الثورة الفرنسية
تُعتبر الثورة الفرنسية، والتي تُعرف أيضًا بثورة عام 1789، حدثًا ثوريًا بارزًا في تاريخ فرنسا، حيث وقعت بين عامي 1787 و1799. وقد بلغت الثورة ذروتها الأولى في عام 1789، مما أدى إلى إنهاء النظام القديم في فرنسا. تجدر الإشارة إلى أن الثورة الفرنسية كانت لها دوافع عامة تشترك فيها مع الثورات الغربية الأخرى التي نشبت في نهاية القرن الثامن عشر، بالإضافة إلى أسباب خاصة تميزها عن تلك الثورات في كونها الأكثر عنفًا وتأثيرًا على الساحة العالمية.
أسباب الثورة الفرنسية
تثار مناقشات أكاديمية مستمرة حول الأسباب المحددة للثورة الفرنسية. ومع ذلك، يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
أولًا: تهميش الطبقة البرجوازية سياسيًا
لعبت الطبقة البرجوازية دورًا محوريًا في اندلاع الثورة، حيث تتكون هذه الطبقة من الأثرياء من رجال ونساء الطبقة الثالثة. تطورت البرجوازية لتصبح طبقة جديدة تحمل آمالًا سياسية تسعى لتحقيق المساواة مع الطبقتين الأخريين، وهما رجال الدين الكاثوليك والنبلاء. وقد سعت البرجوازية إلى التحرر من القيود الإقطاعية والملكية التي كانت تعيق حريتها الشخصية وإمكانياتها التجارية وملكيتها.
ثانيًا: تطلع الفلاحين نحو التغيير
أصبح الفلاحون على وعي تام بوضعهم المزري، ولم يعودوا مستعدين للاستمرار في دعم النظام الإقطاعي. وزاد غضبهم بسبب الظلم المستمر الذي تعرضوا له، والذي تمثل في:
- إقصاؤهم عن مناصب الشرف والسيطرة السياسية.
- سواء المعاملة من الطبقتين الأخريين.
ثالثًا: انتشار أفكار التنوير
شاعت أفكار عصر التنوير في أوروبا خلال القرن الثامن عشر، حيث أدت الحركة الفكرية الفلسفية إلى تشكيك فلاسفة مثل جون لوك وجان جاك روسو والبارون دي مونتسكيو في السلطة المطلقة للملوك وفي التقسيمات الاجتماعية عبر القوانين والنظم مثل نظام العقارات. وقد نوقشت أعمال مفكري عصر التنوير بشكل خاص في فرنسا، مما كان له تأثير عميق على الثوار.
رابعًا: تأثير مشاركة فرنسا في حروب القرن الثامن عشر
انغمرت فرنسا في مجموعة من الحروب المكلفة ضد بريطانيا العظمى خلال القرن الثامن عشر. وسُجلت خسائر كبيرة بغض النظر عن نتائج هذه الحروب، ومنها:
- هزيمة لويس الخامس عشر في حرب السنوات السبع أمام بريطانيا.
- مشاركة حفيده، لويس السادس عشر، في حرب الاستقلال الأمريكية ضد بريطانيا.
خامسًا: زيادة نسبة السكان في فرنسا
شهدت فرنسا زيادة ملحوظة في عدد السكان عام 1789، حيث بلغ عدد السكان حوالي 26 مليون نسمة، مما جعلها الدولة الأكثر كثافة سكانية في أوروبا وكان ذلك يشكل ضغطًا كبيرًا على الموارد.
سادسًا: عجز النظام الملكي الفرنسي عن التكيف مع الضغوط
تميز القرن الثامن عشر بالنظام الملكي المطلق في فرنسا، حيث تمتع الملك بسلطة كاملة بصورة كبيرة تعتمد على شخصيته. ومع ذلك، كان لويس السادس عشر شخصية مترددة وغير حازمة، ويفتقر إلى الصفات الضرورية لتحقيق النجاح في الحكم كما فعل أسلافه. لم يكن لديه القدرة أو الإرادة اللازمة لإدارة السلطة ومنح الامتيازات ولجم مثيري الشغب المحتملين.
سابعًا: نظام الضرائب في فرنسا
كانت الحالة المالية الفرنسية تعاني من الفوضى بحلول أواخر القرن الثامن عشر، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل:
- تواطؤ النظام مع الأثرياء في مسائل الضرائب.
- إعاقة محاولات الإصلاح من خلال الرشوة.
- فشل وزير المالية جاك نيكر في إصلاح نظام الضرائب، مما جعله يلجأ للاقتراض وزاد من الديون التي تتحملها فرنسا.
- تنامي استياء الشعب نتيجة ممارسات الملك المالية السيئة، والتي تم تسليط الضوء عليها من خلال وثيقة تعرف بتقرير للملك نشرها نيكر.