أسباب ونتائج الغزوة ضد قبيلة بني النضير

قبيلة بني النضير

كانت قبيلة بني النضير، وهي إحدى قبائل يهود المدينة، تحمل مشاعر العداء تجاه الإسلام والمسلمين. بالرغم من ذلك، لم يكن لديهم ميل للقتال بشكل مباشر، بل اتبعوا أساليب المكر والخداع للتآمر ضد المسلمين، بما في ذلك التخابر مع المنافقين وكفار مكّة سرا لتهيئة الأذى للمسلمين. جاء ذلك على الرغم من وجود مواثيق وعهود بينهم وبين المسلمين.

الأسباب المباشرة لغزوة بني النضير

ظل النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- صامتًا تجاه تصرفات بني النضير حتى تفاقمت الأمور، حيث تآمروا على محاولة قتله. فقد وردت أنباء عن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طلب مساعدة يهود بني النضير بشأن دية رجلين من بني عامر، كان قد قتلهما عمرو بن أمية الضمري بعد عودته من بئر معونة، دون أن يعرف ما بينه وبينهم من عهود.

أبدى يهود بني النضير استعدادهم للمساعدة، كما هو متفق عليه في المعاهدات، وأخبروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنهم يحتاجون لبعض الوقت لتلبية طلبه. وعندما جاء ليجلس جنبا إلى جدار من بيوتهم برفقة بعض أصحابه، تجرأ أحدهم، وهو عمرو بن جحاش، بتشجيع من الشيطان على التآمر لقتله بإلقاء صخرة عليه. لكن الله -عز وجل- أوحى بالنقطة لفخامة نبيه، مما دفعه للعودة إلى المدينة برفقة أصحابه، وأخبرهم بما أوحى إليه، ثم أمرهم بالاستعداد لمواجهة بني النضير، وعين ابن أم مكتوم حاكمًا للمدينة أثناء غيابه.

نتائج غزوة بني النضير

أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محمد بن مسلمة إلى بني النضير ليأمرهم بالخروج من المدينة، واصطدموا بالخبر أن مهلة الرحيل لا تتجاوز عشرة أيام. فأرسل حيي بن الأخطب زعيم بني النضير رسالة إلى النبي مفادها أنهم لن يغادروا ديارهم، وأنهم غير مكترثين لما سيفعله المسلمون، بعد أن أغراهم عبد الله بن أبيّ بن سلول، زعيم المنافقين.

إجلاء بني النضير

خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نحو بني النضير، الذين تحصنوا في بيوتهم وحاصرهم لمدة ست ليال. أمر بقطع النخيل وحرقها، وهدم البيوت الأقرب ثم الأقرب. وأصدر لهم أوامر بالمغادرة، محددًا أن ما يمكنهم أخذه هو أرواحهم وما تحمله الإبل فقط، مستثنيًا السلاح.

ألقى الله -عز وجل- الرعب في قلوب يهود بني النضير والمنافقين الذين تخلفوا عن نصرهم، حيث قام البعض منهم بهدم بيته بيده وتحميله على ظهور الإبل، بينما فاروا مع نسائهم وأطفالهم على نحو ستمائة بعير إلى مدينة خيبر.

غنائم بني النضير

استولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أموال بني قريظة وأسلحتهم، حيث كانت تضم خمسين درعًا وخمسين بيضة. وقد اعتُبرت هذه الغنائم فيئًا له لأنه لم يتضمن قتالًا، كما أن الله أثار الرعب في قلوب بني النضير مما دفعهم إلى المغادرة أثناء دون قتال. وقد وزع النبي الأموال على المهاجرين لتقليل أعباء الأنصار الذين سبق لهم أن تقاسموا الثروات معهم، كما خصص جزءًا من العطاء للأنصار أبا دجانة وسهل بن حنيف لاحتياجهما.

موقف المنافقين في غزوة بني النضير

علم المنافقون بتطورات الوضع الخاص بأوليائهم من بني النضير، وكيف بعث لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأمر خروجهم من منازلهم. فقام زعيمهم عبد الله بن أبيّ بن سلول بإرسال رسالة لهم أكدت أنهم في صفهم، سواء كان ذلك على قيد الحياة أو في الموت، وذكر لهم أنه سيساهم في القتال مع المنافقين، الذين بلغ عددهم ألفين من العرب، فضلاً عن حلفائهم من غطفان وقريظة الذين سيقدمون لهم الدعم.

اعتمد يهود بني النضير على ما سمعوه من المنافقين وظنوا بأنفسهم بأنهم سينتصرون على المسلمين، لذا بقوا في بيوتهم وأخبروا النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم لن يغادروا، مما دفعهم لتحصين أنفسهم في حُصُونهم، محملين بالحجارة والنبل.

لكن عندما خرج إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه، تملكت الرهبة من الله -عز وجل- في قلوب الطرفين، فتخلّى المنافقون عن ضعفهم وتبرّأوا من اليهود، مما أدى إلى شعورهم بالإحباط، وحاصرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى تم إجلاء يهود بني النضير من المدينة في النهاية.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *