُلد في دمشق يوم 21 مارس عام 1923م وتوفي في 30 أبريل 1998م. ترك وراءه تراثاً شعرياً مكوناً من 35 ديواناً وكتاباً. ومن أبرز قصائده في مجال الغزل ما يلي:
يجوز أن تكوني
واحدةً من أجمل النساء..
دافئةً..
كالفحم في مواقد الشتاء..
وحشيةً..
كقطةٍ تموء في العراء..
آمرةً.. ناهيةً
كالرب في السماء..
يجوز أن تكوني
سمراء.. إفريقية العيون.
عنيدةً..
كالفرس الحرون..
عنيفةً..
كالنار، كالزلزال، كالجنون..
يجوز أن تكوني..
جميلةً، ساحقة الجمال..
مثيرةً للجلد، للأعصاب، للخيال..
وتتقنين اللهو في مصائر الرجال..
يجوز أن تضطجعي أمامي..
عاريةً..
كالسيف في الظلام..
مليسةً كريشة النعام..
نهدك مهرٌ أبيضٌ
يجري..
بلا سرجٍ ولا لجام..
يجوز أن تبقي هنا..
عاماً وبعض عام..
فلا يثير حسنك المدمر اهتمامي..
كأنما..
ليست هناك امرأةٌ.. أمامي..
يجوز أن تكوني
سلطانة الزمان والعصور..