أمثلة على فن الاستماع الجيد في سيرة الرسول

تتعدد الأمثلة على حسن الاستماع عند الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي كان نموذجاً يُحتذى به ومنبعاً للأخلاق الرفيعة.

حسن الاستماع في سيرة الرسول

تجلت الأخلاق السامية للنبي صلى الله عليه وسلم في حسن استماعه للآخرين، حيث ينعكس ذلك في الصفات الجليلة التي يتميّز بها، والتي كانت واحدة من الأسباب الرئيسية لنجاحه في دعوة الناس إلى الله سبحانه وتعالى.
من أبرز ما يميز النبي عليه الصلاة والسلام هو إنصاته للآخرين، بغض النظر عن معتقداتهم.

تميز رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفات عدة من أبرزها حسن الاستماع والإصغاء، والذي يمكن توضيحه من خلال القصص التالية:

كان الرسول قدوة في الأخلاق، بعيداً عن قسوة القلب وضيق الأفق، حيث استمع حتى للمشركين في سياق دعوته. إليكم أحد الشواهد على ذلك:

في حديثه مع عتبة بن ربيعة، قال عتبة للرسول: “يا ابن أخي، إنك لنا مكانة في العشيرة ونسبك معروف”. استمع الرسول بتركيز حتى نهاية حديثه.
ثم عرض عتبة على الرسول أموراً لعلها تثير إعجابه، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “قل يا أبا الوليد، أسمع”.
بعد انتهاء حديث عتبة، سأل الرسول: “أفرغت؟” وعندما أجاب بنعم، شرع في قراءة القرآن عليه.
تمثل هذه القصة تجسيداً حقيقياً لمهارة الرسول في الاستماع والتفاعل الإيجابي مع الآخرين، حتى وإن اختلفوا معه في الرأي.

تظهر قصة أخرى أهمية الإصغاء والاستماع خلال محادثات الشورى:

شعر الرسول صلى الله عليه وسلم بالحزن لفشل المسلمين في التحلل من الإحرام أثناء صلح الحديبية.
ونبهته أم سلمة إلى ضرورة أن يتحلل أولاً، فأصغى لحديثها ونفذ نصيحتها.
وبذلك اتبع الصحابة هذا السلوك، مما كان له أثر كبير على طاعتهم له وتقديرهم لوصاياه.
تقدم هذه الحادثة درسًا قيمًا حول أهمية الاستماع للنصائح والأخذ برأي الآخرين.

حث الرسول المسلمين على الانصات لما يأتي من التعاليم الإلهية، حيث:

شدد الرسول على أهمية الاستماع لكلام الله، فهو الجدير بالاهتمام والتفكير.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “إذا سمعت الله يقول: يا أيها الذين آمنوا، فاستمع فإنه خير أو تحذير.”
لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الناس استماعاً، فلم يكن يقاطع الآخرين أثناء حديثهم، بل كان ينتظر حتى ينتهي المتحدث ليتحدث هو بعد ذلك.
كما زرع الرسول أصول الاستماع بين الزوجين، حيث كان يستمع لزوجاته ويناقشهن في مختلف أمور الحياة.
تظهر هذه المواقف كيف يحث الرسول على ثقافة الاستماع.

هناك العديد من الحكايات التي تعكس انفتاح عقل الرسول وصدره الواسع، ومنها قصة زراعة النخيل، حيث:

استنادًا إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، يجب على المسلمين اتباع بعض المبادئ لتحسين مهاراتهم في الاستماع، وهي:

يجب أن ينبع الاستماع من الأخلاق الرفيعة، حيث يتعين على المسلم أن ينصت دون مقاطعة.
أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالتحلي بالتهذيب أثناء الاستماع، مثل التركيز على المتحدث وابتسامة الوجه.
يسمح بطلب إعادة ما قيل إذا شعرت بالحيرة، مما يعكس التفاهم والأدب.
نهى الرسول عن إصدار الأحكام قبل أن يكمل المتحدث حديثه.

كانت أقوال الرسول وحياً من الله، ومن الآيات التي تدل على أهمية حسن الاستماع:

قال الله تعالى: واتقوا الله واسمعوا.
وقال سبحانه: واسعوا وأطيعوا.
في سورة الأعراف: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون.
كما بشر الله عباده الصالحين الذين يستمعون ويتبعون الأحسن: فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.