قصيدة وجه أمي
- يقول الشاعر رياض بن يوسف:
أماه، أعذريني فقد استبد بي الضجر،
وما زال يرجوني الشوق والصبر.
أماه، أعذريني، فقد خذلني حلمي،
وأصبح الثمر كئيبًا في أغصانه.
أماه، أعذريني، فالدرب قد ألم بي،
ومزق خطواتي الشوك والحفر.
أماه، أعذريني، فقد عانى المدى من الظلام،
إذ أصبح قابعًا تحت أثقال الأرض.
ماذا أستطيع أن أغني، وقد انتهت حنجرتي؟
وقد تلاشت الآهات والوتر.
ماذا بإمكاني أن أكتب سوى كلمات هزيلة؟
فقد غمر الدجى آمالي وأخفت الصور.
لا نور يسعفني إلا أنت، يا نور حياتي،
من عينيك تتهادى أشعّة الضوء إلى قلبي.
لا يوجد نور سواك في هذا العالم المزيف،
تبكي على كاهلي الشمس والقمر.
أماه، أعذريني، فالله شاهد على قلبي،
هل يمكن أن أنسى غيم المطر؟
هل يمكن للسمكة الفضية أن تترك موطنها؟
هل يهجر النهر مجراه، ثم يختفي؟
أماه، ما زلتِ منبعًا يروي قلبي،
ولا زالت قطراتك تسقط عليّ بغزارة.
وأنا لا أزال طفلًا صغيرًا،
مخطئًا في عالم يتوسل الاعتذار.
أماه، أعذريني، بل ألف مرة أعذريني،
فقد جف حبر قلمي وتلاشى قلبي.
ضمي إليكِ، واحتضني وجهي،
لكي ينتهي في أحضانيكِ هذا السفر.
قصيدة العيشُ ماضٍ، فأكرِمْ والدَيكَ بهِ
- يقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
العيشُ ماضٍ، فأكرم والدَيك به،
والأم أولى بالإكرام والإحسان.
فقد حظيت بحملها وإرضاعها،
وذلك أفضل جزاء لكل إنسان.
احذر الملوك، واستسلم لطاعتها،
فالمملكة للأرض كالمطر في زهره.
إن ظلموا، فلهم نفع يُعاش به،
كم من حولٍ شريرين عانقتني بسيف.
هل خلت من الجور والمظالم،
أرباب فارس أو أرباب غسان.
الخيل اذا سُوّمت، تُسار، وما خُصصت،
إلا بلجم تُعانيها وأرصاد.
قصيدة إلى أمي
- يقول الشاعر محمود درويش:
أشتاق إلى خبز أمي،
وقهوة أمي،
و إلى لمسة أمي،
وتكبر في طفولتي،
يوما على صدر يوم،
وأعشق حياتي لأنني،
إذا متُ،
أخجل من دمع أمي!
خذيني، إذا عدت يومًا،
وشاحًا لهدبك،
وغطّي عظامي بعشب،
تطهر من كعبك،
وشدّي وثاقي،
بخصلة شعر،
أو بخيط يتلألأ في ذيل ثوبك،
عسانا نصير آلهة،
آلهة نصير،
إذا ما لمست قرارة قلبك!
ضعيني إذا ما عدت،
وقودًا في تنور نارك،
وحبل غسيل على سطح دارك،
لأني فقدت الوقوف،
بدون صلاة نهارك.
هرمت، فردّي لي نجوم الطفولة،
لكي أشارك،
صغار العصافير،
درب الرجوع،
لعش انتظارك.
قصيدة جيكور أمي
- يقول الشاعر بدر شاكر السياب:
تلك أمي، وإن أتيتُها كسيحًا،
لوثت أزهارها والماء والتراب.
ونافضًا بمقلتي أعشاشها والغاب،
تلك أطيار الغد الزرقاء ترفرف فوق السطوح.
أو تنشر في التأمل جناحيها كزهرة تفتح الأفواه،
ها هنا، حيث تم اللقاء عند الضحى.
وكانت الشمس على شفتيها تكسر الظلال،
وتسكب النور.
كيف أمشي وأجوب تلك الدروب الخضر؟
أطرق الأبواب.
أطلب الماء، فتأتيني جرة من الفخار،
تعرق بجودتها حلوة قطرة بعد قطرة.
تمتد الجرة لي يديك، تنشران حول رأسي الطيبات.
هل تلك أم وثيقة أم إقبال؟
لم يبق لي سوى أسماء.
من هوى مر كالرعد في سمائي،
بلا ماء.
كيف أمشي وخطواتي ممزقة، كعمود،
ملح يمشي.
أهي عامورة الغوية، أم سدوم؟
هيهات، إنها جيكور.
جنة كان الصبي فيها، ولكن ضاعت كضياع زهراتها.
آه لو أن السنين السود قمح أو زهور.
فوق ظهري حملتهن، لألقيت بحملي، فنفضت جيكور،
عن شجيراتها التراب الذي يغشيها.
وعانقت معزفي ملتاعًا،
يجهش الحب بلحن، فلحن.
وأنتظار فوداع.
آه لو أن السنين الخضر عادت حين كنا،
لم نزل بعد فتيين.
لقبلت ثلاثًا أو رباعًا،
وجنتي هالة، والشهر الذي نشر أمواج الظلام.
في سيول من العطور، التي تقودني إلى أعماق جوانحي،
ولقبلت برعم الموت ثغرًا.
وأوصلتك، يا إقبال، في ليلة رعد ورياح.
حاملًا فانوسي الخفّاق، تمتد الظلال،
أو تتقلص حين تهتز في ذلك السكون.
ذلك الصمت سوى قعقعة الرعد،
سوى خفق الخطى بين التلال.
وحفيف الريح في ثوبك، أو هواء الليل يمشي بين
الأغصان،
ولعانقتك عند الباب، وما أقسى الوداع.
أوه، لكن الصبى ولّى وضاع،
وبعد ذلك، فالصبا والزمن لن يعودا.
فقري، يا ذكريات، ونامي.
قصيدة الأم
- يقول الشاعر كريم معتوق:
أوصى بك الله، كما أوصت بك الصحف،
والشعر يقترب بخوف ثم ينصرف.
ما قلت، والله، يا أمي بقافية،
إلا وكان مقامًا فوق ما أصف.
يخضر، حقل حروفي حين يحملها،
غيم لأمي عليه الطيب يُقطف.
والأم مدرسة، قالوا، وقلت بها:
كل المدارس ساحات لها تقف.
ها جئت بالشعر، أدنيها لقافيتي،
كأنما الأم في اللاوصف تتسابق.
إن قلت في الأم شعرًا، قام معتذرًا،
ها قد أتيت أمام الجمع، أعترف.
قصيدة نشيدة الأم
- يقول الشاعر ماجد البلداوي:
أمي، سيدتي في الروح والعمر،
يافيض حنان.
يا سورة رحمن في إنسان،
يا قدس يمنح للجنة كل فتوتها.
ويلون تاريخ الأشياء بلمسة إيمان،
يا أمي، كيف أسطر حرفي؟
هل تكفي عنك قصيدة واحدة،
أو ديوان؟
أنتِ نبية حزني وفرحي،
عاصمة الأحزان.
يا أكبر من كل حروفي،
ومن كل أناشيدي.
يا أكبر من نافذة المغفرة،
قد أعطاك الله ويعطيك الحكمة، ويعطيك السلوى.
سأقبل أسفل قدميك القدسيين،
كي أحظى بالجنة.
يا سيدة الحب وعاصفة الوجدان،
أستغفرك الآن، وطلب غفرانك.
أطلب غفران الله على كفيك،
فامطري الغيم،
وشدّي أزري،
أزرَ الروح.
روحي متعبة، وخطاي خفيفة،
يطؤها الحرمان.
وأنا ما زلت أنا،
أحبو تحت ظلال الدهشة.
اتلو ما يتيسر لي من شغف أو أحزان.
أمي، يا كل جنان الأرض،
يا أكبر عنوان،
آه، كيف أسدّد كل ديوني نحوك؟
وأنا هنا، خطوة أو خطوتان.