الشوق إلى الحبيب
الشوق هو شعور عميق يعتري الإنسان عند بعد مَن يحب، مما يحفزه على انتظار عودته ليتجدد فرحه. نرغب جميعًا في أن يكون أحبتنا إلى جانبنا دومًا، نريد أن تكون علاقتنا معهم دائمة كما هي علاقتنا بأسماءنا. في هذا المقال، سنستعرض مجموعة من أروع القصائد التي تتحدث عن الشوق.
قصيدة عن الشوق لفاروق جويدة
لا تذكري الأمس إني عشت أخفيه
إن يغفر القلب جرحي مَن يداويه
قلبي وعيناك والأيام بينهما
درب طويل تعبنا من مآسيه
إن يخفق القلب كيف العمر نرجعه
كل الذي مات فينا كيف نحييه
الشوق درب طويل عشت أسلكه
ثم انتهى الدرب وارتاحت أغانيه
جئنا إلى الدرب والأفراح تحملنا
واليوم عدنا بنهر الدمع نرثيه
ما زلت أعرف أن الشوق معصيتي
والعشق والله ذنب لست أخفيه
قلبي الذي لم يزل طفلاً يعاتبني
كيف انقضى العيد وانقضت لياليه
يا فرحة لم تزل كالطيف تُسكرني
كيف انتهى الحلم بالأحزان والتيه
حتى إذا ما انقضى كالعيد سامرنا
عدنا إلى الحزن يدمينا ونُدميه
ما زال ثوب المنى بالضوء يخدعني
قد يُصبح الكهل طفلاً في أمانيه
أشتاق في الليل عطراً منك يبعثني
ولتسألي العطر كيف البعد يشقيه
ولتسألي الليل هل نامت جوانحه
ما عاد يغفو ودمعي في مآقيه
يا فارس العشق هل في الحب مغفرة
حطمت صرح الهوى والآن تبكيه
الحب كالعمر يسري في جوانحنا
حتى إذا ما مضى لا شيء يبقيه
عاتبت قلبي كثيراً كيف تذكرها
وعُمْرُكَ الغضّ بين اليأس تُلقيه
في كل يوم تُعيد الأمس في ملل
قد يبرأ الجرح والتذكار يحييه
إن تُرجعي العمر هذا القلب أعرفه
ما زلتِ والله نبضاً حائراً فيه
أشتاق ذنبي فأعينك مغفرتي
يا ذنب عمري ويا أنقى لياليه
ماذا يفيد الأسى أدمنت معصيتي
لا الصفح يجدي ولا الغفران أبغيه
إني أرى العمر في عينيك مغفرة
قد ضل قلبي فقولي كيف أهديه
قصيدة عن الشوق لمحمود سامي البارودي
أبى الشوق إلا أن يحن ضمير
وكُل مَشوق بالحَنين جدير
وهل يستطيع المرء كتمان لوعه
ينم عليها مدمع وزفير؟
خضعت لأحكام الهوى، ولطالما
أبيت فلم يحكم علي أمير
أفُلُّ شباك الليثِ وهو مُناجز
وأرهب لحظَ الرئم وهو غرير
ويجزع قلبي للصدود، وإنني
لدى البأس، إن طاش الكمى صبور
وما كل من خاف العيون يراع
ولا كل من خاض الحتوف جسور
ولكن لأحكام الهوى جبريّة
تبوخ لها الأنفاس وهي تفور
وإني على ما كان من سرف الهوى
لذو تُدرَا في النائبات مغير
يرافقني عند الخطوب إذا عرت
جواد وسيف صارم وجفير
ويصحبني يوم الخلاعة والصبا
نديم، وكأس رَيّة، ومدير
فطورا لفُرسان الصباح مطارد
وطوراً لإخوان الصفاء سمير
ويا ربّ حيّ قد صبحت بغارة
تكاد لها شُم الجبال تمور
وليل جمعت اللهو فيه بغادة
لها نظرة تُسدي الهوى وتُنير
عقلنا به ما ندّ من كل صبوة
وطِرنا مع اللذات حيث تطير
وقلنا لساقينا أدرها، فإنما
بقاء الفتى بعد الشباب يسير
فطاف بها شمسية ذهبية
لها عند الباب الرجال ثئور
إذا ما شربناها أقمنا مكاننا
وظلت بنا الأرض الفضاء تدور
إلى أن أمات الليل ثني لثامه
وكادت أسارير الصباح تُنير
ونبّهنا وقع الندى في خميلة
لها من نجوم الأقحوان ثغور
تغنت بها الأطيار حين بدا لها
من الفجر خيطٌ كالحسام طرير
فهنّ إلى ضوء الصباح ناظرات
وعن سُدفَة الليل المجنح زور
خوارج من أيك، داوخِل غيره
زهاهنّ ظلّ سابغ وغدير
توسد هامَات لهن وسائد من الريش فيه طائل وشكير
كأنّ على أعطافها من حبيكها
تمائم لم تُعقَد لهن سُيور
إذا ضاحكتها الشمس رفّت كأنما
على صفحتيها سندس وحرير
فلما رأيت الليل ولّى وأقبلت
طلايع من خيل الصباح تغير
ذهبت أجر ذيلي تيها، وإنما
يَتِيه الفتى إن عفّ وهو قدير
ولي شيمة تأبى الدنايا، وعزيمة
تفل شباة الخطب وهو عسير
مُعوّدةً ألا تكفّ عِنانها
عن الجدِّ إلا أن تتمّ أمور
لها من وراء الغيب أذن سميعة
وعين ترى ما لا يراه بصيرة
وإني امرؤ صعب الشكيمة بالغ
بنَفسي شأواً ليس فيه نكير
وفيت بما ظنّ الكرام فراسة
بأمري، ومثلي بالوفاء جدير
فما أنا عمّا يُكسِب العزّ ناكب
ولا عند وقع المحفظات حسير
إذا صُلِت كفّ الدهر من غلوائه
وإن قلت غصّت بالقلوب صدور
ملكت مفاتيح الكلام، وحكمة
لها كوكب فخم الضياء منير
فلَو كنتُ في عصر الكلام الذي انقضى
لباء بفضلي جروَلٌ وجرير
ولَو كنتُ أدركتُ النُّواسِى لم يَقُل
أجارَة بَيْتينا أبوك غيور
وما ضَرَّني أني تأخرتُ عنهم
وفضلي بين العالمين شَهير
فيا ربّما أخلَى من السَبق أولٌ
وبدّ الجياد السابِقات آخر
قصيدة عن الشوق للمتنبي
ما الشوق مُقنعاً مني بهذا الكمد
حتى أكون بلا قلبٍ ولا كبد
ولا الديار التي كان الحبيب بها
تشكو إليّ ولا أشكو إلى أحد
ما زال كل هزيم الوَدق يُنحلها
والسقم يُنحلني حتى حكت جسدي
وكلما فاض دمعي غاض مُصطَبري
كأن ما سال من جفنيّ من جلدي
فأين من زفَراتي مَن كَلِفتُ به
وأين منكَ ابن يحيى صولة الأسد؟
لمّا وزنتُ بكَ الدنيا فملَت بها
وبالوَرى قل عندي كثرة العَدَد
ما دار في خَلَد الأيام لي فرحٌ
أبا عبادة حتى دُرْتَ في خَلَدي
ملك إذا امتلأت مالاً خزائنه
أذاقها طعم ثُكل الأمّ للوَلَد
ماضي الجنان يُريهِ الحزم قبل غدٍ
بقلبه ما ترى عيناه بعد غدِ
ما ذا البهاءُ ولا ذا النورُ من بشرٍ
ولا السماح الذي فيه سماحُ يدِ
أي الأكفّ تُباري الغيث ما اتفقا
حتى إذا افتَرَقا عادت ولم يعدِ
قد كنتُ أحسب أن المجد من مضرٍ
حتى تبلَحترَ فهو اليوم من أُددِ
قوم إذا أمطرَت موتاً سيوفهمُ
حسبتَها سُحباً جادت على بلدِ
لم أجرِ غاية فكري منك في صفة
إلا وجدتُ مداها غاية الأبدِ