قصيدة بكاء وفراق
تقول الشاعرة الهيفاء بنت صبيح القضاعية:
أبكي وأبكي في ضوء النهار والظلام
على شابٍ من ذوي الأصول التغلبية الصلبة.
يا لهيفي عليه وما نفع هيامي
إلا أن أقاتل فرسانًا وأقوامًا.
قل للحُجَيبِ، رحمتُ الله عليك، من رجلٍ
تحمّل عار جميع الناس من سام.
أَيُقتل ابنك بعلي، يا ابن فاطمة،
ويشربُ الماء من أضغاث أحلام.
والله لا زلتُ أبكيه وأندبه
حتى تزورك أَخوالي وأعمامي.
بكل بدينٍ أسمرَ رشيقٍ
وكل أبيضَ نقيٍّ كالحدّ القمقام.
قصيدة وطني ألمي
يقول ابن الساعاتي:
غيرُ سهلٍ فيكِ يا لمياء حزني
بين سهلٍ من مغانيكِ وأحزاني.
كم غصنٍ بانٍ في صفاءٍ
مثمرٍ في جنح ليلٍ داجي.
كلما هبّت نسمةُ السيف لمحةً وحبًا،
وشقيقِ الروح قد ذاب واثني.
سافرٍ عن طلعة الشمس ضحىً
ناظرٍ من عيني الظبي الأغنّ.
ماس تيهاً وتغنّى طربًا
فهو ورقٌ هتفت من فوق غصن.
يجتني اللحظَ من خدّه،
وهو يُحصد من خلال الطيور.
فإذا ما هطلت الأمطارُ والندى،
فسقى الثرى وابلُ جفني.
ومن العار، دموعي تتساقط كالمطر،
إن أراني للحسن حاملًا،
كان ظني أن صبري ينجد،
ثم لما أنجدوا خيّب ظني.
فأقيموا وامنعوا وصلكم،
قد قنعنا من هواكم بالتمنّي.
وسألنا الطيفَ عن ودكم.
فسلوه، لعلّه يخبر عنّي:
يا بتي عذرة، لا عذرَ لكم،
عن فؤادٍ رعتموه بعد أمن.
بجفونٍ كالمواسي أرهفت،
وقدودٍ كالعسل دافئة.
منعتكم من حبٍ وممنوعٍ،
فأطلقوا قلبي من أسر الهوى.
إنما جاني الهوى من عيني وأذني،
لكم رقّ الهوى منّي كما
لعماد الدين رقّ الشكر منه.
حلَّ في ربعي أهدابًا لما
قبل أن ينحل فيه خيطُ المزن.
لم أكنْ لأسمع نداء الجمّ،
ناظرٍ سامٍ وقلبٍ مطمئنّ.
ثاقبٌ في كل فضلٍ ونور،
خاطرٌ يتنقل في جميع الفنون،
أشبهَ الشمسَ في جمالٍ ونور.
لا رمى الدهرُ معاليهِ بضعف،
فلَه مجدٌ باسقٌ بعيد.
ولهُ بشرٌ من نسبٍ عظيم.
أتقي الخطبَ وأرديه بيدي،
فهو سيفي حين يخرج ويخنقني.
ماجدٌ ثابتٌ في حسه ونهيته،
يقظٌ نافذُ آراءٍ وذهن.
فهو قريبٌ من الفضل في حاجته،
وبعيدٌ عن الضعف والفتور.
يا أبا حامد، أعزّ بالنوايا،
يا لها عن مثلكم صفقة غبن.
قد سمحتم للمحبينَ بها،
وهي تجزي ذلك الجود بغضب.
كم سألنا الجمعَ لو تجدي إذن،
وعتبناها لو أن العتب يغني.
غبتم عن جلّقٍ، فلا عدمتْ،
منكم فرحة البهجة والإحسان.
فهي في بعدكم نارٌ وقود،
وهي في قربكم جنّةُ نعيم.
ما نواحيها فساحًا بعدكم،
لا ولا الطير مجالاً تصيح،
لم تبتْ منذ أن غمرتم أغصانها،
راقصاتٍ والقماري يغني.
مرحباً بالملك الناصر من
مزنةٍ تسري إلى الحي البهني.
باذلُ المجدين جاهًا وغنى،
قاتلُ الإلفين من الخسة والجبن.
فهو في السلم وفي يوم الوغى،
بنّاءً والسُّطا يقني ويذهب.
من إذا استشعر الخوفَ ماله،
من نداه لم يعوذه خزنه.
وإذا كتبت فيه قصيدةً،
قالتِ الريح أو البرقُ أذلكني.
تشهدُ الأعداءُ بفرحٍ له،
فهي تثني عن مساعيه وتثني.
لم تزل في كل حال كفاه،
تهدم المال وللأعداء تبني.
لجأتْ دولته منك إلى
ظلّ مجدٍ رافقتُ كلّ الأركان.
شهرتْ عليك حتى أن:
غنيتْ عن الهوى في الأرض وأنا.
وتطوّلتَ إلى أن زدتَ عن
قول من يرغب في الغاية: زدني.
لك عندي منن واضحة،
في جلابيبٍ من الأيام رمادية.
كم فقدت عن كل قلبٍ لوعةً،
خامرته وقذىً عن كل جفن.
فابقَ لي ما ناح في أيكيّةٍ،
صادحٌ حنّ إلى إلفٍ وقلب.
قصيدة الوداع
يقول نزار قباني:
وداعًا؛ أيها الدفتر
وداعًا يا صديق العمر، يا مصباحي الأخضر،
ويا صدراً بكيت عليه أعوامًا، ولم يضجر.
ويا رفضي، ويا سخطي،
ويا رعدي، ويا برقي،
ويا ألماً تحول في يدي خنجر،
تركتك في أمان الله،
يا جرحي الذي أزهر.
فإن سرقوك من درجي،
وفضوا ختمك الأحمر،
فلن يجدوا سوى امرأةٍ
مبعثرةٍ على دفتر.