الخيل والليل والبادية تعرفني
من قصائد الشاعر أبو الطيب المتنبي:
وَاحَرّ قَلْبَهُ ممّن قلبُهُ شَبِمُ
ومَن بجسمي وحالي عنده سَقَمُ
ما لي أُكَتِّمُ حبًا قد بَرَى جسدي
وتَدّعي حبّ سيف الدولة الأمم
إن كان يجمعنا حبٌ لغرته
فَلَيْتَ أننا بقَدْرِ الحب نَقْتَسِمُ
قد زُرْتُهُ وسُيُوفُ الهند مُغْمَدَةٌ
وقد نظرتُ إليه والسيوف دَمُ
فكان أحسن خلق الله كلّهِمِ
وكان أحسن ما في الأحسن الشيمُ
فوت العدوّ الذي يَمّمْتَهُ ظَفَرٌ
في طيِّهِ أسفٌ في طيِّهِ نِعَمُ
قد نابَ عنك شديدُ الخوفِ واصطنعتْ
لك المَهَابَةُ ما لا تصنَعُ البُهَمُ
زدني بفرط الحب فيك حيرة
من قصائد الشاعر ابن الفارض:
زدني بفَرطِ الحبِّ فيك تَحَيُّرا
وارحم حشا بلَظَى هواكَ تسعِّرا
وإذا سألُتك أن أراك حقيقةً فاسمحْ
ولا تجعلْ جوابي لن تَرى
يا قلبُ أنتَ وعدَتني في حبّهمْ
صَبراً فاحذر أن تضيقَ وتَضجرا
إنَّ الغرامَ هو الحياةُ فمُتْ به
صَبّاً فحقك أن تموتَ وتُعذرا
قل للذين تقدّموا قبلي ومن
بعدي ومن أضحى لأشجاني يرى
عني خذوا وبي اقتدوا ولي اسمعوا
وتحدثوا بصبابتي بين الورى
ولقد خلوتُ مع الحبيب وبَيْنَنَا
سرٌّ أرقّ من النسيم إذا سَرَى
صدني بعد اقتراب وجفاني
يقول الشاعر ابن رواحة الحموي:
صدَّني بعد اقترابٍ وجفاني
قمرٌ يخجل منه القمرانِ
لست أدعو باسمه ضنّاً به
غير أني الذي أخفيه كانِ
ظَمَأي فيه ظما آخِره
ليتين أَوَّلُه ممّا عَراني
عيون المها مالي بسحرك من يد
للشاعر ابن الساعاتي:
عيونَ المها مالي بسحركِ من يدِ
ولا في فؤادي موضع للتجلدِ
رويداً بقلبٍ مستهامٍ متيمٍ
ورفقاً بذا الجفن القريح المسهد
قفي زودينا منك يا أمَّ نالكٍ
فغير كثيرٍ وقفة المتزوّد
ففي الظعن ألوى لا يرقُّ لعاشقٍ
سرى منجداً لكنّه غير منجد
وبيض الطلى حور المناظر سودها
وما كحلتْ أجفانهنَّ بإثمد
لعلَّ رجاءً فات في اليوم نيله
يداركه حظٌ فيدرك في الغد
بليت بفعم الرّدُف لدنٍ قوامهُ
ضعيف مناط الخصر أهيفَ أغيد
ريم على القاع
للشاعر أحمد شوقي:
ريمٌ على القاعِ بين البانِ والعلمِ
أحلَّ سفكَ دمي في الأشهر الحُرُمِ
رَمى القضاءُ بعيني جُؤذَرٍ أسداً
يا ساكنَ القاع أدرِك ساكنَ الأجمِ
لمّا رَنا حدّثتني النفسُ قائلَةً
يا ويحَ جانبكَ بالسهمِ المُصيبِ رُمي
جحدتُها وكتَمتُ السهمَ في كبدي
جرحُ الأحِبَّةِ عندي غير ذي ألمِ
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
يقول الشاعر بدر شاكر السياب:
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شُرفتانِ راح ينأى عنهما القمر
عيناكِ حين تبسِمان تورِقُ الكُروم
وترقصُ الأضواء كالأقمارِ في نهر
يرجُّه المجداف وهناً ساعة السحر
كأنما تنبضُ في غوريهما النّجوم
شفتاك في شفتي عالقتان
للشاعر بدر شاكر السياب:
شفتاك في شفتي عالقتان والنجم الضئيل
يلقى سناه على بقايا راعشات من عناق
ثم ارتخت عني يداك وأطبق الصمت الثقيل
يا نشوة عبرى وإعفاء على ظل الفراق
حلوة كإغماء الفراشة من ذهول وانتشاء
دوما إلى غير انتهاء
يا همسة فوق الشفاه
ذابت فكانت شبه آه
لقد عذبتني يا حب لبنى
للشاعر قيس بن ذريح:
لقد عذبتني يا حب لبنى
فَقَع إما بموتٍ أو حياةِ
فإنّي الموت أروح من حياةٍ
ندوم على التباعد والشتاتِ
وقال الأقربون تعزز عنها
فقلتُ لهم إذن حانَت وفاتي
بانت سعاد ففي العينين ملمول
للشاعر الأخطل:
بانت سُعاد فَفي العينين ملمولُ
من حبِّها وصحيح الجسد مَخبولُ
فالقلب من حبِّها يعتادُهُ سَقَمٌ
إذا تذكرتُها والجسمُ مَسلولُ
وإن تَناسَيتُها أو قلتُ قد شحطتَ
عادَت نواشطُ مِنها فهو مَكبولُ
مرفوعةٌ عن عيونِ الناسِ في غُرفٍ
لا يَطمَعُ الشُمطُ فيها والتّنابيلُ
يُخالطُ القلبَ بعدَ النّوم لذّتُها
اذَا تنبّهَ واعتلّت المَتافيلُ
لقد رَوي العطاشَ لَها عذبٌ مُقبَّلُهُ
في جيدِ آدَمَ زانَتْهُ التَهاويلُ
حليٌ يَشُبُّ بَياضَ النحرِ واقِدُهُ
كما تُصوَّر في الدير التماثيلُ
أغالب فيك الشوق والشوق أغلب
للشاعر أبو الطيب المتنبي:
أُغالِبُ فيكَ الشوقَ والشوقُ أَغلَبُ
وأعجَبُ من ذا الهجر والوصل أعجَبُ
أما تَغلَطُ الأيّامُ فيَّ بأن أرى
بغيضاً تُنائي أو حبيباً تَقَرِّبُ
ولله سيري ما أقلّ تَئيّتاً
عَشِيَّةَ شَرْقِيَّ الحَدَلَي وغُرَّبُ
عَشِيَّةَ أَحفى الناسِ بي مَن جَفَوتُهُ
وأهدى الطريقينِ التي أتجنّبُ
وكم لظلامِ الليلِ عندكَ من يَدٍ
تخبرُ أن الما نَوِيَّةَ تكذِبُ
وَقاكَ رَدى الأعداء تسري إليهمُ
وزارَكَ فيه ذو الدلال المُحَجَّبُ
ويومٍ كَلَيلِ العاشقين كَمَنتُهُ
أُراقبُ فيه الشمسَ أَيّانَ تَغرُبُ
وعيني إلى أُذني أغَرّ كأنّهُ
من الليلِ باقٍ بين عينيه كوكبُ
له فضلَةٌ عن جِسمهِ في إهابِهِ
تجيءُ على صدرٍ رحيبٍ وتذهبُ
في الحب روعات وتعذيب
للشاعر أبو نواس:
في الحُبِّ رَوعاتٌ وتَعذيبُ
وفيهِ يا قومُ الأعاجيبُ
مَن لم يَذُق حُبًّا فإني امرؤٌ
عندي من الحب تجاريبُ
علامة العاشقِ في وجههِ
هذا أسيرُ الحب مَكتوبُ
وللهوى فيَّ صَيودٌ عَلى
مدَرَجةِ العُشّاق مَنصوبُ
حتّى إذا مَرَّ مُحبٌ بهِ
والحينُ للإنسان مَجلوبُ
قالَ لهُ والعينُ طَمّاحَةٌ
يَلهو بِهِ والصبرُ مَغلوبُ
ليس له عيبٌ سوى طيبهِ
وابي مَن عيبه الطيبُ
يَسُبُّ عِرضي وَأقي عِرضَهُ
كَذالِكَ المَحبوب مَسبوبُ
ولمّا زارني سحرا حبيب
للشاعر ابن النقيب:
ولمّا زارني سحراً حبيبٌ
بلطفِ الخطو قد أخفى بحاله
رعى الرقباءُ في مسراه وهناً
إلى أن خِلتُ من أهوى خياله