تعريف الإيمان وأركانه، والاختلاف بين الإيمان والإسلام

يشير الإيمان إلى الاعتقاد الراسخ بالله سبحانه وتعالى وملائكته وكتبه الموحاة، بالإضافة إلى رسله. يحمل مفهوم الإيمان العديد من الدلالات الأخرى، ويُعتبر جزءًا أصيلًا من قلب المؤمن، ويدعمه العقل، مما يترتب عليه القيام بالأعمال. يتعلق الإيمان بالتصديق والفهم لأفكار معينة حتى تصبح جزءًا لا يتجزأ من حياة الإنسان. في هذا السياق، سنتناول عبر موقعنا معنى الإيمان وأركانه، وأيضًا نوضح الفروق بينه وبين الإسلام.

تعريف الإيمان

في اللغة العربية، تعني كلمة الإيمان الاعتقاد والاقتناع، بينما في الشريعة الإسلامية تعني الخضوع والاستسلام لله سبحانه وتعالى. يستقر الإيمان في قلب المتعبد وتُبنى عليه أعماله. كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أشار بيده نحو اليمين قائلاً: “الإيمان ها هنا” مرتين، وأفاد بأن القسوة وغلظة القلب تخرجان من الإنسان. (رواه أبو مسعود عقبة بن عمرو).

يمكن أيضًا تعريف الإيمان بأنه التصديق الكامل بكل ما أنزله الله على رسله، وما ورد في كتابه الكريم، ويشمل الاقتناع والسلام الداخلي.

يُعبّر الإيمان عن الاستسلام الباطني، أي استسلام القلب لله سبحانه وتعالى، والاعتقاد بالكتب السماوية والاستسلام لقضائه وقدره سواء كان ذلك خيرًا أو شرًا.

أركان الإيمان

يتكون الإيمان من ستة أركان، كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم. فيما يلي عشرا هذه الأركان:

  • الإيمان بالله سبحانه وتعالى: وهو الاعتقاد القاطع بوجوده وحده دون شريك.
  • الإيمان بالملائكة: الاعتقاد الراسخ بأن الله خلق الملائكة من نور والإقرار بوجودهم.
  • الإيمان بالكتب السماوية: أي الإيمان بالكتب التي أنزلها الله على رسله، كما ذُكر في قوله تعالى: (نَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى).
  • الإيمان بالرسل والأنبياء: الإيمان بجميع الرسل المرسلين والاعتراف بهم.
  • الإيمان باليوم الآخر: الاعتقاد بيوم القيامة وما يتضمنه من البعث والحشر والحساب والميزان والصراط ودخول الجنة والنار.
  • الإيمان بالقضاء والقدر: اعتقاد أن الله هو خالق الخير والشر، وأن لكل منهما حكمة لا يعلمها سواه، وهو ما يستوجب الرضا بقضائه وقدره.

الفرق بين الإيمان والإسلام

تناول العلماء مسألة الفرق بين الإيمان والإسلام بشكل موسع في مؤلفاتهم حول العقيدة. فالإيمان يعد أحد جوانب الإسلام، حيث يعكس تصديق القلب بكل ما يتصل بالإسلام، سواء من الأقوال أو الأفعال. من جهة أخرى، الإسلام يُعبر عن الخضوع والإخلاص لله سبحانه وتعالى. لذا، إذا ذُكِر أحدهما، فإن الآخر يندرج تحت مظلته، كما في قوله تعالى في سورة آل عمران: (إنَّ الدِّينَ عندَ اللّهِ الإِسْلامُ)، مما يعني أن الإيمان هو جزء من هذا السياق.

يعتبر الإسلام ممارسات ظاهرة، بينما الإيمان يُعبر عن ممارسات باطنة، فهو يرتبط بإيمان القلب بالله وكتبه ورسله. وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن “الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان”. (رواه أبو هريرة) وهذا يشدد على أهمية الحياء في الدين، مما يعكس أن الإيمان هو الإسلام.

وأوضح الشيخ ابن عثيمين أن الإيمان والإسلام مرتبطان ببعضهما، فالإسلام هو الاستسلام المادي والقول والعمل، ويظهر ذلك في المؤمن الذي يملك إيمانًا كاملاً أوغير كاملاً، كما يظهر في قوله تعالى في سورة الحجرات: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). يوضح ذلك أن بعض الأشخاص يمكن أن يظهروا إسلامهم بشكلٍ خارجي دون أن تكون قلوبهم مؤمنة، مما يشير إلى صفات المنافقين.

من جهة أخرى، يُعرف الإيمان كاستسلام باطني لا يصدر إلا من المؤمنين الحقيقيين، كما ورد في قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا). مما يدل على أن الإيمان هو أعلى مراتب الفهم، لذا فإن كل مؤمن يُعتبر مسلمًا، لكن ليس كل مسلم يمكن أن يكون مؤمنًا.

في ختام مقالنا، قدمنا عديد التعريفات المختلفة للإيمان في اللغة وفي الشريعة الإسلامية، وكذلك ذكرنا الأركان الستة للإيمان، مع توضيح الفرق بين الإيمان والإسلام استنادًا إلى ما ورد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *