إشراقة الربيع وبكاء الديم
إشراقة الربيع تصاحب بكاء الديم،
وغدا يتساوى النبت بالقمة،
بين زرقة متعانقة مع خضراء،
تتجلى بألوان جملية،
متباينة الأطراف ومتناغمة،
كأنما انطوت تحت هالة من جمال،
مليئة بالضياء في نهارها،
وجمال الصباح وفي المساء،
تجد الوحوش تحقق اكتفاءها،
والطير تتمتع بموفر من الطعام،
بينما تستمتع الظباء بالإفطار،
والحمام يحلق في خصومات،
والحدائق تتالق كالأحجار الكريمة تحت
شمس مشرقة كاللآلئ،
حيث تتلألأ القطرات على الأوراق،
مع عبق الزهور الفائقة،
وأرى الشاعر يعبّر عن قصر الجمال،
فغدا يهز أثاث المجالس،
بينما تبرز الدولة الزهراء،
فاحذرَ، فالصيف يأتي كهرم،
فكما أن الربيع هو الشباب،
تظهر الشقائق المزدهرة بين تلال،
نُعمان، فأنتِ تجلّي النعم،
مازلت الشقائق تصف،
عظمة المولى وجلاله،
ما هو إلا ترف لعقولٍ رأت،
كيف تعجبت من عجائب الحكم،
شعلٌ تزيدك في النهار إشراقًا،
وتضيء في ظلمات العتمة،
فقد أبهرتني لهبها فوق الفحم،
لم يشتعل في أوراق الندى،
وكأن تألق السواد تحول إلى،
مفارقات تنعكس في بحيرات النور،
لغز العاشقين في وسط الغدير،
تلمع مع عذابات الدموع،
يا لشقائق، إنها قسم،
تُمجد بها الأبصار في قسم.
ما كان يقدم مثلها من هدايا،
إلا بالخالق الذي أبدع النسيم.
دع اللوم فإن اللوم عون للنائبات
دع اللوم، فإن اللوم يعين في المصاعب،
ولا تعدّوه تخطّياً للعتاب،
فما كل من استقرّ في الهامش كان سعيداً،
ولا كل من شرع في السفر كان ناجحاً،
وفي السعي حكمة، والنفوس جوهر،
وليس بحكمة بيعها بالأماني.
ويبقى الأمل في الاستمرارية أفضل،
على الملك والخيرات دون الضرائب،
لم تنسحب طالما أنت تحرق،
لتحصد فرصة حذّرتك من الشرور.
وإذا لم تعير اهتماماً لإشفاقي،
فما لي من براءة تتيح لي،
أن أطلب ثروات المكاسب.
من واجه ما واجهته في كل حقل،
من الأشواك يزهد في الفواكه.
الأسرار السفرية تُظهر لي معاني الثراء،
مغريةً القلب برفض المطالب.
أصبحت في الثراء كأني في زهد،
وإن كنت تواقاً للدخل،
متحفظاً مشغولاً، أشتهي الأمور ثم أنتهي،
أسعى لتحقيق الرزق كراقي.
ومن أرخى الحذر، هان عليه،
فهو فقير إذ جاءته الفقر من كل جانب.
يا خليلي، حبّك أذابني في الوحدة
يا صديقي، حبّك جعلني فريداً،
فقلبي في معانيه متجه،
غادةٌ تغنّي لها الغصن الرقيق،
ومن الظبي عيوني وجيدها،
نمت جمالها في منابت شرايينها،
حرارتها وهجٌ أكثر بريقاً،
فوق وجنتيها سحرٌ لا يُقاوم.
إنها بردٌ لوجنتها وسلامٌ،
وهي للمحبين صعبة وطويلة.
لم يوذي وجهها الماء،
بل يذيب القلوب بجاذبيتها.
ما الذي يمكن أن يصدر عن وجنتها،
سوى رذاذ رقيق يداعب البشرة؟
عذبٌ قدر عشقها، يتقدم،
لكني لن اشكو من هذا الشغف.
يا روحي، قوتها تبوح،
قلبي يعاني من آلام الحب.
مع حواراتها تتصاعد أنفاسي،
كأنفاس المحبين، طويلة.
أما الدلال والغنج جعلانا،
بـ وزنهما ولذته، نحيا.
فتراها تحيا وتموت لذاتها،
مستمتعةً بالصوت وعذوبة النغمة.
العبير هنا، كل شيء يتحدث.
فلها الزمن أثيرٌ متجدِّدٌ،
ولها تجدد الحكايات.
بكاؤكما علاج حتى وإن كان دون جدوى
بكاؤكُما علاج حتى وإن لم ينفع،
فأكرموا الجود بما حظي به نظيركم.
يا بُنَيّ، الذي منحته للثرى،
يا عزّ الحظ، يا حسرة الأسير.
قاتل الله المنايا والرمي،
لأنها انقضت من بين القلوب عمداً.
هل كان اختيار الموت مدهشاً للصبي،
تفقد الحادثة وسط المعاناة؟
كيف اختار الموت من بين أحبابي،
في وقتٍ نشمُّ فيه رائحة الخير.
ومع ذلك، الوداع من بيني أشعره،
بعيدًا عن قرب وبعيدًا عن الحضور،
لقد أوفى الموت بوعده،
وأنشأت الآمال شيئًا من الخيبة.
ما كان للبقاء بين المهد واللحد،
إذ لم ينسَ عهد المهد في اللحد.
حتى قبل الصفاء، ذهبت حيواتي،
وفقدني بالعذوبة والهدوء.
بت أرى الدموع تحرقني،
وتذبل، كما يذبل الرند.
رؤيتي للنفس تتساقط،
كما تندفع الجواهر، بلا قيود.
أتعجب لقلبي كيف لم ينكسر من ذلك،
لو كان أعتى من الصخر.
تمنيت لو كنت قبلها، بحيث صافتها،
فقد ركنت المنايا دونه.
لكن ربي شاء غير مشيئتي،
وللسيّادة مشيئة، لا للعبد.
ما أردت ببيعه صدق الأجر،
ولو كان الخلود في جنات النعيم.
لم أكن أريد بيعه برغبة،
غير أنني اضطررت لذلك.
وما من ظلمٍ يلازم الأحداث،
وإن اتجهت هناك لأذكّره،
لا أكون متناسياً للمكان.
فكل مكان له أثر،
مكان أخيه في كل مكان.