أدوات الاستفهام في اللغة العربية
تعتبر أدوات الاستفهام من العناصر الأساسية في اللغة العربية، حيث تُستخدم بكثرة في التواصل الشفهي والكتابي. ومن أبرز هذه الأدوات:
من
“مَن” هي إحدى أدوات الاستفهام التي تستخدم في العربية في عدة سياقات، حيث يمكن أن تأتي للاستفهام الحقيقي أو قد تحمل دلالة النفي. مثال على الاستفهام الصريح يأتي في قوله تعالى: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}.
ويظهر الاستفهام المخلوط بالنفي في مثل قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ}.
تُعتبر “مَن” مبتدأً، وما بعدها هو الخبر، كما في المثال: “مَن أبوك؟ حيث تُعد “مَن” مبتدأً و”أبوك” خبرًا. ومن الاستخدامات الأخرى لـ”مَن”:
- {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}، وفي الإعراب:
اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ.
- {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً}، وفي الإعراب:
اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ.
ما
تُستخدم “ما” في اللغة العربية في العديد من السياقات، حيث تأتي كحرف وكاسم، ولكل منهما استعمالاته الخاصة. واحدة من أبرز استخداماتها كحرف استفهام هي لاستفسار عن الأجناس بشكل عام، كما في: “ما اسمك؟” و”ما لديك؟”، بمعنى “أي شيء”.
تظهر “ما” في القرآن الكريم مثل قوله تعالى: {مَّا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ}، وأيضًا: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ}، وكذلك: {الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ}.
عند إدخال حرف جر على “ما” الاستفهامية، تُحذف الألف وتُعوض عنها بفتحة، مثل: “فيما؟” و”علام؟” و”بم؟” و”إلى متى؟” ومن الأمثلة الشعرية على ذلك نورد:
فَتلك وِلاةُ السَوءِ قد طالَ ملكُهم
فحَتَّامَ حَتَّامَ العَنَاءُ المُطَوَّلُ
من الأمثلة على استخدامها:
- {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}، وفي الإعراب:
اسم استفهام مبني في محل جر بحرف الجر.
- {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، وفي الإعراب:
اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ.
متى
متى هو اسم يستعمل للاستفهام عن الزمان، وله في اللغة العربية نوعان من الإعراب:
- يُعرب كخبر مُقدّم، لكنه يتطلب أن يكون ما بعده اسمًا، كما في قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ}.
- يمكن أيضًا أن تُعرب كظرف يتعلق بالفعل بعده، كما في: “متى ذهبت إلى المدرسة؟” أو أن تتعلق بخبر الفعل الناسخ، كقوله: “متى كان الرجل صائمًا؟”
أين
تستخدم “أين” للاستفهام عن المكان، كما يتضح في السؤال: “أين تذهب هذا الصيف؟”، وقد وردت في القرآن الكريم في عدة مواضع، منها: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}، وكذلك: {يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ}.
يمكن أن تخرج “أين” أيضًا عن معنى الاستفهام لتأتي كشرط، كما في: “أين لقيت فلانًا فأكرمه”، وتُستخدم أيضًا بمعنى “حيث” التي تدل على المكان، كما في: “جئت من أين لا تعلم”. ومن الأمثلة علي ذلك:
- أين الطريق إلى المدينة؟
وفي الإعراب هنا: اسم استفهام مبني في محل رفع خبر مقدم.
- أين تذهب الأرواح بعد الموت؟
وفي الإعراب هنا: اسم استفهام مبني في محل نصب مفعول فيه ظرف مكان.
- أين الرجال في هذه الحرب؟
وفي الإعراب هنا: اسم استفهام مبني في محل رفع خبر مقدم.
كم
تأتي “كم” في العربية على نوعين: خبرية تكثيرية واستخدامها الاستفهامي. ويتشاركان في خمسة خصائص: الاسم، والغموض، والافتقار إلى التمييز، والبناء، ولزوم الصدارة. كما تتميز “كم” الاستفهامية عن الخبرية بخمس نقاط:
- الكلام مع “كم” الاستفهامية يتطلب التصديق على عكس الخبرية.
- المتكلم في الاستفهامية يستدعي جوابًا من المخاطب.
- الاسم المُبدل من “كم” الاستفهامية يرافق الهمزة، مثل: “كم مالك؟ أعشرون أم خمسون؟”
- تمييز “كم” الاستفهامية يكون مفردًا.
- تمييز “كم” الاستفهامية يكون منصوبًا ما لم تجرّ بحرف جر، حيث يجوز في التمييز الجر والنصب.
أمثلة على “كم” الاستفهامية:
- كم كتابًا قرأت؟
وفي الإعراب هنا: اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ.
- بكم دينارًا اشتريت مزرعتك؟
وفي الإعراب هنا: اسم استفهام مبني في محل جر بحرف الجر.
كيف
تستخدم “كيف” كاسم استفهام، وهناك دلائل عديدة على ذلك:
- دخول حرف الجر عليها دون تأويل، كما في: “على كيف تبيع الأحمرين”.
- إبدال الاسم الصريح منها، كقولهم: “كيف أنت؟ أصحيح أم سقيم؟”
- الإخبار بها مع مباشرة الفعل، كما في: “كيف كنت؟”
- استخدامها للاستفهام، كقولهم: “كيف زيد؟” وقد تخرج “كيف” إلى معاني أخرى، كقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ}، حيث هنا يكون الاستفهام قد تحول إلى تعجب.
من الاستخدامات:
- كيف تكون الجنة؟
وفي الإعراب هنا: اسم استفهام مبني في محل نصب خبر للفعل الناقص “تكون”.
- كيف تجيب عن أسئلة الامتحان إن لم تكن حافظًا؟
وفي الإعراب هنا: اسم استفهام مبني في محل نصب حال.
- كيف الطريق إلى بيتكم؟
وفي الإعراب هنا: اسم استفهام مبني في محل رفع خبر مقدم.
أي
أيّ، المشددة، تأتي على خمسة أوجه، إذ تستخدم شرطًا، واستفهامًا، وموصولًا، ودالّة على الكمال، ووصلة إلى نداء ما فيه “ال.” والحديث هنا منصبٌ على أيّ الاستفهامية، كما في قوله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا}، وأيضًا: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}.
يمكن أن تُخفّف “أي” فتكتب بدون تشديد مع بقائها على معنى الاستفهام، كما في قول الشاعر:
تَنَظَّرتُ نَصرًا وَالسِماكَينِ أَيْهُما
عَلَيَّ مِنَ الغَيثِ اِستَهَلَّت مواطِرُه
هل
“هل” هي حرف يُستخدم لطلب التصديق، وتعتبر مثل الهمزة في كونها حرف استفهام. وتتميز “هل” عن الهمزة بعشر خصائص:[٢٨]
- الاختصاص بالتصديق.
أي أنها تطلب خبرًا صادقًا لا يحتمل الكذب، مثل: “هل قام زيد؟”، حيث يسعى السائل إلى معرفة ما إذا كان زيد قد قام أم لا.
- الاختصاص بالإيجاب.
بمعنى أنها لا تدخل على عبارات نفي، مثال: لا يجوز القول: “هل لم يقم زيد؟”.
- تخصيص هل المضارع بالاستقبال.
فإذا أدخلناها على المضارع، تفيد الاستقبال كما في: “هل تسافر؟” وهو سؤال عن أمر سيحدث مستقبلًا.
- لا تدخل هل على الشرط.
مثل: لا يجوز القول: “هل إن قام زيد قام عمرو؟”.
- لا تدخل هل على اسم يتبعها فعل.
مثل: لا يجوز القول: “هل زيدًا ضربت؟”.
- تقع هل بعد العطف، لا قبله.
بمعنى أنه ليس لها الصدارة مثل الهمزة.
- تقع هل بعد “أم” التي للإضراب.
أي أنها ليست لها الصدارة مثل الهمزة.
- يفهم من الاستفهام بـ”هل” النفي.
وهذا يعني أن السؤال بـ”هل” يفيد النفي، كما في قوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}، أي أن الجزاء هو الإحسان ولا شيء غير ذلك.
- قد تأتي بمعنى “قد” مع الفعل.
مثل قوله تعالى: {هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا}، أي قد أتى.
أمثلة على “هل”:
- {وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا}.
وفي الإعراب: حرف استفهام لا محل له من الإعراب.
- {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}.
وفي الإعراب: حرف استفهام لا محل له من الإعراب.
الهمزة
تعتبر الهمزة حرفًا يُستخدم للنداء والاستفهام، وفي الاستفهام تُعد طلبًا للفهم. فهي تعتبر أصل أدوات الاستفهام كما ذكر عدد من أعلام اللغة. وقد خُصصت الهمزة بعدة أمور، منها:[٣٣]
- جواز حذفها، كما يتضح في قول الشاعر:
طَرِبتُ وما شَوقًا إلى البِيضِ أَطرَبُ
ولاَ لَعِبًا منّي وذُو الشَّيبِ يَلعَبُ؟
- ورودها في معنى التصديق والتصوّر، مثل: “أزيدٌ قائم؟”
- دخولها على الإيجاب والنفي، كما في قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}.
- تمام تصديرها، مثل: “أقام زيد أم قعد؟”
أم
تعني “أم” التي تأتي بعد همزة الاستفهام، وهي تعتبر أم المتصلة، وبالتالي تُدعى “أم المعادلة”؛ لأنها تعادل الهمزة في نفس الطلب. يمكن أن تقع بين مفردين، كما في قوله تعالى: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا}، أو بين جملتين فعليتين ليستا في تأويل مفردين، مثل قول الشاعر:
فَقُمْتُ لِلطَّيْفِ مُرْتَاعًا فَأَرَّقَنِي
فَقُلْتُ أَهْيَ سَرَتْ أَمْ عَادَنِي حُلُمُ
كما يمكن أن تقع بين جملتين اسميتين، مثل قول الشاعر:
لعَمرُكَ ما أدري وإِن كنتُ دارِيا
شُعيثُ بن سَهمٍ أم شُعَيثُ بن مِنقرِ
وتظل “أم” حرفًا لا محل له من الإعراب أينما أُدرِجت.
أيّان
تستخدم “أيّان” كاسم للاستفهام بمعنى “أي حين”، وتُسأل عن الزمان، حيث تشابه “متى”. وقد ذكر بعض النحاة مثل الإمام أبي البقاء العكبري أن “أيّان” تُستخدم للاستفهام عن الزمان المستقبلي، ولا تُستخدم إلا في الأمور العظيمة.[٣٧]
كما في قوله تعالى: {بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ * يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ}، وكذلك: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}، ومن أمثلة الاستخدام اليومي: “أيّان اللقاء الختامي للمؤتمر؟”
أمثلة عليها:
- يسأل الولد أيّان العيد؟
وفي الإعراب هنا: اسم استفهام مبني في محل رفع خبر مقدم.
- {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}.
وفي الإعراب هنا: اسم استفهام مبني في محل نصب مفعول فيه ظرف زمان.
أنّى
تستخدم “أنّى” للسؤال عن الزمان، المكان، أو الحال، ويتحدد ذلك بناء على سياق الكلام. مثال على السؤال عن الزمان هو: “أنّى تذهبون؟” بمعنى “متى تذهبون”، ومثال آخر يدل على المكان هو ما ورد في قوله تعالى في سورة آل عمران على لسان النبي زكريا -عليه السلام-: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا}، بمعنى “من أين جاء هذا الرزق”.
أما عن دلالتها على الحال، فنجد في قوله تعالى على لسان مريم العذراء -عليها السلام-: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكِ اللهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}، حيث يكون معنى الكلام “كيف سيكون لي ولد؟”.
من الأمثلة عليها:
- {أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا}
وفي الإعراب هنا: اسم استفهام مبني في محل نصب حال ويمكن أن يُعتبر مفعولًا فيه.
- أنّى تبحث تجد الفائدة.
وفي الإعراب هنا: اسم استفهام مبني في محل نصب مفعول فيه ظرف مكان.