أنتِ هي
- كما قال السيد قطب:
أنتِ التي وُجدتِ لتمنحينا الحياة
في ظلال من الوفاء السليم
كالأرواح التي تنشر الحنان
تتوق إليكِ في ظل حبك الممتد
حيث يظهر الحب كطيفٍ
مثل ملاك مأخوذ بالكدّ
يُظهر حنانه كما تحتضن الأم وليدها
فتولد الحياة في الكون بأجمل صورها
وإذا بوجودك يصبح العيش فسحة للأبدية
أنتِ التي جلت في أعماق نفسي
وتجسدت في ذهني من بعيد
بينما كنت شغوفًا أتلقى
أغاني الأحلام في تنوعها
بينما تتراءى أمامي أعماق الأمل
في وادٍ معروف من التعلّة
حين رأيتِ أمامي هالة من الأمل
هادئة ودودة وصديقة
ثم اقتربتِ بلطف وبطء
ثم ابتعدتِ بهدوء ولطف
أنتِ التي التقيت فيها روحي
مع روحي فتناغمت في هذا الوجود
أنتِ التي أنبأتني عنك
في يقظتي وأحلامي
إن كنتِ موجودة، فإليكِ قلبي
صادقًا، خالصًا لا يعكر صفوه شيء
وتدفّق شريان الحياة من دون ريبة
عبقري الإلهام والمثابرة
شجعيني في طريقي الطويل
فإنّ جهاد الحياة عظيم وصعب
أشعريني بأن قلبًا نقيًا
يتطلع إليّ ويحب وجودي
ثم انطلقي معي لنخطط طريقًا
كالخيار في صخرةٍ صماء
نظرة منك وابتسامة حب
تحول الصعاب إلى سهولة كالمهاد
لك مني كل المشاعر والعهود
لكِ ولائي وجهودي.
اختاري
- يقول نزار قباني:
لقد اخترتكِ، فاختاري
ما بين الموت على صدري…
أو فوق دفاتر أشعاري…
اختاري الحب أو اللاحب
فحتماً سيكون جبنًا إذا لم تختاري…
لا توجد منطقة وسطى
ما بين الجنة والنار…
ارمي أوراقك كلها…
وسأرضى بأي قرار…
كنتي، انفجري، ترنحي
لا تبقي كالمسمار…
لا يمكنني البقاء أبداً
كالقشة تحت المطر…
اختاري قدراً بين اثنين
وأي قسوة في قدري…
أنتِ مرهقة وخائفة
وطويلة هي رحلتنا…
اغمري في البحر أو ابتعدي
فلا بحر بلا دوار…
الحب مواجهة كبرى
إبحار ضد التيار…
صلب، وعذاب، ودموع
ورحيل بين الأقمار…
يقتلني جبنكِ، أيتها المرأة
التي تتسلين خلف الستار…
لا أؤمن بحبٍ لا يحمل
نزق الثوار…
لا يكسر الحواجز الأخيرة
ولا ينفصل كما الإعصار…
آه، لو أن حبكِ يجرفني
مثل الإعصار…
أنا اخترتكِ، فاختاري
ما بين الموت على صدري
أو فوق دفاتر أشعاري
لا توجد منطقة وسطى
ما بين الجنة والنار…
في القدس
- كما قال تميم برغوثي:
مررنا ببيت الحبيب فردنا
قوانين الأعداء وتحصيناتها
فقلت لنفسي، ربما هي نعمة
فما ترى في القدس عندما تزوريها؟
ترين كل ما لا يمكن تحمّله
إذا بدت من جانب الطريق دورها
وما كل نفسٍ بين الحبيب وصديقها
ترتاح ولا تؤثر الغياب فيها
فإن أسعدها اللقاء قبل الفراق
فلن تكون آمنة من سرورها
متى ترى القدس القديمة مرة أخرى
فستجدينها العيون حيث تديرينها.
جبين وغضب
- كما كتب محمود درويش:
وطني، أيها النسر الذي يغمد منقاره في لهب
في عيوني،
أين تاريخ العرب؟
كل ما أملكه في حضرة الموت:
جبين وغضب.
وأنا أوصيت أن تُزرع شجر قلبي
وجبيني منزلًا للقمري.
وطني، إنّا وُلدنا وكبرنا بجراحك
وأكلنا من شجر البلوط…
لكي نشهد ميلاد صباحك
أيها النسر الذي يحتجز في الأغلال بلا سبب
أيها الموت الخرافي الذي أحبّ
ما زالت مناقيرُكَ الحمراء في عيني
سيفًا من لهب…
وأنا لست جديرًا بجناحك
كل ما أملكه في حضرة الموت:
جبين وغضب.
القصيدة الدمشقية
- كما أشار نزار قباني:
هذه دمشق وهذه الكأس والراح
إنّي أحب، وبعض الحب ذو طابع قاتل
أنا الدمشقي، لو قمت بشريحي جسدي
لسيلَ منه عناقيد وتفاح.
ولو فتحت شراييني بسكينك
سمعت في دمي أصوات من رحلوا.
مآذن الشام تبكي إذ تعانقني
وللمآذن كالأشجار أرواح.
للياسمين حقول في منازلنا
وقطة المنزل تغفو حيث ترتاح.
طاحونة البن جزء من طفولتنا
فكيف يمكنني النسيان؟ وعطر الهيل فيحاء.
هذا مكان “أبي المعتز”، منتظرٌ
ووجه “فائزة” حلوٌ ولمّاح.
هنا جذوري، هنا قلبي، هنا لغتي
فكيف أتعبر؟ هل يمكن أن يكون في الحب توضيح؟
كم من دمشقيةٍ باعت أساورها
حتى أغازلها والشعر مفتاح.
أتيتُ يا شجرة الصفصاف معتذرًا
فهل تسامحين هيفاءً وضاح؟
خمسون عامًا وأجزائي مبعثرة
فوق المحيط وما في الأفق مصباح.
تقاذفتني بحار بلا ضفاف
وطاردتني شياطين وأرواح.
أقاتل القبح في شعري وأدبي
حتى يفتح نوّرٌ وقداح.
ما للعروبة تبدو كالأرملة؟
أليس في كتب التاريخ أفراح؟
والشعر، ماذا سيبقى من أصالته
إذا تولاه نصّاب ومداح؟
وكيف نكتب والأقفال تملأ أفواهنا
وكل ثانية يظهر لك سفاح؟
حملت شعري على ظهري فتعبني
ماذا من الشعرِ يبقى حين يرتاح؟
أحبك كثيراً
- كما كتب نزار قباني:
أحبك كثيراً
وأدرك أن الطريق إلى المستحيل طويل
وعلى علمٍ أنكِ أفضل النساء
وليس لدي بديل
وأعرف أن زمن الحنين قد انتهى
ومات الكلام الجميل
أنتِ النساء، ماذا نقول؟
أحبك كثيراً…
أحبك كثيراً وأعرف أنني أعيش في منفى
وأنتِ كذلك في منفى
وبيني وبينك
ريح وغيم ورعد وثلج
ونار
وأعرف أن الوصول إلى عينيك وهمٌ
وأعرف أن الوصول إليك
هو انتحار
ويبهجني
أن أمزق نفسي من أجلكِ، أيتها الغالية
ولو خيروني
لكررت حبك مرة ثانية
أيا من نسجت قميصك من ورقات الأشجار
أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر
أحبك كثيراً
وأعلم أنني أسافر في بحر عينيك
بدون يقين
وأترك عقلي ورائي وأركض
أركض
أركض خلف جنوني
أيا امرأة تحملين قلبي بين يديك
أسألك بالله، لا تتركيني
لا تتركيني
فماذا أكون، إذا لم تكوني
أحبك كثيراً
وجداً جداً
وأرفض من نار حبك أن أستقيل
وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقيل؟
وما يهمني
إن خرجت من الحب حياً
وما يهمني
إن خرجت قتيلاً.