لقد أحببت، وهل في الحب من بأس
من قصائد أبو نواس حول الحب:
لقد أحببت، وهل في الحب من بأس،
ما مرّ على قلبي مثل الهوى.
مالي ولسواي، كم يلقونني سفهاً،
ديني لنفسي ودين البشر للبشر.
ما للعداة، إذا زرت معشوقتي،
كأن وجوههم مطلية بأقواس.
الله يعلم لماذا أزوركم،
إلا لمخافة أعدائي وحراسي.
ولو استطعت أن أزوركم، جئتكم،
سعياً على وجه الأرض أو مشياً على الرأس.
وقد قرأت من كتابكم،
لا يرحم الله إلا راحمي الناس.
ذكر القلب ذكراً لأم زيد
من قصائد عمر بن أبي ربيعة العاطفية:
ذكرت القلب ذكراً لأم زيد،
والمطايا تمر بسهل الركاب.
فاستجنت الفؤاد شوقاً وهاج الشوق،
حزناً لقلبك المتران.
وبذي الأثل من دوين تبوك،
أحثنا، وليلة الأخراب.
وبعمان طاف منها خيال،
قلت: أهلاً بطيفها المنتاب.
هجرتني وقربتني بوعد،
وتجنبت هجرتي واجتنابي.
فلقد أخرج الأواخر كالحوافر،
بعيد الكرى عن القباب.
ثم ألعب بنسوة خفرات،
بدن الخلق، ردحاً، أتراب.
بت في نعمة وبات وسادي،
ثني كف حديثة بخضاب.
ثم قمنا لما تجلى لنا الصبح،
نعفي آثارنا بالتراب.
لقد ذكرتك بالزهراء شوقاً
من قصائد ابن زيدون العاطفية:
لقد ذكرتك، بالزهراء، شوقاً،
والأفق طلق ومشهد الأرض قد راق.
وللنسم اعتلال، في أصائله،
كأنه رقى لي، فاعتلى إشفاقاً.
والروضة عن مائها الفضي، مبتسم،
كما شققت عن اللُبّات، أطواقاً.
يوم كأيام اللذات التي انصرمت،
بتنا لها، حين نام الدهر، سراقاً.
نلهو بما يستميل العين من زهرٍ،
جَالَ الندى فيه حتى مال الأعناق.
كأن أعينها، إذ عاينت أرقي،
بكت لما بي، فجال الدمع رقراقاً.
وردٌ تألق في ضاحي منابته،
فازداد منه الضحى، في العين إشراقاً.
سرى ينافح نيلوفر عبق،
وسنان نبّه منه الصبح أعيقا.
كل يهيج لنا ذكرى تشوقنا
إليك، لم يعد عنك الصدر أن ضاقا.
لا سكن الله قلباً يعق ذكركم،
فلم يطر بجناح الشوق، خفّاقاً.
لو شاء حملي نسيم الصبح حين سرى،
وافاكم بفتىً أضناه ما لاقى.
لو كان وفى المنى، في جمعنا بكم،
لكان من أكرم الأيام أخلاقاً.
يا علقي الأخطر، الأسنى، الحبيب إلى
نفسي، إذا ما اقتنى الأحباب أعلاقاً.
كان التّجاري بمحض الود، مذ زمن،
ميدان أنس، جَرَينا فيه إطلاقة.
فالآن أحمد ما كنا لعهدكم،
سلوتم وبقينا نحن عشاقاً!
قصائد عن حب قديم
من قصائد محمود درويش في الحب:
-1-
على الأنقاض وردتنا،
ووجهانا على الرمل،
إذا مرت رياح الصيف،
أشرعنا المناديل،
على مهل.. على مهل.
وغبنا طي أغنيتين، كالأسرى،
نراوغ قطرة الطل،
تعالي مرة في البال،
يا أختاه!
إن أواخر الليل،
تعريني من الألوان والظل.
وتحميني من الذل!
وفي عينيك، يا قمري القديم،
يشدني أصلي،
إلى إغفاءة زرقاء،
تحت الشمس.. والنخل،
بعيداً عن دجى المنفى،
قريبا من حمى أهلي.
-2-
تشهّيت الطفولة فيك،
مذ طارت عصافير الربيع،
تجرّد الشجر،
وصوتك كان، يا ماكان،
يأتي
من الآبار أحياناً،
وأحياناً ينقطه لي المطر.
نقياً هكذا كالنار،
كالأشجار.. كالأشعار ينهمر.
تعالي
كان في عينيك شيء أشتهيه،
وكنت أنتظر،
وشديني إلى زنديك،
شديني أسيراً،
منك يغتفر.
تشهّيت الطفولة فيك،
مذ طارت
عصافير الربيع،
تجرّد الشجر!
-3-
..ونعبر في الطريق،
مكبلين،
كأننا أسرى،
يدي، لم أدر، أم يدك،
احتست وجعاً
من الأخرى؟
ولم تطلق، كعادتها،
بصدري أو بصدرك..
سروة الذكرى،
كأنّا عابرين درب،
ككل الناس،
إن نظرنا،
فلا شوقا
ولا ندماً
ولا شزراً،
ونغطس في الزحام،
لنشتري أشياءنا الصغرى،
ولم نترك لليلتنا
رماداً.. يذكر الجمر.
وشيء في شراييني،
يناديني،
لأشرب من يدك ترمد الذكرى.
-4-
ترجّل، مرة، كوكب،
وسار على أناملنا،
ولم يتعب.
وحين رشفت عن شفتيك
ماء التوت،
أقبل، عندها، ليشرب،
وحين كتبت عن عينيك،
نَقّط كل ما أكتب،
وشاركنا وسادتنا،
وقهوتنا.
وحين ذهبت..
لم يذهب.
لعلي صرت منسياً
لديك،
كغيمة في الريح،
نازلة إلى المغرب.
ولكني إذا حاولت
أن أنساك،
حطّ على يدي كوكب.
-5-
لك المجد،
تجنّح في خيالي،
من صداك.
السجن، والقيد،
أراك، استند،
إلى وساد،
مهرة تعدو،
أحسك في ليالي البرد،
شمسا،
في دمي تشدو.
أسميك الطفولة،
يشرئب أمامي النهد،
أسميك الربيع،
فتشمخ الأعشاب والورد.
أسميك السماء،
فتشهد الأمطار والرعد.
لك المجد،
فليس لفرحتي بتحيري،
حد،
وليس لموعدي وعد.
لك.. المجد.
-6-
وأدركنا المساء،
وكانت الشمس
تسرّح شعرها في البحر.
وآخر قبلة ترسو
على عينيّ مثل الجمر،
خذيني مني الرياح،
وابقيني،
لآخر مرة في العمر.
..وأدركها الصباح،
وكانت الشمس،
تمشط شعرها في الشرق،
لها الحناء والعرس،
وتذكرة لقصر الرّق.
خذيني مني الأغاني،
واذكريني..
كلمح البرق.
وأدركني المساء،
وكانت الأجراس،
تدق لموكب المسبية الحسناء،
وقلبي بارد كالماس،
وأحلامي صناديق على الميناء.
خذيني مني الربيع،
وودّعيني..
لقد أخلص قلبي في الطفولة
من قصائد عمر بن أبي ربيعة في الحب:
لقد أخلص قلبي في الطفولة،
وكفى غناء عن شبابي.
ودعاني لهوى هند،
فؤاد ليس بناب.
قلت لما فاضت العيون،
دماً ذا كنسكاب.
إن جفّني اليوم هند،
بعد ودٍّ وقرب.
فسبيل الناس طُرّا،
لفناءٍ وذهاب.