لقد أرسل الله سبحانه وتعالى عددًا من الأنبياء الذين أوحى إليهم برسالة سماوية، تتضمن تعاليم توجيه البشرية نحو الصراط المستقيم، وهو توحيد الله والابتعاد عن الشرك به. في هذا المقال، سنتناول مسألة ما إذا كانت الكتب السماوية تتباين في أصول العقيدة ومكارم الأخلاق.
هل تختلف الكتب السماوية في أصول العقيدة ومكارم الأخلاق؟
تساؤل حول ما إذا كانت الكتب السماوية تختلف في أصول العقيدة ومكارم الأخلاق قد يتبادر إلى ذهن الكثيرين. يتضح من خلال تحليل هذه الكتب أن الفروق تكمن في الشرائع والأساليب واللغات المستخدمة، لكن الرسالة ذاتها تبقى متسقة.
يعود هذا الاختلاف في اللغة والأسلوب إلى تنوع الشعوب التي أرسل الله إليهم أنبياءه ليرعوا رسالته. ويعود أيضًا تنوع الشرائع لنفس السبب، كما قال الله تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم).
ترتيب الكتب السماوية بحسب نزول الرسل
بدأت مسيرة الكتب السماوية من صحف نبي الله إبراهيم، ثم تبعها كتاب الزبور المرسل إلى نبي الله داود. بعدها جاءت التوراة والصحف التي أُنزِلت على نبي الله موسى، ثم الإنجيل الذي جاء به نبي الله عيسى، وأخيرًا القرآن الكريم الذي أُنزِل على النبي محمد، خاتم الأنبياء.
تضمنت الصحف المرسلة إلى كل من إبراهيم وموسى الإشارة إلى أن الله والآخرة هما الخالدتان، وأنهما أفضل من الحياة الدنيا، وذلك من خلال الأمثال التي وردت فيها. كما جاءت التوراة، والتي تعني الشريعة بالعبرية، لتعزيز الهداية بين بني إسرائيل بواسطة نبي الله موسى.
يشير المسيحيون إلى التوراة باعتبارها الأسفار الخمسة الموجودة في العهد القديم، وهي: سفر التكوين، وسفر الخروج، وسفر اللاويين، وسفر العدد، وسفر التثنية. كما أثرى الإنجيل الذي أُنزِل على نبي الله عيسى مفهوم العهد الجديد لهداية بني إسرائيل.
احتوى كتاب الزبور على أذكار وأناشيد كان يترنم بها نبي الله داود، المعروف بصوته الجميل، وقد عُرفت تلك الأناشيد بالمزامير. وفي النهاية، جاء القرآن الكريم الذي أنزله الملك جبريل على النبي محمد ليكون هو خاتم الأنبياء ورسالته هي آخر الكتب السماوية.
أهمية الإيمان بالكتب السماوية في الإسلام
يعد الإيمان بالكتب السماوية أحد الأركان الأساسية في العقيدة الإسلامية، وتظهر أهميته من خلال النقاط التالية:
- يشكل الإيمان بالكتب السماوية ركنًا جوهريًا في العقيدة الإسلامية، حيث يعتبر شرطًا أساسيًا لصحة الإسلام.
- تعتبر الكتب السماوية تجسيدًا لوحدة الرسالة الإلهية، إذ تكمل بعضها البعض، وجامعها هو القرآن الكريم.
- يقتضي الإيمان بالكتب عدم الاعتراف بأي تغيير أو تحريف فيها، وينفي نسبة أي بشرية لها، إذ هي من عند الله تعالى.
- يساعد هذا الإيمان على تعزيز التسامح تجاه الأديان الأخرى، مما يسهل التعايش مع الآخرين رغم اختلاف الكتب، حيث تبقى الرسالة واحدة وهي توحيد الله وعدم الإشراك به.
ختامًا، استعرضنا في هذا المقال مسألة تباين الكتب السماوية في أصول العقيدة ومكارم الأخلاق، ليتبين لنا أنه لا يوجد اختلاف جوهري في الرسالة، بل يبرز الاختلاف في اللغة والشرائع التي تختلف من أمة إلى أخرى. كما قمنا بتسليط الضوء على ترتيب الكتب السماوية وأهمية الإيمان بها.