يُعتبر نبي الله عيسى ابن مريم من آخر أنبياء بني إسرائيل، ويتبعه في الترتيب نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، الذي يُعد خاتم الأنبياء والرسل. وقد منح الله سبحانه وتعالى نبيه عيسى مجموعة من المعجزات الفريدة التي لم تُوهب لأي نبي آخر.
جاء نبي الله عيسى إلى الحياة بمعجزة عظيمة، فقد وُلِد من السيدة مريم بدون أب. في هذا المقال، سنتناول موضوع دفن سيدنا عيسى وقصته ومعجزاته بشكل مفصل.
حمل السيدة مريم بسيدنا عيسى
تعد قصة حمل وولادة سيدنا عيسى عليه السلام من القصص الاستثنائية التي لم تحدث من قبل، وسنتعرف عليها هنا بالتفصيل:
- كانت السيدة مريم عليها السلام تقضي معظم وقتها في التعبد داخل المعبد، حيث كانت تُخصص وقتًا كبيرًا لمحرابها.
- في أثناء فترة حيضها، كانت السيدة مريم تذهب إلى منزل خالتها، ومن ثم تعود لتكمل عبادتها بعد التطهر.
- في يوم من الأيام، انتقلت السيدة مريم إلى مكان بعيد عن بيتها في الجهة الشرقية لتتطهر.
- بعد الانتهاء من الاغتسال، وفيما كانت تخرج، ظهر أمامها رجل ذو وجه جميل وأخلاق عالية.
- هذا الرجل كان سيدنا جبريل عليه السلام، والذي تجسد في صورة بشر لكي لا تُخاف السيدة مريم ولتتمكن من الحديث معه بطمأنينة.
- قال الله تعالى: ((اذكُر فِي الكِتابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِها مَكانًا شَرقِيًّا* فَاتَّخَذَت مِن دُونِهِم حِجابًا فَأَرسَلنا إِلَيها روحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا)).
- عندما رأت السيدة مريم جبريل، شعرت بالخوف والرعب.
- بدأت تذكر الله مرارًا وتكرارًا لكي يحميها، لكن جبريل بدأ يهدئ من خوفها.
- أخبرها جبريل بأن الله سبحانه وتعالى يُبشرها بحملها بطفل، وقد قُضي الأمر بأمر الله عز وجل.
- قال الله سبحانه وتعالى: ((قالَت إِنّي أَعوذُ بِالرَّحمنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا* قالَ إِنَّما أَنا رَسولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا)).
للمزيد من المعلومات:
استمرار حمل السيدة مريم بسيدنا عيسى
- كانت السيدة مريم غير متزوجة، وقد حافظت على عفتها وطهارتها.
- وفي يوم كان جبريل عليه السلام قد أُرسل إلى السيدة مريم ليقوم بالنفخ في جيب ثيابها، مما أدى إلى حملها بإذن الله عز وجل، لتكون آية ومعجزة للبشرية جمعاء.
- قال الله تبارك وتعالى: ((وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ)).
- أصبح حمل السيدة مريم مُغلقًا بقدر لا يعرفه أحد ولم يُذكر في الوحي تفاصيل هذا الأمر، لكن آمن الناس بحقيقته.
- قال الله تبارك وتعالى: ((قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّـهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ)).
- كانت مريم وما زالت مثالًا يُحتذى به في الطهارة والعفة، مما جعل الله سبحانه وتعالى يرفع من مكانتها ويميزها بمعجزة لم تحدث من قبل.
- هذا يعد أيضًا دليلاً على قدرة الله تعالى على كل شيء، حيث إنه عندما يأمر بشيء، يكون كما أراد.
- وفي أحد الأيام، شعرت السيدة مريم بآلام الولادة، فتوجهت نحو نخلة لتستند عليها.
- بينما هي تشعر بألم المخاض، خطر في بالها كيف سيتهمها الناس في عفافها، فتمنت الموت قبل رؤية ذلك.
- قال الله تعالى: ((فَأَجاءَها المَخاضُ إِلى جِذعِ النَّخلَةِ قالَت يا لَيتَني مِتُّ قَبلَ هـذا وَكُنتُ نَسيًا مَنسِيًّا* فَناداها مِن تَحتِها أَلّا تَحزَني قَد جَعَلَ رَبُّكِ تَحتَكِ سَرِيًّا)).
استمرار حمل السيدة مريم بسيدنا عيسى
- سرعان ما وضعت السيدة مريم سيدنا عيسى عليه السلام، وبعد وقت قصير، سمعت صوتًا ينبعث من تحتها وهو صوت سيدنا عيسى عليه السلام ليهدئ من روعها.
- قال لها لا تحزني واطمئني، واذهبي لتأكلي من الرطب واشربي من النهر حتى تهدأ نفسك.
- أوصاها بالامتناع عن الحديث مع الآخرين حتى لا تتعرض للإحراج، مما يُتيح له تحقيق المعجزة.
- كانت تقول لكل من تلاقيه إنني قد نذرت للرحمن بالصوم عن الكلام.
- وقد ذكر ذلك في كتاب الله العظيم: ((فَكُلي وَاشرَبي وَقَرّي عَينًا فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَدًا فَقولي إِنّي نَذَرتُ لِلرَّحمـنِ صَومًا فَلَن أُكَلِّمَ اليَومَ إِنسِيًّا)).
نبوة سيدنا عيسى عليه السلام
- رسالة سيدنا عيسى عليه السلام كانت امتدادًا لرسالة سيدنا موسى عليه السلام، وقد وجّهت بشكل خاص إلى بني إسرائيل.
- ثم أصبحت عالمية بفضل الإمبراطور قسطنطين والإمبراطور بولس.
- احتوت رسالة سيدنا عيسى على مبادئ هامة، كانت أبرزها دعوته إلى التوحيد ونبذ الشرك.
- قال الله تعالى: ((وَإِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللَّـهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)).
- كان سيدنا عيسى عليه السلام موحدًا على الإسلام وعلى ملة سيدنا إبراهيم عليه السلام.
- الله سبحانه وتعالى أخبرنا في القرآن الكريم بأن سيدنا عيسى من أولي العزم.
- لقد بعث الله سيدنا عيسى كرسول للعالمين للدعوة إلى الإيمان وطاعة الله.
- قال سبحانه وتعالى: ((قالَ إِنّي عَبدُ اللَّـهِ آتانِيَ الكِتابَ وَجَعَلَني نَبِيًّا)).
- بعث الله عز وجل سيدنا عيسى عليه السلام لبني إسرائيل الذين فقدوا دعوتهم على يد سيدنا موسى.
- يوجد في الإنجيل أدلة على نبوة عيسى عليه السلام، حيث ورد فيه: ((ولما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلة من هذا فقالت الجموع هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل)).
- كما ذُكر في الإنجيل أيضًا: ((ولما سمع رؤساء الكهنة والفريسيون أمثاله عرفوا أنه تكلم عليهم وإذ كانوا يطلبون أن يمسكوه خافوا من الجموع لأنه كان عندهم مثل نبي)).
استمرار نبوة سيدنا عيسى عليه السلام
- أسند الله سبحانه وتعالى إلى سيدنا عيسى العديد من المعجزات، منها:
- إحياء الموتى، وتشكيل الطين بشكل طائر ثم النفخ فيه حتى يصبح طائرًا بإذن الله، وأخبار الناس بما يُخفيه الآخرون.
- قال الله تبارك وتعالى: ((وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)).
- إضافة إلى معجزة المائدة التي نزلت من السماء لسيدنا عيسى والحواريين.
- كما جاء في القرآن الكريم: ((قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)).
أين دفن عيسى عليه السلام؟
في الواقع، سيدنا عيسى عليه السلام لا يزال حيًا حتى يومنا هذا. فيما يلي تفاصيل إضافية حول هذا الموضوع:
- سيدنا عيسى لم يمت، بل رفعه الله إلى السماء، حيث قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: ((وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا، وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا، بَلْ رَفَعَهُ اللَّه)).
- وبهذا رفع الله سيدنا عيسى عليه السلام.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنَّهُ إذا خرج مسيحُ الضَّلالةِ الأعورُ الكذَّابُ نزل عيسَى ابنُ مريمَ على المنارةِ البيضاءِ شرقيَّ دِمشقَ بين مَهْرودَتَيْنِ)).