أبو لهب: عم الرسول ودوره في التاريخ الإسلامي

نسب أبي لهب

أبو لهب هو عبد العُزّى بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي القرشي. يُعتبر أحد كبار قريش وأكبر المعارضين للإسلام والمسلمين، وهو عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وله كنيتان: أبو عتبة وأبو معتّب. بينما أسلم ابناه، عتيبة ومعتّب، إلا أن عتيبة ظل على كفره حتى وفاته. تنتمي والدته، لبنى بنت هاجر بن عبد مناف بن ضاطر بن حبشية، إلى قبيلة خزاعة. وقد أعلَم الله -عز وجل- في كتابه الكريم عن مصير أبي لهب، حيث قال: (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ). وقد تحقق ذلك إذ توفي كافراً. ورد ذكره في القرآن بأسمه الشائع، أبو لهب، الذي يُشير إلى شدة لهبه وحرارته.

زوجة أبي لهب

تزوج أبو لهب من أم جميل، وهي أروى بنت حرب بن أمية بن عبد شمس، التي ذُكرت في القرآن بـ “حمّالة الحطب”. عُرفت بلقب “العوراء”، ليس بسبب عيوب في عينها، بل لجمالها. تُعتبر أم جميل أخت أبو سفيان، وكانت عداوتها للإسلام مماثلة لعداوة أخيها. وعندما سمعت بآيات الله -عز وجل- في سورة المسد: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ* فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ)، حملت معها مجموعة من الأحجار وتوجهت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد عند الكعبة، وكان متواجدًا مع أبي بكر. ولكن الله -عز وجل- أعمى بصرها عن رؤية رسول الله، فسألت أبو بكر: “أين صاحبك؟ سمعت أنه يقوم بهجائي، ووالله لو وجدته لضربته بما بيدي”.

أبناء أبي لهب

أنجب أبو لهب ثلاثة أبناء: عُتبة، ومعتب، وعُتيبة، وكان يُعرف بأسمائهم جميعاً. كما كانت له ابنة تدعى دُرّة بنت أبي لهب. أسلم عتبة ومعتّب خلال فتح مكة، وأظهروا شجاعتهم في غزوة حنين، وكانا من المشاركين في غزوة الطائف. تزوج عتبة برقية، ابنة الرسول، بينما تزوج عتيبة من أم كلثوم. بعد نزول سورة المسد، أمر والداهما بتطليق بنات الرسول، حيث تم طلاقهما. ثم تزوج عثمان برقية، وبعد وفاتها تزوج أختها أم كلثوم.

عندما طلق عتيبة أم كلثوم، قام بالاقتراب من رسول الله وقال له: “كفرت بدينك، وطلقت ابنتك، لا أحبك ولا تحبني”. اقترب من رسول الله حتى مزق ثوبه، فدعا عليه رسول الله بدعوة أن يسلط الله عليه كلباً. وبالفعل، عندما ذهب في تجارة إلى الشام، هجم عليه أسد وعرفه، مما أدى إلى قتله، فقال أبو لهب: “كنت أعرف أنه لن يفلت من دعوة محمد”.

عداوة أبي لهب للرسول

كانت زوجة أبي لهب تحمل الحطب والأشواك وتلقيها في طريق رسول الله، تحاول إعاقة وصوله إليه. نزلت آيات في القرآن تشير إليها: (وامرأته حمّالة الحطب في جيدها حبل من مسد)، بينما كان أبو لهب يواجه رسول الله في المجالس، محاولًا صدّه عن دعوته بنشاط.

تعود أسباب نزول آيات سورة المسد إلى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، عندما أُمر بتبليغ الوحي، صعد جبل الصفا وظل ينادي: “يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد المطلب”، فاجتمعوا عنده. قال لهم: (أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ بِسَفْحِ هذا الجَبَلِ، أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟). قالوا: “ما جَرَّبْنا عَلَيْكَ كَذِبًا”، فأخبرهم بأنه نذيرٌ لهم، فقام أبو لهب قائلاً: “تَبًّا لكَ، أما جَمَعْتَنا إلا لِهذا”، ثم غادر. وبهذا نُزلت سورة المسد.

وفاة أبي لهب

توفي أبو لهب بعد غزوة بدر بفترة تصل إلى سبعة أيام، وقيل إنه توفي في اليوم التالي للغزوة حينما سمع ما حل بالمشركين من ذل وهزيمة. بينما يقال أيضاً إنه توفي بعد بدر بتسعة أيام.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *