يعتبر التسامح سلوكًا إنسانيًا نبيلًا يسهم في نشر المحبة بين الأفراد، ويعزز مكانة الإنسان عند الله سبحانه وتعالى. ولا يُعَد التسامح ضعفًا بل يُمثِّل رغبة أكيدة في التماس رضا الله عز وجل ورحمته ومغفرته.
لقد وعد الله تعالى المتصافحين بالمغفرة والرحمة كما يتضح في قوله: “وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم”. في هذه المقالة، سنستعرض مفهوم التسامح وآثاره المختلفة.
تعريف التسامح
- التسامح هو القدرة على التساهل والعفو في التعامل مع الآخرين، حتى في حالات التعرض للإساءة. فهو يُظهِر روح العفو وتتغلب فيه مشاعر الرفق.
- يعني التسامح أيضًا الصفح عن الإساءات أو الظلم من خلال العفو عن المسيء، وترك الحق أو عدم الرد بالمثل لا يعتبر ضعفًا من المتسامح بل هو تجسيد للأخلاق الحميدة.
- كما ذكرت الآية في سورة الشورى (آية 40): “وجزاء سيئةٍ سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين”.
- لذلك، يُعَد التسامح من الصفات الطيبة التي لم يُحدد الله لها أجرًا معينًا بل قال: “فأجره على الله”، مما يدل على عظم أجر المتسامح.
- إذا تمكن الشخص من الصفح والعفو عن من أساء إليه وكان لديه القدرة على الرد بالمثل، فإن الأفضل هو العفو ليتلقى الأجر من الله سبحانه وتعالى.
أشكال التسامح
يمكن أن يتجلى التسامح في عدة صور، منها:
- حسن معاملة الآخرين.
- اللطف في التعامل اليومي.
- الإحسان إلى الجيران.
- عمليات البر والإحسان.
- التراحم بين الأفراد.
- نشر العدل بين الناس.
التسامح في الإسلام
- الإسلام يُعتبر الدين الأكثر وضوحًا في تشجيعه على التسامح، حيث يحث الله سبحانه وتعالى المؤمنين على العفو والصفح في متعدد المواضع.
- كما بيّنت الآية السابقة في سورة الشورى، وتوضح مواضع أخرى فضل العفو، حيث ورد في سورة آل عمران (آية 133 و 134):
- “وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين”.
- وقد أنذر الإسلام من نتائج عدم الالتزام بالتسامح، لأنها قد تؤدي إلى مشاعر الكراهية والظلم والعنف.
- هناك العديد من الأحاديث النبوية التي تحث على التسامح، فعن معقل بن يسار قال الرسول عليه الصلاة والسلام: “أفضل الإيمان الصبر والسماحة”.
- وقال أنس بن مالك – رضي الله عنه –: “ما رأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – رفع إليه شيء فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو”.
- من خلال معاملة النبي – صلى الله عليه وسلم – لأهل الكتاب، تجسد التسامح عندما كان يزور المرضى منهم ويعاملهم بحسن.
- بعض الناس يعتقدون أن التسامح يقتصر على البشر، وهو اعتقاد خاطئ، فالتسامح يشمل جميع الكائنات الحية والهامة، سواء كانت نباتات أو حيوانات.
آثار التسامح
تتعدد الفوائد الإيجابية الناتجة عن التحلي بصفة التسامح، ومنها:
- يشعر المؤمن المتسامح بالراحة النفسية والطمأنينة.
- يمكن أن تساهم الأجواء المتسامحة في تقليل مشاكل القلب وارتفاع ضغط الدم، حيث يبتعد المتسامح عن النزاعات التي قد تؤدي إلى أمراض مزمنة.
- يعمل التسامح على نشر المحبة وخلق علاقات إيجابية بين الأفراد.
- يشعر المتسامح برضا داخلي.
أهمية التسامح للفرد والمجتمع
للتسامح دور بارز في تعزيز الروابط الاجتماعية، ويتجلى ذلك في النقاط التالية:
- يساهم التسامح في تعزيز السلام والتعايش السلمي بين الأفراد بمختلف توجهاتهم الثقافية والدينية.
- يشجع التسامح على الانفتاح ويعزز من تفاعل الأفراد بشكل إيجابي، مما يقلل من الصراعات والانقسامات.
- يساعد التسامح في تعزيز التعليم وتطوير الشخصيات، ويعزز القدرة على استكشاف وجهات النظر المختلفة.
- يؤدي التسامح إلى خلق بيئة اجتماعية واقتصادية مستقرة، مما يساهم في تجنب النزاعات التي قد تضر بالاستقرار.
- يدعم التسامح المجتمعات المتعددة الثقافات، حيث يقوم على الاحترام المتبادل والتعاون الفعال.
- يسهل التسامح تبادل الحوار البناء بين الأفراد حول الأفكار المختلفة، وبالتالي يساعد في مواجهة التحديات الاجتماعية.
أنواع التسامح
يتنوع التسامح ليُظهر أشكالاً مختلفة تتناسب مع تفاعل الأفراد في مجالات متعددة:
- التسامح الديني: يعني قبول التنوع في المعتقدات الدينية للأخرين مع الحفاظ على الاحترام المتبادل.
- التسامح السياسي: يشير إلى قبول وجهات النظر السياسية المختلفة والسماح بحوارات بناءة دون اللجوء للعنف.
- التسامح الفكري: يتعلق بتقبل الأفكار المتباينة والتفاعل من دون تعصب أو تمييز.
- التسامح العرقي: يعني قبول التنوع في الأعراق والثقافات والتعامل مع الأخرين بسلام واحترام.