شعر الحب
الحب هو تجربة فريدة تعبر عن عمق الروح والعواطف، ويعكس مدى صفاء هذه المشاعر التي تنبع من القلب. يعبر الحب عن الأفكار والمشاعر الحقيقية التي توجد في داخل الإنسان، ويعتبر الحب العاطفي هو البقاءُ عندما تفقد الأرواح شيئًا من معانيها في الحياة. حيث يظل الحب الصادق دائمًا رابطًا يجمع بين القلوب. ومن بين الشعراء المعروفين في كتابة أشعار الحب، نجد محمود درويش، الذي كان له العديد من القصائد الجميلة في هذا المجال، وسنستعرض بعضها في هذا المقال.
يعلمني الحب ألا أحب
محمود درويش، شاعر فلسطيني عُرف بأسلوبه المميز، وُلد في عام 1941 وتوفي في عام 2008. تميز بقدرته على التعبير عن حبه لوطنه وكأنه يتحدث عن عشيقة. ومن بين قصائده، نجد هذه الأبيات الرومانسية:
يُعلِّمُني الحُبُّ ألاَّ أحِبَّ وَأَنْ أفْتَحَ النَّافِذَهْ
عَلَى ضِفَّة الدَّرْبِ هَل تَسْتَطيعين أنْ تَخْرُجي مِنْ نداءِ الحَبَقْ
وَأَنْ تقسمِيني إلى اثْنَيْن أَنْتِ وَمَا يَتَبِقَّى مِنَ الأُغْنِيَهْ
وَحُبٌ هو الحُبُّ فِي كُلِّ حُبِّ أرى الحُبَّ مَوْتاً لِمَوْتٍ سَبَقْ
وَريحاً تُعَاوِدُ دَفْعَ الخُيُول إلَى أمِّهَا الرِّيحِ بَيْنَ السَّحَابَة والأوْدِيَهْ
أًلا تَسْتَطِيعينَ أَنْ تَخْرُجِي مِنْ طَنينِ دَمي كَيْ أْهَدْهِدَ هَذَا الشَّبقْ
وكَيْ أُسْحَبَ النَّحْلَ مِنْ وَرَق الوَرْدَةِ المُعْدِيهْ
وَحُبٌ هو الحُبُّ يَسْأًلُنِي كَيْفَ عَادَ النَّبِيذُ إلَى أْمِّه واحْتَرقْ
وَمَا أًعْذَبَ الحُبَّ حِينَ يُعذب حِينَ يُخرِّب نَرْجسَةَ الأْغْنيهْ
يُعَلِّمُني الحُبِّ أن لاَ أُحِبَّ وَيَتْرُكُني في مَهَبِّ الوَرَقْ
قصائد عن حب قديم
يُعتبر محمود درويش واحداً من أبرز الشعراء الفلسطينيين، حيث ارتبط اسمه بشعر الوطن. قام بإدخال الرمزية في شعره، وقسّم النقاد قصائده إلى أقسام تشمل ارتباط الشاعر بوطنه. ومن بين القصائد المميزة في الحب، نجد هذه الأبيات الرائعة:
على الأنقاض وردتُنا
ووجهانا على الرملِ
إذا مرّتْ رياحُ الصيفِ
أشرعنا المناديلا
على مهل على مهلِ
وغبنا طيَّ أغنيتين كالأسرى
نراوغ قطرة الطّل
تعالي مرة في البال
يا أُختاه
إن أواخر الليلِ
تعرّيني من الألوان والظلّ
وتحميني من الذل
وفي عينيك يا قمري القديم
يشدُّني أصلي
إلى إغفاءةٍ زرقاء
تحت الشمس والنخلِ
بعيداً عن دجى المنفى
قريبا من حمى أهلي
تشهّيتُ الطفوله فيكِ
مذ طارت عصافيرُ الربيعِ
تجرّدَ الشجرُ
وصوتك كان يا ماكان
يأتيني
من الآبار أحياناً
وأحياناً ينقِّطه لي المطُر
نقيا هكذا كالنارِ
كالأشجار كالأشعار ينهمرُ
تعالي
كان في عينيك شيء أشتهيهِ
وكنتُ أنتظرُ
وشدّيني إلى زنديكِ
شديني أسيراً
منك يغتفُر
تشهّيت الطفولة فيك
مذ طارت
عصافير الربيع
تجرّد الشجرُّ
ونعبر في الطريق
مكبَّلين
كأننا أسرى
يدي لم أدر أم يدُكِ
احتست وجعاً
من الأخرى
ولم تطلق كعادتها
بصدري أو بصدرك
سروة الذكرى
كأنّا عابرا دربٍ
ككلّ الناس
إن نظرا
فلا شوقاً
ولا ندماً
ولا شزرا
ونغطس في الزحام
لنشتري أشياءنا الصغرى
ولم نترك لليلتنا
رماداً يذكر الجمرا
وشيء في شراييني
يناديني
لأشرب من يدك
ترمّد الذكرى
ترجّلَ مرةً كوكب
وسار على أناملنا
ولم يتعبْ
وحين رشفتُ عن شفتيك
ماء التوت
أقبل عندها يشربْ
وحين كتبتُ عن عينيك
نقّط كل ما أكتب
وشاركنا وسادتنا
وقهوتنا
وحين ذهبتِ
لم يذهب
لعلي صرت منسياً
لديك
كغيمة في الريح
نازلة إلى المغربْ
ولكني إذا حاولتُ
أن أنساك
حطّ على يدي كوكبْ
لك المجدُ
تجنّحَ في خيالي
من صداك
السجنُ و القيدُ
أراك استندتُ
إلى وسادٍ
مهرةً تعدو
أحسكِ في ليالي البرد
شمساً
في دمي تشدو
أسميك الطفوله
يشرئبّ أمامي النهدُ
أسميكِ الربيع
فتشمخ الأعشاب و الوردُ
أسميك السماء
فتشمت الأمطار و الرعدُ
لك المجدُ
فليس لفرحتي بتحيُّري
حدُّ
وليس لموعدي وعدُ
لك المجدُ
وأدركَنا المساءُ
وكانت الشمسُ
تسرّح شعرها في البحرْ
وآخر قبلة ترسو
على عينيّ مثل الجمرْ
خذي مني الرياح
وقّبليني
لآخر مرة في العمر
وأدركها الصباحُ
وكانت الشمسُ
تمشط شعرها في الشرقْ
لها الحنّاء والعرسُ
وتذكرة لقصر الرق
خذي مني الأغاني
واذكريني
كلمحْ البرقْ
وأدركني المساء
وكانت الأجراسْ
تدق لموكب المسبية الحسناءْ
وقلبي بارد كالماسْ
وأحلامي صناديقٌ على الميناء
خذي مني الربيع
وودّعيني
أجمل حب
تحمل قصائد محمود درويش قضايا شعبه، وقد أُطلق عليه لقب شاعر الجرح الفلسطيني. انتقل مع أسرته إلى لبنان بعد النكبة عام 1948، ولديه أكثر من 30 ديوان شعر ونثر و8 كتب. كان شعره يجمع بين الوطنية والرومانسية، وظل يحافظ على الحنين دائمًا إلى موطنه. ومن أجمل ما كتب في الحب والرومانسية هذه الأبيات:
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
وجدنا غريبين يوما
وكانت سماء الربيع تؤلف نجما ونجما
وكنت أؤلف فقرة حب
لعينيك غنيتها
أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا
كما انتظر الصيف طائر
ونمت كنوم المهاجر
فعين تنام لتصحو عين طويلا
وتبكي على أختها
حبيبان نحن إلى أن ينام القمر
ونعلم أن العناق و أن القبل
طعام ليالي الغزل
وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمرّ
على الدرب يوما جديداً
صديقان نحن فسيري بقربي كفا بكف
معا نصنع الخبر والأغنيات
لماذا نسائل هذا الطريق لأي مصير
يسير بنا
كأني أحبك
محمود درويش، الذي وُلد في عام 1941 وتوفي عام 2008، اشتهر بقصائده عن الوطن، مما جعله رمزاً محبوبًا لدى شباب الجيل المعاصر. يعبر عن معاني عميقة بأسلوب سهل يجعل من شعره متناولًا للجميع. ومن قصائده في الحب والرومانسية نجد:
لماذا نحاول هذا السفر
وقد جرّدتني من البحر عيناك
واشتعل الرمل فينا ..
لماذا نحاول؟
والكلمات التي لم نقلها
تشرّدنا..
وكل البلاد مرايا
وكل المرايا حجر
لماذا نحاول هذا السفر
هنا قتلوك
هنا قتلوني.
هنا كنت شاهدة النهر والملحمة
ولا يسأم النهر
لا يتكلّم
لا يتألم
في كلّ يوم لنا جثّه
وفي كلّ يوم أوسمه
هنا وقف النهر ما بيننا
حارسا
يجهل الضفتين
توأمين
بعيدين، كالقرب، عنّا
قريبين، كالبعد، منّا
ولا بد من حارس
آه لا بدّ من حارس بيننا،
كأنّ المياه التي تفصل الضفتين
دم الجسدين
وكنّا هنا ضفتين
وكنّا هنا جسدين
وكلّ البلاد مريا
وكلّ المرايا حجر
لماذا نحاول هذا السفر
كأنّ الجبال اختفت كلها
وكأنّي أحبّك
كان المطار الفرنسيّ مزدحما
بالبضائع و الناس.
كل البضائع شرعية
ما عدا جسدي
آه يا خلف عينيك يا بلدي
كنت ملتحما
بالوراء الذي يتقدّم
ضيعت سيفي الدمشقي متهما
بالدفاع عن الطين
ليس لسيفي رأي بأصل الخلافة
فاتهموني..
علّقوني على البرج
و انصرفوا
لترميم قصر الضيافة
كأني أحبّك حقا
فأغمدت ريحا بخاصرتي
كنت أنت الرياح و كنت الجناح
وفتشت عنك السماء البعيدة
وقد كنت أستأجر الحلم
للحلم شكل يقلدها
وكنت أغنّي سدى
لحصان على شجر
وفي آخر الأرض أرجعني البحر
كلّ البلاد مرايا
و كل المرايا حجر
لماذا نحاول هذا السفر ؟
تكونين أقرب من شفتيّ
و أبعد من قبلة لا تصل
كأنّي أحبّك
كان الرحيل يطاردني في شوارع جسمك
و كان الرحيل يحاصرني في أزقّة جسمك
فأترك صمتي على شفتيك
و أترك صوتي على درج المشنقه
كأنّي أحبّك
كان الرحيل يخبئني في جزائر جسمك
واسع ضيق هذا المدى
والرحيل يخّبئني في فم الزنبقة
أعيدي صياغة وقتي
لأعرف أين أموت سدى
مر يوم بلا شهداء
أعيدي صياغة صوتي
فإن المغني الذي ترسم الفتيات له صورة
صادروا صوته
مرّ يوم بلا شهداء
وبين الفراغين أمشي إليك وفيك
وأولد من نطفة لا أراها
وألعب في جثّتي و القمر
لماذا نحاول هذا السفر
وكل البلاد مرايا
وكل المرايا حجر
لماذا نحاول هذا السفر
أبيات غزل
تعتبر تجربة محمود درويش في التعبير عن معاناة وطنه من أبرز سمات إبداعه. لقد أعطى شعره حياة لأحاسيس الفقد والحنين والوطن، مما جعل اسمه مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بتراب وطنه. وهنا يعبّر محمود درويش عن حبه لوطنه فيقول:
سألتك: هزّي بأجمل كف على الأرض
غصن الزمان
لتسقط أوراق ماض وحاضر
ويولد في لمحة توأمان
ملاك وشاعر
ونعرف كيف يعود الرماد لهيبا
إذا اعترف العاشقان
أتفاحتي يا أحبّ حرام يباح
إذا فهمت مقلتاك شرودي وصمتي
أنا، عجبا، كيف تشكو الرياح
بقائي لديك وأنت
خلود النبيذ بصوتي
وطعم الأساطير والأرض أنت
لماذا يسافر نجم على برتقاله
ويشرب يشرب يشرب حتى الثماله
إذا كنت بين يديّ
تفتّت لحن، وصوت ابتهاله
لماذا أحبك
كيف تخر بروقي لديك
وتتعب ريحي على شفتيك
فأعرف في لحظة
بأن الليلي مخدة
وأن القمر
جميل كطلعة وردة
وأني وسيم لأني لديك
أتبقين فوق ذراعي حمامة
تغمّس منقارها في فمي
وكفّك فوق جبيني شامه
تخلّد وعد الهوى في دمي
أتبقين فوق ذراعي حمامه
تجنّحي كي أطير
تهدهدني كي أنام
وتجعل لا سمي نبض العبير
وتجعل بيتي برج حمام
أريدك عندي
خيالا يسير على قدمين
وصخر حقيقة
يطير بغمرة عين