أوضحت الشريعة الإسلامية، في نصوصها المتوفرة، ضرورة أن يكون الفاعل الذي يقوم بفعل ما عاقلًا وناضجًا ومدركًا. هذه هي الشروط العامة للتكليف في الشريعة، مما يدل على أن المسؤولية الجنائية تقتصر فقط على الإنسان. من خلال هذا المقال، سنستعرض المسؤولية الجنائية في النظام السعودي، إلى جانب أسبابها وموانعها.
تعريف المسؤولية الجنائية في النظام السعودي
لا شك أن المسؤولية الجنائية ترتبط بالإنسان، على الرغم من تنوع أشكالها وصورها. فهذه المسؤولية تتطلب توافر المؤهلات اللازمة لمحاسبة الفرد على أفعاله. وعليه، فقد أكد القانون الجنائي على أحد أبرز مبادئه، الذي ينص على أن مجرد إثبات أن شخصًا ما ارتكب جريمة لا يكفي لفرض العقوبة عليه.
لذا، ينبغي وجود أسباب قانونية تدفع لمحاكمة الفرد، بناءً على أهليته لتحمل مسؤولية أفعاله. وفي حال كان هناك خلل في أهليته المعروفة بموانع المسؤولية الجنائية، فإنه يتم التعامل مع القضية بشكل مختلف.
أسباب الإباحة في النظام السعودي
تعريف الإباحة الأصلية يشير إلى الأفعال التي لم يتناولها المشرع بالتجريم، بحيث تظل مباحة. بينما الأفعال التي تشملها نصوص تجريمية تهدف إلى حماية مصالح معينة تعتبر غير مباحة. ولكن قد يجد المشرع بعض الظروف التي تستثني الفعل من التجريم، مما يجعل هذا الفعل مباحًا، وتعرف هذه الظروف بأسباب الإباحة، التي تنقسم على النحو التالي:
- أسباب الإباحة العامة: التي تؤثر على جميع أنواع الجرائم.
- أسباب الإباحة الخاصة: حيث تختص بعدد قليل من الجرائم فقط.
كما يمكن تقسيم أسباب الإباحة وفقًا لآثارها على النحو التالي:
- أسباب الإباحة المطلقة: والتي يمكن لأي شخص الاستفادة منها.
- أسباب الإباحة النسبية: المتاحة لفئة معينة من الأفراد وفق شروط محددة.
موانع المسؤولية الجنائية في النظام السعودي
موانع المسؤولية قد تتعلق بأسباب شخصية تؤثر على إرادة الفاعل، مثل الإكراه، أو وجود عيب، أو عدم اكتمال الأهلية، مثل عدم النضج، أو فقدان القدرة على التمييز والاختيار، مما يجعله غير مؤهل لتحمل المسؤولية. ويمكن تحديد موانع المسؤولية وفق العناصر التالية:
- الضرورة: هي الظروف التي تفرض على الفرد القيام بفعل يعتبر خطأً لإنقاذ نفسه أو الآخرين، ولا تعتبر أفعال مقصودة، بل ناتجة عن ضغط الظروف.
- الإكراه: هو إجبار الفرد من قبل الآخرين على القيام بفعل معين دون وجه حق.
- صغر السن: يعد سببًا كافيًا لعدم توافر الأهلية، لأنه يسقط مسؤولية الفرد بسبب عدم اكتمال قواه الجسدية والعقلية.
- غياب الإدراك: يعني افتقار الفرد للفهم والقدرة على اتخاذ القرارات، والذي يمكن أن يكون نتيجة لأمراض عقلية أو تعاطي مواد تؤثر على العقل.
مقارنة بين أسباب الإباحة وموانع المسؤولية الجنائية
توجد فروقات جوهرية بين أسباب الإباحة وموانع المسؤولية الجنائية، كما يلي:
أسباب الإباحة | موانع المسؤولية الجنائية |
تتميز بطابعها الموضوعي الذي يرفع الصفة الإجرامية عن الفعل مما يؤدي إلى عدم المحاسبة عن أي مساهمة فيه. | ترتبط بالأسباب الشخصية التي تفقد الفرد إرادته، مما يجعل العقوبة غير قابلة للتطبيق، لكن لا تنفي الطبيعة الإجرامية للفعل. |
تعتبر الأفعال التي تتوافر فيها أسباب الإباحة مشروعة، وبالتالي تسقط المسؤولية المدنية والجنائية. | بينما موانع المسؤولية الجنائية لا تؤدي إلى سقوط المسؤولية المدنية لأن الفعل لا يزال يعد غير مشروع، لكن المسؤولية الجنائية تسقط بسبب توافر إحدى موانع المسؤولية. |
موانع العقاب
موانع العقاب تُعتبر أعذارًا تعفي من العقوبة مع الحفاظ على الصفة الإجرامية للفعل. رغم ذلك، يبقى الفاعل مسؤولًا جنائيًا، لكنها تعفيه من العقوبة المقررة. من الأمثلة على موانع العقاب ما يلي:
- توبة الجاني.
- العفو من المجني عليه أو ورثته.
- الصلح بين الجاني والمجني عليه.
تعمل الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية على تطبيق القوانين بطريقة تضمن حقوق الأفراد وتوفر لهم الأمان، بما يتوافق مع مبادئ الشريعة. إن المسؤولية الجنائية تبقى ملزمة لكل فرد وكل مسؤول في المملكة.