القراء العشرة
لقد حفظ الله -تعالى- القرآن الكريم من أي تغيير أو تبديل، كما ورد في قوله -تعالى-: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾. وضمن حفظ الله للقرآن، هيأ في الأمة الإسلامية رجالًا قاموا بنقل القرآن بدقة عالية. تم نقل النص القرآني بطريقة التواتر والتلقي الشفاهي، بالإضافة إلى نسخه كتابيًا وفقًا لأدق المعايير العلمية. واشتهر بين الناس قراءٌ ورواة علموا الناس فنُسبت إليهم القراءات. وقد بلغ عدد القراء الذين تواترت قراءاتهم وتقبلتها الأمة عشرة، حيث لكل منهم عدة رواة، وقد اختار العلماء راويين بارزين لكل قارئ. وفيما يلي توضيح لذلك.
نافع المدني (70 – 169هـ)
هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي، المعروف بأبي رويم، وقد كان أصله من أصفهان ويعد قارئ المدينة المنورة. قاد الإمام في المسجد النبوي لمدة ستين عامًا، وقد قال: “قرأت على سبعين من التابعين”. ويصفه الإمام مالك قائلًا: “نافع إمام الناس في القراءة، وكان يُشَم من فمه رائحة المسك”.
وراوياه هما:
- قالون: عيسى بن مينا المدني (120- 220هـ)، ورواية قالون تُعتبر القراءة الرسمية في ليبيا ومعظم تونس.
- ورش: عثمان بن سعيد المصري (110- 197هـ)، وشاعت قراءة ورش في بلاد المغرب العربي مثل الجزائر والمغرب وموريتانيا وبعض دول غرب أفريقيا مثل السنغال والنيجر ومالي ونيجيريا، وأجزاء من مصر وليبيا وتشاد.
ابن كثير المكي (45- 120هـ)
هو عبدالله بن كثير، من قراء أهل مكة، وكان يُعرف بلقب أبو معبد. شغل منصب قاضي الجماعة بمكة وكان له حرفة في العطارة. وُلد وتوفي في مكة، وهو من أصول فارسية.
وراوياه هما:
- البزي: أحمد بن محمد بن أبي بزة المكي (170- 240هـ).
- قنبل: محمد بن عبد الرحمن المكي (165- 280هـ).
أبو عمرو البصري (68- 154هـ)
اسمه زبان بن العلاء البصري، وقد قرأ في مكة والمدينة والكوفة والبصرة، وسمع من العديد من الصحابة مثل أنس بن مالك -رضي الله عنه- وقرأ على الحسن البصري، وكان يعمل بالقرآن ويختم كل ثلاث، وبرز كإمام في القراءة والنحو والأدب، وتوفي في الكوفة.
وراوياه هما:
- الدوري: حفص بن عمر بن عبد العزيز (150- 246هـ).
- السوسي: صالح بن زياد (توفي 261هـ).
ابن عامر الشامي (21- 118هـ)
هو عبد الله بن عامر الشامي اليحصبي، وهو تابعي ويمثل إمام أهل الشام في القراءة. وُلد في البلقاء التابعة لمحافظة المفرق الحالية في الأردن، وانتقل إلى دمشق بعد فتحها. أخذ عن أبي الدرداء والمغيرة بن شعبة -رضي الله عنهما-، وتولى قضاء دمشق في عهد الوليد بن عبد الملك، وتوفي في دمشق.
وراوياه هما:
- هشام بن عمار الدمشقي (153- 245هـ).
- ابن ذكوان: عبد الله بن أحمد القرشي (173- 242هـ).
عاصم بن أبي النجود (127هـ)
وهو تابعي وقارئ الكوفة، تلقي القرآن عن أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش الأسدي. وقد ورد عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قوله: “سألت أبي عن القراءة التي يفضلها، فقال: قراءة أهل المدينة، فأخبرته أن لم تكن، فقال: قراءة عاصم”. وتوفي في الكوفة.
وراوياه هما:
- شعبة: أبو بكر بن عياش الكوفي (95- 193هـ).
- حفص: حفص بن سليمان البزاز الكوفي (90- 180هـ).
عندما حكمت الدولة العثمانية البلاد العربية في القرن العاشر الهجري، انتشرت رواية حفص عن عاصم في معظم أنحاء العالم الإسلامي بسبب اعتماد الدولة العثمانية عليها ثم طباعة المصحف بها، وقد زادت شهرتها في العصر الحديث نتيجة لزيادة المصاحف المطبوعة بها وانتشار التسجيلات عبر الإذاعات ووسائل الإعلام المختلفة.
حمزة بن حبيب الزيات (80- 156هـ)
أشتهر بكونه يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان، وكان إمامًا حافظًا لكتاب الله. عُرف بتوجهه لله وكثير ورعه، وكان عالماً بالحديث والفرائض. أصله فارسي، وتوفي بحلوان في عهد أبي جعفر المنصور.
وراوياه هما:
- خلف بن هشام البزار (150- 229هـ).
- خلاد بن خالد الصيرفي (129- 220هـ).
الكسائي الكوفي (119- 189هـ)
اسمه علي بن حمزة بن عبد الله الكوفي، وأطلق عليه لقب الكسائي لارتدائه كساء. إنه إمام في اللغة والنحو والقراءة، وُلد وتعلم في الكوفة وتوفي في الري عن عمر يناهز السبعين، وكان مؤدباً للخليفة العباسي الرشيد وابنه الأمين. قال الشافعي: “من أراد التعمق في النحو، فهو عيال على الكسائي” بينما وصف ابن الأنباري بأنه أعلم الناس بالنحو وأوحدهم في علم القرآن.
وراوياه هما:
- أبو الحارث الليث بن خالد (توفي 240هـ).
- حفص الدوري (150- 246هـ)، الذي روى عن أبي عمرو البصري أيضًا.
أبو جعفر المدني (128هـ)
اسمه يزيد بن القعقاع، وهو تابعي مدني، عُرف بأنه إمام أهل المدينة في القراءة وكان من المفتين المجتهدين. توفي في المدينة المنورة.
وراوياه هما:
- ابن وردان: عيسى بن وردان المدني (توفي 160هـ).
- ابن جماز: سليمان بن جماز (توفي 170هـ).
يعقوب البصري (117- 205هـ)
هو يعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري، وقد كان إمام البصرة ومقرئها. ينتمي إلى أسرة متعلمة بالعربية والأدب، وله رواية مشهورة في القراءات وله مؤلفات مثل “الجامع” الذي جمع فيه مختلف أوجه القرآن، ونسب كل حرف إلى قارئه.
وراوياه هما:
- رويس محمد بن المتوكل اللؤلؤي (توفي 238هـ).
- روح بن عبد المؤمن البصري (توفي 234هـ).
خلف العاشر (150- 229هـ)
هو خلف بن هشام البزار البغدادي، عُرف بعلمه وعبادته وكان مشهورًا في بغداد وتوفي فيها في فترة محاربة الجهمية.
وراوياه هما:
- إسحاق بن إبراهيم الوراق (توفي 286هـ).
- إدريس بن عبد الكريم الحداد (توفي 292هـ).