قصيدة اختاري
لقد اخترتكِ، فاختاري
ما بين الموت على صدري
أو فوق دفاتر أشعاري
اختاري الحب أو اللاحب
فإنه من الجبن ألا تختاري
لا توجد منطقة وسطى
ما بين الجنة والنار
ارمي أوراقك كاملةً..
وسأكون راضياً عن أي قرار
قولي، انفعلي، انفجري
لا تقفي كالمسمار
لا يمكنني أن أظل كالقشة تحت الأمطار
اختاري قدراً بين اثنين
وما أعنف تلك الأقدار
أنتِ مرهقة وخائفة
ومشواري طويل جداً
غوصي في البحر أو ابتعدي
فلا بحر بلا دوار
الحب مواجهة كبرى
إبحار ضد التيار
صلب وعذاب ودموع
ورحيل بين الأقمار
يقتلني جبنكِ يا امرأة
تتسلين من خلف ستار
لا أؤمن بحبٍ
لا يحمل نزق الثوار
لا يكسر كل الأسوار
ولا يضرب كالإعصار
آه.. لو أن حبكِ يبتلعني
يقلعني كالإعصار
لقد اخترتكِ، فاختاري
ما بين الموت على صدري
أو فوق دفاتر أشعاري
لا توجد منطقة وسطى
ما بين الجنة والنار
من قصيدة ساعي البريد
أغلى العطور أريدها
أزهى الثياب
فإذا أطل بريدها
بعد اغتراب
وطويت في صدري الخطاب
عمرت في ظني القباب
وأمرت أن يسقى المساء
معي الشراب
وهبتُ للليل النجوم
بلا حساب بلا حساب
أنا عند شباكي الذي
يمتص أوردة الغياب
وشجيرة النارنج
يابسة
مضيعة الشباب
وموزع الأشواق
يترك فرحة في كل باب
خطواته
في أرض شارعنا
حديث مستطاب
وحقيبة الآمال
تعفُق بالتحارير الرطاب
هذا غلافي القرمزي
يكاد يلتهب التهاب
وأكاد ألتهم النقاب الفستقي
ولا نقاب
أنا قبل أن كان الجواب
طيبان لي. طيب الحروف
وطبعة كاتبة الكتاب
أطفو على الحرف الذي صلى على يدها وتاب
خط من الضوء النهيد
فكل فاصلة شهاب
هذا غلافي لا أشك
يرف على مجروح العتاب
عنوان منزلنا المغمّس بالسحاب
عنواننا..
عند النجوم الحافيات
على الهضاب
قصيدة رسالة تحت الماء
إن كنت صديقي، ساعدني
كي أرحل عنك
أو كنت حبيبي، ساعدني
كي أشفى منك
لو أني أعرف أن الحب خطير جداً
ما أحببت
لو أني أعرف أن البحر عميق جداً
ما أبحرت
لو أني أعرف خاتمتي
ما كنت بدأت
اشتقت إليك، فعلمّني
أن لا أشتاق
علّمني
كيف أقص جذور هواك من الأعماق
علّمني
كيف تموت الدمعة في الأحداق
علّمني
كيف يموت القلب وتنتحر الأشواق
إن كنت نبياً، خلصني
من هذا السحر
من هذا الكفر
حبك كالكفر فطهرني
من هذا الكفر
إن كنت قوياً، أخرجني
من هذا اليم
فأنا لا أعرف فن العوم
الموج الأزرق في عينيك يجرجرني نحو الأعمق
وأنا ما عندي تجربة
في الحب ولا عندي زورق
إن كنت أعز عليك، فخذ بيدي
فأنا عاشقة من رأسي حتى قدمي
إني أتنفس تحت الماء
إني أغرق
أغرق
أغرق
قصيدة سبتمبر
الشعر يأتي دائماً
مع المطر
ووجهك الجميل يأتي دائماً
مع المطر
و الحب لا يبدأ إلا عندما
تبدأ موسيقى المطر
إذا أتى أيلول يا حبيبتي
أسأل عن عينيك كل غيمة
كأن حبي لك
مربوط بتوقيت المطر
مشاهد الخريف تستفزني
شحوبك الجميل يستفزني
وكنزة الكشمير
والمظلة الصفراء والخضراء تستفزني.
جريدة الصباح
مثل امرأة كثيرة الكلام تستفزني
رائحة القهوة فوق الورق اليابس
تستفزني..
فما الذي أفعله؟
بين اشتعال البرق في أصابعي
وبين أقوال المسيح المنتظر؟
ينتابني في أول الخريف
إحساس غريب بالأمان والخطر
أخاف أن تقتربي
أخاف أن تبتعدي
أخشى على حضارة الرخام من أظافري
أخشى على منمنمات الصدف الشامي من مشاعري
أخاف أن يجرفني موج القضاء والقدر
هل شهر أيلول الذي يكتبني؟
أم أن من يكتبني هو المطر؟؟
أنت جنون شتوي نادر
يا ليتني أعرف يا سيدتي
علاقة الجنون بالمطر!!
سيدتي
التي تمر كالدهشة في أرض البشر..
حاملة في يدها قصيدة..
وفي اليد الأخرى قمر..
يا امرأة أحبها
تفجر الشعر إذا داست على أي حجر
يا امرأة تحمل في شحوبها
جميع أحزان الشجر
ما أجمل المنفى إذا كنا معاً
يا امرأة توجز تاريخي
وتاريخ المطر!!
من قصيدة خمس رسائل إلى أمي
صباح الخير يا حلوة
صباح الخير يا قدّيسي الحلوة
مضى عامان على الولد الذي أبحر
برحلته الخرافية
وخبأ في حقائبه
صباح بلاده الأخضر
وأنجمها، وأنهارها، وكل شقيقها الأحمر
وخبأ في ملابسه
طرابيناً من النعناع والزعتر
وليلكة دمشقية..
أنا وحدي..
دخان سجائري يضجر
ومني مقعدي يضجر
وأحزاني عصافير
تبحث بعد عن بيدر
عرفت نساء أوروبا
عرفت عواطف الإسمنت والخشب
عرفت حضارة التعب
وطفت الهند، طفت السند، طفت العالم الأصفر
ولم أعثر
على امرأة تمشط شعري الأشقر
وتحمل في حقيبتها
إلي عرائس السكر
و تكسوني إذا أعرى
وتنشني إذا أعثر
أيا أمي
أيا أمي
أنا الولد الذي أبحر
ولا زالت بخاطره
تعيش عروسة السكر
فكيف يا أمي
غدوت أباً
ولم أكبر؟
صباح الخير من مدريد
ما أخبارها الفلّة؟
بها أوصيك يا أمّاه
تلك الطفلة
فقد كانت أحب حبيبة لأبي
يدلّلها كطفلته
ويدعوها إلى فنجان قهوته
ويسقيها
ويطعمها
ويغمرها برحمته
ومات أبي
ولا زالت تعيش بحلم عودته
وتبحث عنه في أرجاء غرفته
وتسأل عن عباءته
وتسأل عن جرائده