أسباب تلوث البحار
النفايات والمخلفات
تعتبر النفايات والمخلفات الناتجة عن أنشطة الملاحة البحرية مؤشراً على التأثير السلبي للإنسان على الأوساط المائية. تأتي هذه النفايات من مصادر متعددة، ومنها الأنشطة البحرية مثل قوارب الصيد وناقلات البضائع. ولكن، يشكل 80% من هذه النفايات مصادر برية، بمعظمها مكون من المخلفات البلاستيكية والمواد المصنعة التي تُترك في البيئة، لتجد طريقها في النهاية إلى مياه البحر. قد يتم التخلص من هذه المخلفات بشكل مباشر في البحر أو على الشواطئ، أو ربما تُرمى بعيداً عن الساحل، لتنتهي في النهاية إلى المياه عبر جريان الأمطار.
يؤدي تواجد هذه النفايات إلى تأثيرات سلبية على الكائنات البحرية، والتي قد تواجه الموت نتيجة ابتلاعها للمخلفات أو نتيجة عدم القدرة على الحركة بفعلها. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر هذه المخلفات سلباً على الجاذبية البصرية للبحار والمحيطات. يُمكن تقليل هذه النفايات من خلال إعادة تدوير المخلفات، والحد من استخدام المواد البلاستيكية، بالإضافة إلى الالتزام بالتخلص السليم من النفايات في الأماكن المخصصة لذلك، والتأكد من أن مواقع تجمعها خارج المنازل مغلقة بإحكام.
تلوث النفط والكيماويات
يمثل تلوث النفط أحد التهديدات الكبرى للنظم الإيكولوجية البحرية. عادة ما يصل النفط إلى المياه نتيجة لجريان المياه من المدن والمناطق الحضرية، بالإضافة إلى العمليات المتعلقة بتعبئة وتفريغ الوقود في القوارب في الموانئ، وأيضًا التسربات النفطية الناتجة عن الحوادث في ناقلات النفط. تُقدّر أن التسربات النفطية أثناء نقل وتصنيع النفط تمثل حوالي 8% من إجمالي أسباب تلوث البحار بالزيت، بينما تسربات الوقود في القوارب تمثل نحو 24%. فيما يلي أبرز مصادر تلوث البحار بالنفط:
- استخدام النفط ومشتقاته: يشهد النفط ومشتقاته استخداماً ملحوظاً، خاصة في المناطق الحضرية. يستخدم كوقود لمجموعة متنوعة من الأغراض، مما يؤدي إلى انتقال البقايا المتناثرة عبر الممرات المائية وتصل في النهاية إلى المحيطات.
- نقل النفط: في عام 1989، أدى حدوث خطأ ملاحي في ناقلة الإكسون فالديز إلى تسرب نحو 34 ألف طن من النفط الخام، مما أثر بشكل كبير على الحياة البحرية. وقد تجاوزت تكاليف تنظيف هذه الكارثة 2.5 مليار دولار، وعلى الرغم من زيادة كمية النفط المنقول، فإن حوادث التسرب أصبحت أقل شيوعاً مؤخراً.
- التنقيب عن النفط واستخراجه: تُعَد عمليات استخراج النفط والغاز الطبيعي من المصادر الهامة لتلوث المياه. في عام 2010، حدث انفجار في منصة “ديب ووتر هورايزون” في خليج المكسيك، مما أدى إلى تسرب كميات هائلة من النفط واستمر ذلك لأكثر من مئة يوم، ليصبح أكبر حادث تسرب نفطي بحري في التاريخ.
- التسرّب الطبيعي من أعماق البحار: وفقاً لتقرير صادر عن المجلس الوطني للأبحاث، يُعتبر التسرّب الطبيعي من التكوينات الجيولوجية أحد المصادر الرئيسية للنفط في البحار، حيث يُنسب له نحو 60% من وجود النفط في مياه أمريكا الشمالية، و45% على مستوى العالم.
تلوث البلاستيك
عند التعامل غير السليم مع النفايات البلاستيكية، سرعان ما تتراكم لتؤثر سلباً على الأنظمة البيئية. يُعد البلاستيك مادة غير قابلة للتحلل الحيوي، لكنه يتحلل إلى جزيئات صغيرة تبقى موجودة لقرون. تساهم هذه الجزيئات في نفوق العديد من الكائنات البحرية، بما في ذلك الأنواع المهددة بالانقراض، وقد تتراكم في أجسام هذه الكائنات.
تتواجد الجزيئات البلاستيكية الصغيرة في أعماق المحيطات، حيث تُحركها التيارات البحرية وتتركز في الدوامات المائية، مما يساهم في تكوين بقع بلاستيكية يصعب قياس حجمها. ويُقدّر أن بعض هذه البقع تحتوي على حوالي مليوني قطعة بلاستيكية صغيرة لكل ميل مربع.
المخلفات الصناعية
تقوم العديد من الصناعات بإطلاق كميات ضخمة من الانبعاثات الضارة إلى الغلاف الجوي، حيث تنتقل هذه الملوثات عبر الهواء لتصل إلى المياه البحرية من خلال الترسيب الجوي. كما تلعب بعض المرافق الصناعية ومحطات تنقية مياه الصرف الصحي وأنشطة التعدين دوراً في تلوث بيئات المياه من خلال تصريف المخلفات الكيميائية السامة بشكل مباشر إلى البحر.
الأسمدة والعناصر المغذية
تصل المياه الغنية بالمغذيات وبقايا الأسمدة إلى البحار والمحيطات عبر عدة طرق، منها:
- تسرب الأسمدة من الأراضي الزراعية عبر مجاري المياه السطحية إلى الأنهار، ومن ثم إلى البحار، كما هو الحال مع نهر المسيسيبي في الولايات المتحدة، الذي شهد تضاعف كمية النيتروجين فيه ثلاث مرات في النصف الثاني من القرن العشرين.
- تسرب العناصر المغذية عبر التربة إلى المياه الجوفية، والتي تصل إلى المياه الساحلية مع تدفقها.
- يمكن أن تترسب العناصر المغذية مباشرة من الهواء إلى المحيط.
تؤدي زيادة هذه العناصر، مثل النيتروجين والفسفور، إلى حدوث ظاهرة تعرف باسم التخثث، مما يتسبب في استهلاك الأكسجين في الماء عند تحلل النباتات، مما يؤدي إلى نقص الأكسجين ويهدد الحياة البحرية في تلك المناطق.
مياه الصرف الصحي
في بعض البلدان، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، تمر معظم مياه الصرف الصحي بعمليات معالجة قبل تصريفها إلى البحار والمحيطات. لكن إذا فشلت هذه الأنظمة، فإن مياه الصرف يمكن أن تتسرب إلى المياه الجوفية مسببة تلوث المياه السطحية والساحلية. قد يحدث أيضاً تلوث بسبب عدم كفاءة مرافق الصرف الصحي أو الأنظمة القديمة.
في حالة تلوث مياه البحار بالبراز، غالباً ما تنتهي آثارها خلال أيام، لكن المواد المتبقية على الشاطئ توفر بيئة ملائمة للبكتيريا ومسببات الأمراض. كما يمتد تأثير الفضلات الحيوانية، والتي تُنقل مع مياه الأمطار، إلى الشواطئ.
تحتوي مياه الصرف الصحي المنزلية على مزيج من البكتيريا والفيروسات والمواد الكيميائية، مما يشكل تهديداً للصحة. ومن الممكن أن تؤدي السباحة أو الشرب من هذه المياه إلى إصابات صحية، مثل الطفح الجلدي وآلام الأذن والمعدة. تُعتبر الأمراض التي تُنقل عبر المياه الملوثة أحد الأسباب الرئيسية للوفيات في البلدان النامية. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر تلوث المياه على الاقتصاد من خلال تقليل جودة المياه للسباحة وتأثيره على قطاع السياحة، كما يؤدي إلى زيادة تكاليف الرعاية الصحية وفقدان أيام العمل.
للمزيد من المعلومات حول تلوث البحار، يمكنكم قراءة المقال تلوث مياه البحر.
ولتعميق معرفتكم حول تلوث البيئة، يمكنكم قراءة المقال بحث عن تلوث البيئة.
نظرة عامة عن البحار والمحيطات
تغطي البحار والمحيطات أكثر من 70% من سطح كوكب الأرض، ولها تأثير كبير على البيئة. تتحكم هذه المسطحات المائية في الطقس، وتساهم في تنقية الهواء من الملوثات، وتعتبر مصدراً أساسياً للغذاء والموارد الطبيعية. تعد أيضاً موطناً لمجموعة واسعة من الحياة. وتتميز البحار بكونها أصغر حجماً من المحيطات وتقع عادة عند التقاء اليابسة بالمحيطات.
أدت الأنشطة البشرية في الآونة الأخيرة إلى تغييرات معتبرة في البحار والمحيطات، حيث أصبحت هذه المياه مستودعاً لمجموعة من الملوثات، بما في ذلك انبعاثات خطيرة والنفايات البلاستيكية وغيرها من الأنشطة غير المستدامة التي تُشكل تهديداً للصحة العامة. من المهم التعرف على أبرز هذه الملوثات:
للحصول على معلومات إضافية حول أسباب تلوث الماء، يمكنكم قراءة المقال أسباب تلوث الماء.