كنني مدرستك
- ينسب إلى أحمد شوقي قوله:
كنني مدرستك
كأمّ، لا تملّ عنّي
ولا تفزع كالمأخوذ
من المنزل للسجن
كأني وجه صيّاد
وأنت الطائر فوق الغصن
ولا بدّ لك اليوم
ـ وإلا فغداً مني
أو استغني عن العقل
فتستغني عني
أنا المصباح للفكر
أنا المفتاح للذهن
أنا المدخل إلى المجد
تعالَ ادخل على اليمن
غداً ستجد في حضني
ولا تشبع من طعامي
وسألقاك بإخوان
يُدنونك في السن
تناديهم بيا فكري
ويا شوقي، ويا حسني
وآباءٍ أُحبّوك
ولم تُعد في حقهم ابنًا.
مدرسة الجلسة
- يقول جبران خليل جبران:
في مدرسة الجلسة، التي هي دار
بناها للهدى أفضل البناة
بدت في الدين والدنيا بمعان
تتحقق بتثقيف الفتيات
وليس هناك ما يُصلح الناس سوى
زوجات صالحة وأمهات
إذا غلت المآثر، فهي
لعمري أغلى المآثر
فهذه كير للأرض تقيه
كما أرض العلي والمكرمات
فبورك فيه من عالم جليل
ومن راع نبيل في الرعاة
ومن علامة رفيعة في الأدب
له في الفضل أصدق الذكريات.
مدرسة الحياة
- يقول عبد الله البردوني:
ماذا يريد المرء مما يشفيه
يحسو رواة الدنيا ولا يرويه
ويسير في نور الحياة، بينما قلبه
ينساب بين الضلالة والتيه
والمرء لا تعكر صفوه إلا نفسه
حاشى الحياة بأن تعكر صفوه
ما أجهل الإنسان، يُهلك نفسه
ويشتكي كل ما يُضنيه
وظنّه أن عدوّه في غيره
عدوّه يمرّ ويتعدى فيه
خدع ويجرح قلبه من داخله
ويقول إن حبه يعذبه
خدع وكم يسعى ليشفي قلبه
بهناء الحياة لكن سعيه يُتعبه
يرمي به الحزن القاسي إلى الهنا
حتى يعود هناءه يُثقله
ولقد يُسيء المرء لما يعجبه
قبلاً وضحكته التي تبكيه
ما أبلغ الدنيا وأبلغ دروسها
وأعظمها وأجلّ ما تلقيه
ومن الحياة مدارس وملاعب
أي الفنون تحب أن تعيش فيها
بعض النفوس بين الناس مجرد بهائم
تتقمص جلود البشر للتمويه
كم إنسان لا يُعدّ من البشر
إلا بشكل الجسد والتشبيه
يصبو فيحاول إحياء الطفولة
وشعوره كطفل ما زال يصغره
قم، يا صريع الوهم، واسأل بالعقل
ما هو قيمة الإنسان وما يعززه
واسمع حديث الحياة، فهي
أستاذة التأديب والتكوين
وانصب، فمدرسة الحياة مفصّلة
تملي الدروس وكل ما تمليه
سل الحياة، وإن صمتت، فصمتها جلالها
أجلى من التصريح والتنويه.
لقد أنشأتَ مدرسة ومارستانًا
- يقول البوصيري:
لقد أنشأتَ مدرسة ومارستانًا
لتشفي الأجسام والأبدان.
مدرسة الحارس
- يقول سالم أبو جمهور القيسي:
كي أفهم
ما هو اليوم الآخر
فقهّني اليوم الحاضر
لا تلقِ الباكر على اليوم
ولا تلقِ اليوم على باكر!
أستاذي، حدّثني عن يومي
فالغيب له رب قادر
فقّهني صوتي أو رأيي
أو حسي في الزيت الماطر!
أستاذي، عفواً أستاذي
أعمَاني تجهيل ماكر
فلتسقط أيّة مدرسة
يرعاها الحارسُ ولا الناظر!
أستاذي، الحارس لم يسمح
أن أحمل حبراً ودفاتر!
لم يسمح أن أدخل صوتي
أو ظلي في الصف العامر!
لم يسمح أن أحمل ممحاةً
إكراماً للخطأ السافر!
الحارس حطّم مِسطرتي
كي أجهل تخطيط الباكر!
لله مدرسة عالية البنيان
- يقول ابن معصوم المدني:
لله مدرسة عالية البنيان
وسما فوق فرق السماء مكانها
شيدها ملك الملوك همّةً
عاليةً فأصبح ذكره مناسبًا
سلطان شاه حسينٍ الملك الذي
طال به الدهر وطاب زمانه
فغدت تنافسها السماوات العليا
إذ تنافست أفلاكها أركانها
احتوت على كل العلوم فأصبحت
وطناً لها بعدما أقفرت أوطانها
فلذا أتى تاريخ عام إنشاءها
مرجاً هدى ومحتوى بنيانها
لا يزال بانيها الملك مُؤيداً
بالله ما أعاد العلوم برهانها
وعلي ابن نظام الداعي له
بدوام دولته السعيدة قرانها
هو ناظم الأبيات يُزيّن نظمها
بجواهر الكلم البديعة.
ومدرسة سريس كل شيء
- يقول عرقلة الكلبي:
ومدرسة سريس كل شيء
وتبقى في حمى العلم والنسك
تضوّع ذكرها شرقاً وغرباً
بنور الدين محمود بن زنكي
يقول وقوله حقٌ وصدقٌ
بغير تورية وبغير شكّ
دمشق في المدائن بيت ملكي
وهذه في المدارس بيت ملكي.
بالعلم يدرك أقصى المجد من أمم
- يقول خليل مطران:
بالعلم يدرك أقصى المجد من أمم
ولا رقي بغير العلم للأمم
يا من دعاهم فلبّى نداؤكم
لجودكم منه شكر الروض للديم
يحظى أولو البذل إن أحسن مقاصدهم
بالباقيات من الآلاء والنعم
فإن وجدت كرمًا في غير محمدة
فقد تكون أداة الموت في الكرم
معاهد العلم من يسخو فيعمرها
يبني مدارج للمستقبل السني
وواضع حجرًا في أساس مدرسة
تبقى على قومه من شائد الهرم
شتّان ما بين بيتٍ تستجد به
قوى الشعوب وبيتٍ صائن الرمم
لم يرهق الشرق إلا عيشه ردحًا
والجهل راعيه والأقوام كالنعم
بحسبه ما مضى من غفلة لبثت
دهراً وآن له البعث من العدم
اليوم يمنع من ورد على ظمأ
من ليس باليقظ المستبصر الفهم
اليوم يحرم أدنى الرزق طالبه
فاعمل الفكر لا تحرم وتغتنم
والجمع كالفرد عن فاتته معرفة
طاح به غاشيات الظلم والظلم
فعلموا علموا أو لا قرار لكم
ولا فرار من الآفات والغمم
ربوا بنيكم فقد صرنا إلى زمن
تطير فيه الناس كالعقبان والرخم
إن نمش زحفًا فما كرات معتزم
منا هديتم وما منجاة معتصم
يا روح أشرف من فدى مواطنه
بموته بعد طول الجهد والسقم
كأنني بك في أنادي مرفرفة
حيالنا وكأن الصوت لم يريم
ففي مسامعنا ما كنت ملقيًا
في مثل موقفنا من طيب الكلم.