يتميز سكان مدينة تلمسان بتعلقهم العميق بمدينتهم، حيث يتناقلون الكثير من الروايات والأقوال المتعلقة بتاريخها. وقد قام المؤرخون، وخاصة ابن خلدون، بصياغة ملاحظات نقدية حول بعض من هذه الروايات. من خلال هذا المقال، سنتناول تاريخ تلمسان القديم وسكانها الأصليين.
تاريخ مدينة تلمسان القديم
لقد عاش البشر في مغاور تقع في منطقة القلعة العليا وبودغن منذ عصور ما قبل التاريخ، حيث استقروا تحت هضبة لالة ستي لعدة قرون. هذه المنطقة القريبة من تلمسان تشير إلى تاريخ المدينة العريق الذي يعود إلى عصور سابقة لتاريخ البشرية.
يجسد اكتشاف العالم الأثري ج. بلايتشر لكهوف بودغن، والتي احتوت على آثار تعود للعصر الحجري القديم، دليلاً على وجود الإنسان في منطقة تلمسان لآلاف السنين. مما يجعلها قيمة تاريخية غنية بالآثار لمختلف العصور القديمة.
المعلومات المتداولة عن تلمسان
تداول أهالي تلمسان مجموعة من الروايات التي تصف كيف أن مدينتهم شهدت زيارة النبي الخضر والنبي موسى، زاعمين أن الجدار الموجود في المدينة هو نفس الجدار المذكور في سورة الكهف في القرآن الكريم والذي أنشأه الخضر. ومع ذلك، جاءت أبحاث ابن خلدون لتفنيد هذا الادعاء مشيراً إلى أن هذا الجدار هو من بناء أهالي تلمسان الذين يظهر عليهم حبهم لمدينتهم.
سكان مدينة تلمسان الأصليين
تاريخ تلمسان غني بالأحداث من خلال الفترات التاريخية المتعددة التي مرت بها. ومن أبرز تلك الفترات هي الحقبة الرومانية، التي شهدت تأسيس أول قاعدة عسكرية عام 201 ميلادي على صخرة تطل على سهل شتوان.
خلال الفترة التي تلت الحكم الروماني حتى الفتح الإسلامي، تُعتبر هذه الحقبة بمثابة فترة ضبابية في تاريخ المدينة، إذ نادراً ما نجد معلومات موثوقة حولها.
تحقق الفتح الإسلامي لتلمسان، تلاه حكم الدولة الإدريسية، وفيما بعد تم فتح المدينة على يد الدولة الفاطمية. وقد شهدت المدينة أيضاً دخول الدولة المرابطية التي امتدت من المحيط الأطلسي إلى الجزائر ثم الدولة الموحدية، تلتها دولة بني عبد الواد.
أسس الرومان مدينة تلمسان في القرن الرابع الميلادي، وبعد الفتح الإسلامي في القرن الثامن، ازداد دورها وأهميتها، رغم استنزاف مواردها، إلا أنها احتفظت بمكانتها وبجمالها المعماري العائد لطبيعتها الجغرافية الجميلة بالقرب من البحر المتوسط.
سبب تسمية مدينة تلمسان
تعود تسمية المدينة إلى اللغة الأمازيغية، وقد اختلفت الآراء حول معنى الاسم، حيث يعتقد البعض أنه يعني “النبع الجاف” بينما ينظر آخرون إلى أنه يعكس مفهوم “مدينة الينابيع”. ويرجع ذلك إلى انتشار أشجار الزيتون والكروم في هضاب المدينة القريبة من البحر المتوسط، مما ساهم في إعطائها شكل الينبوع. وقد كان الأمازيغ هم أول من استقر في هذه المدينة، مما أضفى عليها دلالات وطنية.
تعد مدينة تلمسان واحدة من أبرز المدن العربية، حيث تعتبر البوابة الأولى للمغرب الأقصى. اشتهرت بأنها منارة للعلماء والمحدثين، واعتبرت عاصمة للموسيقى الأندلسية، حيث توفرت على مدرسة موسيقية تقليدية فريدة. ورغم أن الشعر العربي غالباً ما يرتبط باللغة الفصحى، إلا أن الشعر الحوزي في تلمسان تمحور أكثر حول اللهجة العامية، وتوارثه سكان المدينة عبر الأجيال.
وفي ختام هذا المقال، استعرضنا تاريخ مدينة تلمسان القديم، وتاريخ سكانها الأصليين، كما تناولنا الفتوحات التي تعرضت لها وأسباب تسميتها.