أهمية تسمية سورة الصافات
اختير اسم “الصافات” للسورة لأنه سبحانه وتعالى أقسم في مطلعها بالصافات، حيث ورد في قوله: (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا). وتشير كلمة الصافات هنا إلى الملائكة، إذ تم وصف هؤلاء الملائكة بأنهم يقفون في صفوف متراصة في طاعة الله عز وجل. وقد ذكر بعض العلماء، مثل ابن عباس وابن مسعود وعكرمة، أن هذا الوصف يشير إلى أن الملائكة يصفون أجنحتهم في السماء لأداء أوامر الله. ومن جهة أخرى، اعتبر بعض المفسرين أن الصافات يمكن أن تشير إلى الطيور التي ترفرف بأجنحتها في الجو، بينما يرى آخرون أنها تمثل صفوف المسلمين أثناء تأديتهم الصلاة في المساجد.
تم استخدام لفظ “الصافات” في السورة بالمعنى الذي يشير إلى الملائكة، على الرغم من أن هذا اللفظ قد تكرر في سور أخرى مثل سورة الملك، حيث كان المعنى في تلك السورة مرتبطًا بالطير. ولذلك، فقد ابتدأ الله عز وجل السورة بالقسم بالملائكة الذين يقفون في صفوف خلال عبادتهم أو يصفون أجنحتهم في الهواء لأداء تكاليفهم. كما أطلق بعض العلماء عليها اسم “الذبيح”، نظرًا لأنّ قصة الذبيح وردت فيها فقط. في هذا القسم، يعكس الله عظمتهم وعظمة القرآن، مما يدل على جليل مكانة الملائكة وخصائصهم في الطاعة لله.
أهمية ترتيب سورة الصافات
تأتي سورة الصافات بعد سورة يس في ترتيب المصحف، ويعود سر هذا الترتيب إلى تداخل موضوعات السورتين حول أحوال الأمم السابقة وأسباب هلاكهم. وفقًا لترتيب المصحف، تقع الصافات في المرتبة السابعة والثلاثين، وهي من السور المكية، تتكون من مئة وواحد وثمانين آية حسب عدّ البصري وعد أبي جعفر، ومئة واثنين وثمانين آية حسب عدّ باقي القراء. ويرجع سبب هذا الاختلاف إلى تباين مواقف الوقف بين القراء.
أهمية تاريخ نزول سورة الصافات
نزلت سورة الصافات قبل الهجرة، وتأتي بعد سورة الأنعام التي نزلت بعد سورة الإسراء. كان الغرض من نزولها هو التصدي للشرك الذي يدعي عبادة الملائكة وزعمهم أنها بنات الله سبحانه وتعالى، كما اعتقدوا أن بينهم وبين الله نسبًا وأنهم يصعدون إلى السماء للاطلاع على أسرارها. لذا بدأت السورة بتأكيد وحدانية الله تعالى. اتفق المفسرون على أن هذه السورة مكية، وهي السورة السادسة والخمسون من حيث عدد النزول، وقد نزلت قبل سورة لقمان، في السنة الرابعة أو الخامسة من بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
مواضيع وأغراض سورة الصافات
تتناول سورة الصافات مجموعة متنوعة من الموضوعات والأغراض، ومنها:
- تأكيد وحدانية الله، وبيان صف الملائكة والمصلين في العبادة، بالإضافة إلى طرد الشياطين وإذلال الظالمين، وإعلاء شأن الطائعين. كما تتناول السورة أحداثًا مثل قصة إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام، وهلاك قوم لوط، وحبس يونس داخل بطن الحوت، وشرح فساد عقيدة المشركين في ادعاء النسب، ودرجات الملائكة في مقام العبادة وما منح الله لأنبيائه من دعم ونصر.
- تقديم دلائل وحدانية الله وقدرته على البعث من خلال الكون وعجائبه وخلقه العظيم مثل الملائكة والسماوات والأجرام السماوية. كذلك تناولت مسؤولية الإنسان في الآخرة وما سيواجهه من حساب عسير في حال شركه بالله وتركه للواجبات الملقاة على عاتق الأنبياء والرسل. كما تؤكد السورة عدل الله المطلق الذي سيكون مبنيًا على الإيمان والأعمال الصالحة.
- ابتدائها بوصف الملائكة ومشاهد يوم القيامة، تليها ذكر بعض قصص الأنبياء مثل نوح وإبراهيم وهارون وغيرهم، وتتحدث أيضًا عن إنكار من يدعي النسبة بين الجن والملائكة بالله، مؤكدة على أن الملائكة هم من خلق الله المخلصين في طاعته.
- ترسيخ العقيدة الصحيحة ونفي الشرك عن الله، حيث تُظهِر أن الله هو الإله المستحق الوحيد للعبادة، كما تصف حال المشركين يوم القيامة حين يندمون على عدم عبادة الله وطاعته.