مجاهد العامري
مجاهد بن يوسف بن علي، من السادة المعروفين في عصر المنصور بن أبي عامر، تولى إدارة مدينة دانية خلال فترة الحكم التي شهدتها هذه المدينة. عقب اندلاع الفتن وزوال الخلافة في الأندلس، تمكن مجاهد العامري من الانفراد بحكم دانية والجزر الشرقية منورقة وميورقة واليابسة في العام 405 هـ، حيث لقّب نفسه بـ”الموفق بالله”. كما استطاع تحقيق فتح جزيرة سردينية في العام 406 هـ، وكان لديه معرفة واسعة وثقافة رفيعة، بالإضافة إلى حسن إدارتها وسياساتها.
بعد وفاة مجاهد العامري في العام 436 هـ، تولى ابنه علي إقبال الدولة حكم مدينة دانية والجزر الثلاث. اتسمت سياسة إقبال الدولة بالحياد في التعامل مع بقية أمراء الطوائف، حيث أبرم تحالفات مع بلنسية وشنتمرية الشرقية، وعقد معاهدات صلح مع ملك قشتالة. في العام 447 هـ، قدّم إمدادات غذائية إلى مصر المتضررة من قحطٍ شديد، مما أظهر حرية فكرية بارزة في عصره.
تدهورت العلاقات بين مملكة إقبال الدولة والمقتدر بن هود، صاحب سرقسطة، بسبب استضافة علي إقبال الدولة للاجئين الهاربين من وجه المقتدر. حشد الأخير قواته وسار نحو دانية لقتال إقبال الدولة، وعندما تم حصار المدينة، أذعن علي إقبال الدولة وأقر بتسلم المدينة إلى المقتدر بن هود في العام 468 هـ.
في أعقاب سقوط المدينة بيد المقتدر، انفصل عبدالله المرتضى، والي الجزر الثلاث، عن دانية، واستمر في حكم هذه الجزر حتى نزول المرابطين إلى الأندلس واستيلائهم على الجزر في العام 503 هـ.
مبارك ومظفر العامريين
مبارك ومظفر، من السادة المعروفين في زمن المنصور بن أبي عامر، قاما بثورة في مدينة بلنسية ضد الوالي عبد الرحمن بن يسار وتمكنا من حكم المدينة وشاطبة. خلال حكمهما، تم تعزيز حصون المدينة وزيادة الجباية منها، مما ساهم في جذب حرفيين وذوي مهارات إلى بلنسية، ما أدى إلى ازدهار المدينة وارتفاع عدد سكانها من الصقالبة والفتيان والعبيد، وبرز فيها فرسان ومقاتلون.
بعد وفاة مبارك ومظفر، قام بقية الفتيان العامريين في بلنسية بتنصيب عبد العزيز بن عبد الرحمن بن المنصور بن أبي عامر المعافري. حاول عبد العزيز توسيع سلطته ووجه رسائل إلى أهل ألمرية لمبايعته، ومع قبول أهل ألمرية لبيعة عبد العزيز بدأ الصراع بين مجاهد العامري وعبد العزيز بن المنصور.
تولى عبد العزيز بن المنصور الحكم عام 452 هـ، إلا أن المدينة سقطت في يد المأمون بن ذي النون، صاحب طليطلة، بعد أن داهمها، فتم حبس عبد الملك في قلعة أقليش في العام 457 هـ، وتولى محمد بن عبد العزيز المعروف بابن رويش حكم بلنسية. ومن ثم، تسارعت الحروب للسعي لاحتلال المدينة بين أمراء الطوائف والممالك الإسبانية. في النهاية، حكم المدينة الكمبيادور وتم تشريد المسلمين فيها حتى دخول المرابطين عام 495 هـ.
أبو الحزم بن جهور
هو جهور بن محمد بن جهور، أحد موالي بني أمية، الذي اتفق أهل قرطبة برئاسته لتنظيم أمورها. قام ابن جهور بجمع زعماء ووجهاء المدينة للتشاور في الأمور المختلفة، وقد عرفت هذه الهيئة بـ”حكومة الجماعة”، حيث كانت تدير شؤون المدينة المالية والإدارية وتنظم الأمور العامة. أظهرت حكومة الجماعة نجاحاً في قمع الفتن وإصلاح القضاء، مما ساهم بنمو التجارة وازدهار المدينة مرة أخرى.
بعد رحيل أبي الوليد بن جهور، تولى ابنه عبد الملك رئاسة الجماعة في قرطبة. إلا أن عبد الملك أساء التدبير مما أدى إلى هروب ابن زيدون إلى جوار ابن عباد في إشبيلية. أقدم المعتضد بن عباد على تدبير مؤامرة للإطاحة بالوزير ابن السقاء، مما أدى إلى مقتله واندلاع نزاع بين عبد الملك وأخيه عبد الرحمن حول رئاسة الجماعة، لينتهي الأمر بحبس عبد الملك لأخيه.
في العام 462 هـ، سار المأمون بن ذي النون لغزو قرطبة، فطلب عبد الملك بن جهور المساعدة من المعتمد بن عباد، الذي أسرع في تجهيز جيشه. وعندما عادت قوات المأمون إلى طليطلة، تمكن جيش المعتمد من دخول قرطبة بعد قتال بسيط، فبادر أهل المدينة بالإعلان عن ولائهم للمعتمد وخلع عبد الملك بن جهور.
محمد بن عباد
هو محمد بن إسماعيل بن قريش بن عباد اللخمي، الذي تولى منصب القضاء في إشبيلية في زمن المنصور بن أبي عامر، وتمكن من الحصول على الرئاسة هناك، وترك الحكم لابنه إسماعيل. تصادم أبو القاسم ابن عباد مع المنصور بن الأفطس، صاحب بطليوس، حول مدينة باجة، وأعلن ابن عباد عن وجود هشام المؤيد في إشبيلية داعياً أمراء الطوائف لمبايعته.
بعد وفاة أبو القاسم في العام 433 هـ، تولى ابنه عباد الحكم في إشبيلية، حيث عُرف كأحد أبرز أمراء الطوائف وكان له نفوذ واحترام كبيرين، بحيث لقّب نفسه بالمعتضد. استولى على الإمارات الغربية مثل لبلة والعديد من المناطق الأخرى في الأندلس، وأضاف إلى سلطته إمارات وعواصم مهمة في الجنوب.
بعد وفاة والده المعتضد، تولى المعتمد بن عباد حكم إشبيلية. اشتهر بكونه شاعراً ومثقفاً، وكتب العديد من القصائد في الغزل وغيرها. قام المعتمد بمناورات متعددة لتلبية رغبات زوجته اعتماد الرميكية، بما في ذلك يوم الطين. عُرف بالمعتمد نسبةً إلى اسم زوجته، وتمكن من السيطرة على قرطبة، واستعان بالمرابطين لمساندة أمراء الطوائف في محاربتهم ضد ملك قشتالة، مشهوراً بكفاءته في معركة الزلاقة.
عبد الله بن الأفطس
عبد الله بن مسلمة بن الأفطس، من بني مكناسة في المغرب، تولى حكماً فعالاً في بطليوس بعد وفاة سابور الفارسي، أحد حاشية الحكم المستنصر. على الرغم من حكمه، كان عبد الله شديد الحذر من مملكة إشبيلية، حيث قام بتحصين مدينته وضبط شؤونها. واجهته مشاكل عندما قام ابنا سابور الفارسي بالثورة عليه في مدينة أشبونة لكنه تمكن من إخضاعهما.
بعد وفاة عبد الله، تولى ابنه محمد الحكم ولقب نفسه بالمظفر، مما أدى إلى نشوب حروب عديدة مع ابن عباد حاكم إشبيلية، وكذلك مع ابن ذي النون. وقعت عدة غارات على مدن ابن الأفطس، وأهمها سقوط مدينة قلمرية في يد الإسبان، مما أدى إلى ظهور المتوكل بن المظفر من بني الأفطس الذي أصبح بلاطه مركزاً للشعراء والأدباء.
إسماعيل بن ذي النون
إسماعيل، من الأمازيغ، تولى حكم طليطلة وأسند إدارة المدينة إلى أبي بكر الحديدي. وبعد وفاته، تولى ابنه المأمون الحكم واستخدم ثلاثة وزراء بجانب ابن الحديدي، مما ساعد في توسيع حدود مملكة ابن ذي النون حتى مشارف بلنسية. شهدت هذه الحقبة استقرارًا أمنيًا ونموًا في التجارة.
ومع ذلك، كان حكم المأمون مليءً بالنزاعات والحروب، حيث اشتبك مع ابن هود صاحب سرقسطة، وابن عباد صاحب إشبيلية، وكانت النزاعات تدور حول القلاع الحدودية، مما أدى إلى طلب المأمون دعم ملك قشتالة في صراعه مع ابن هود. وصلت الأحداث إلى ذروتها حتى توفي المأمون في عام 467 هـ.
بعد وفاة المأمون، تولى الحكم ابنه يحيى الملقب بالقادر، الذي دبّر مكيدة للتخلص من الوزير ابن الحديدي. ولكن القادر واجه صعوبة في تثبيت سلطته داخل طليطلة، حيث زادت الاضطرابات وبدأ ملك قشتالة بمطالبة القادر بتعهده، مما أدى إلى حصار المدينة، وهرّب القادر الذي أسفر عن سقوط طليطلة في يد ملك قشتالة في عام 478 هـ.
سليمان بن هود
كان سليمان بن هود من أبرز وجهاء سرقسطة في زمن الوالي محمد بن عبد الرحمن التجيبي، وسبب الصراع بين ابن ذي النون وابن هود كان استيلاء الأخير على السلطة من التجيبي. قام سليمان بتقسيم مملكته بين أبنائه، حيث كانت مدينة سرقسطة من نصيب ابنه أحمد، ولاردة ووشقة لابنه يوسف، وقلعة أيوب لابنه محمد.
أدى هذا التقسيم إلى نشوب حرب أهلية بين أبناء سليمان الثلاثة. في العام 456 هـ، تمكن الرومانيون من حصار مدينة بربشتر التي يسيطر عليها يوسف بن هود لمدة أربعين يوماً. استطاعوا اقتحام المدينة وقتل من كان فيها، وقد قُدّر عدد القتلى بحوالي أربعين ألفاً. عجز يوسف بن هود أو أخيه المقتدر عن الدفاع عن المدينة بسبب قلة الموارد والانشغال في حروب أخرى.
في زمن المستعين بن هود، واجه خطرين على مملكته؛ الإسبان والمرابطين، حيث بدأ المستعين بطلب الحماية من ملك قشتالة وتعهد بدفع الجزية. إلا أن الملك زحف بجنوده نحو مدينة وشقة وتمكن من الاستيلاء عليها، تلاها حصار مدينة تطيلة حتى تم الاستيلاء عليها بعد مقتل المستعين في المعركة. تولّى ابنه عبد الملك بن هود الحكم عقب ذلك، لكن الثورة قامت ضد حكمه، مما دفع أبناء سرقسطة إلى طلب إرسال والٍ من ابن تاشفين عام 503 هـ.