تشتق كلمة “فلسفة” من المقطعين اليونانيين “فيلو” و”سوفيا”، وعند جمعهما تعني “حب الحكمة”. في هذا السياق، نسلط الضوء على رواد الفلسفة البراجماتية وخصائصها البارزة. تُعتبر الفلسفة البراجماتية إحدى المدارس الفكرية التي نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية القرن التاسع عشر، ومن خلال موقعنا نتناول أبرز ملامح هذا الاتجاه الفلسفي.
مفهوم الفلسفة البراجماتية
الفلسفة، بمفهومها اليوناني، تتعلق بـ”حب الحكمة”، وتهدف إلى فهم الحقائق والمواضيع الأزلية من خلال السعي وراء المعرفة.
أما البراجماتية، فهي تيار فلسفي يسعى إلى تقييم الأفكار والآراء وفقًا لمعايير عملية، حيث تُقيَّم قيمتها بناءً على العواقب التي تترتب عليها.
تعتبر المعرفة وسيلة لتلبية احتياجات الحياة المختلفة، ويُحدد صدق أي فكرة استنادًا إلى فائدتها واستخدامها، ويتبين معنى أي اقتراح أو فكرة من خلال تحقيق النتائج العملية اللازمة لقبولها.
شاهد أيضاً:
أصل كلمة البراجماتية
ترجع أصول كلمة البراجماتية إلى الكلمة اليونانية “براجما”، والتي تم استخدامها كـمصطلح مطبوع قبل أكثر من مئة عام.
كان أول من استخدم هذا المصطلح هو عالم النفس الأمريكي ويليام جيمس عام 1898 في دراسة بعنوان “المفاهيم الفلسفية والنتائج العملية”، والتي أُقيمت في جامعة كاليفورنيا. ومع ذلك، يؤكد جيمس أن صديقه سي إس بيرس هو من قام بصياغة هذا المصطلح قبله بنحو ثلاثين عامًا.
إن إطلاق البراجماتية يُعترف به كمبدأ فلسفي أساسي نشأ في الولايات المتحدة خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر.
شاهد أيضاً:
أشهر رواد الفلسفة البراجماتية
احتضن العديد من الفلاسفة مذهب البراجماتية منذ نشأته، ومن بين أبرز هؤلاء الرواد:
- ويليام جيمس (1842-1910): رائد في مجال علم النفس الحديث ومؤسس مفهوم البراغماتية.
- تشارلز ساندرز بيرس (1839-1914): مُبتكر مصطلح البراغماتية، وعالم منطق ساهم في تطوير علم الحواسيب.
- جورج ميد (1863-1931): أحد مؤسسي علم النفس الاجتماعي.
- جون ديوي (1859-1952): طور فلسفة تجريبية عقلانية ارتبطت بنجاح بمفهوم البراغماتية.
- ويلارد فان كوين (1908-2000): أستاذ بارز في جامعة هارفارد وفاعل أساسي في الفلسفة التحليلية بمستهل القرن العشرين.
- لارنس إيرفينغ لويس (1883-1964): فيلسوف أكاديمي أمريكي، عُرف بمساهماته في البراغماتية المفهومية وأعماله في نظرية المعرفة.
شاهد أيضاً:
الموضوعات التي تهتم بها الفلسفة البراجماتية
خلال الربع الأول من القرن العشرين، كان للفلسفة البراجماتية تأثير كبير على مختلف مجالات الحياة في الولايات المتحدة، بما في ذلك التعليم والسياسة والاجتماع والفن والدين.
ومن الجدير بالذكر هنا أنه لا توجد ديانة براجماتية، بل يُعترف بمبادئها وأفكارها من قبل جميع البراجماتيين. ومع ذلك، يظل صعبًا تحقيق توافق شامل حول هذه الأفكار.
فيما يلي نستعرض بعض الأفكار البارزة التي تتبناها الفلسفة البراجماتية.
أطروحات الفلسفة البراجماتية
يمكن تلخيص الفلسفة البراجماتية بأنها فلسفة نفعية تجعل النتائج معيارًا أساسيًا للحكم. إليك بعض الأطروحات الرئيسية في هذا الإطار:
- ردودهم على نظرية التطور والمثالية: يرى البراغماتيون أن التغيير هو حقيقة لا مفر منها، ويؤكدون على أهمية توجيه هذا التغيير لتحقيق فوائد فردية واجتماعية، الأمر الذي وضعهم في مواجهة انتقادات تتعلق بالمبادئ الأخلاقية.
- يعتبر البراغماتيون أن الأحداث غير المتوقعة تشكل جزءًا لا يتجزأ من الحياة، وأن العمليات الاجتماعية والسلوكية، فضلاً عن القوانين الطبيعية، هي مجرد احتمالات، مما يعني أنه لا توجد حقيقة مطلقة.
- يركز المنهج البراغماتي على أهمية التجربة النقدية المستمرة ويستبعد الاعتبارات الفكرية غير التجريبية من عملية التحقيق النقدي.
- تعتبر القضايا التي لا يمكن تحديد نتائج عملية لها بلا جدوى بالنسبة للمعنى، حيث أشار تشارلز بيرس إلى أن “فهمنا لأي شيء يعتمد على فهمنا لآثاره المنطقية”.
في هذا المقال، استعرضنا النقاط الأساسية المتعلقة بالفلسفة البراجماتية، بدءًا من أصل المصطلح ونشأته، مروراً برواده وأبرز الأطروحات المقدمة. ونؤكد أن الفلسفة تعني بالأساس النفعية، وأن المعيار الأساسي للحكم على أي مفهوم هو وجود منفعة متصلة به.