أحكام الحيض
أحكام الحيض
يتناول الحيض خمسة أحكام أساسية، وهي كما يلي:
- الغسل بعد انقطاع الحيض: يتعين على المرأة التي تكون في فترة الحيض الغسل بعد انتهاء دم الحيض عنها، وهذا ما يتضح من قول الله -تعالى-: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّـهُ)، وكذلك قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لفاطمة بنت أبي حبيش -رضي الله عنها-: (ولَكِنْ دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الأيَّامِ الَّتي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وصَلِّي).
- البلوغ: هذا يعني أن الأنثى تكون ملزمة بالتكاليف الشرعية وتحتاج إلى الستر، وهذا يتضح من قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يقبَلُ اللهُ صلاةَ حائضٍ إلَّا بخِمارٍ).
- الاعتداد بالحيض: وفقاً للحنفية والحنابلة، المرأة المطلقة التي ليست بحامل يجب أن تعتد بالحيض، فهذا ما تشير إليه كلمة (قرء) في قوله -تعالى-: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ)؛ حيث تعتدّ حتى تنتهي من الدورة الثالثة من الحيض. بينما المالكية والشافعية يرون أن معنى (قرء) هو الطهر، وبالتالي تعد الفترة من بداية الحيض الثالثة.
- الحكم ببراءة الرحم: فالحكمة من مشروعية العدة هي معرفة براءة الرحم، وهو ما يتحقق بانتهاء عدة المرأة إذا كانت اعتدادها بالحيض.
- الكفارة للجماع خلال الحيض: الحنابلة يرون وجوب الكفارة على من جامع زوجته أثناء فترة حيضها، سواءً أثناء ظهور الدم أو بعده وقبل الغسل، بناءً على قول الله -تعالى-: (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ). وقد أوضح عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- أن المقصود بـ (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) هو انه يجب الغسل، بالتالي الجماع لا يجوز إلا بعد انقطاع الدم والاغتسال.
- تعليمات تحظر على الحائض: حيث يوجد على المرأة الحائض مجموعة من القيود في الشريعة الإسلامية، وسنقوم ببيانها في مقال مستقل.
أمور محرّمة على الحائض
جدير بالذكر أن المرأة في فترة حيضها يحرم عليها القيام بعدة أمور، ومنها:
- الصلاة: يحظر على الحائض أداء الصلوات المفروضة والنفل، ويتعلق بهذا الأمر نقطتان:
- الأولى: إذا انقطع الحيض وطهُرت المرأة قبل انتهاء وقت إحدى الصلوات، سواء كان ذلك بفترة تكفي لتكبيرة الإحرام، فإنه يتوجب عليها قضاء صلاة ذلك الوقت وما قبله عند العديد من الفقهاء. مثال: إذا طهرت الحائض قبل انتهاء وقت صلاة العصر، فهي ملزمة بقضاء صلاة الظهر والعصر.
- الثانية: إذا جاء الحيض على المرأة في بداية أو أثناء وقت إحدى الصلوات، وبعد مرور وقت يكفي لأداء الصلاة والطهارة، فيجب عليها قضاؤها بعد زوال الحيض، كأن تحيض المرأة بعد دخول وقت صلاة العصر بنصف ساعة، وفي هذه الحالة يجب عليها قضاء الصلاة بعد الطهارة.
- الطواف: يحظر على الحائض الطواف حول الكعبة سواء كان فرضاً أو تطوعاً، وهذا ما أشار إليه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عندما قال: (الطَّوافُ بالبيتِ بمنزلةِ الصلاةِ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ قد أَحَلَّ فيهِ النُّطْقَ). وقد ذكر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عندما حاضت في الحج: (افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري).
- الصوم: يمنع الصيام على الحائض، وقد ورد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (كنا نحيض عند النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فيأمرنا بقضاء الصوم).
- الطهارة بنيّة التعبد: يحظر على الحائض الطهارة لرفع حدث أصغر أو أكبر بنية التعبد، إذ يعتبر ذلك تلاعباً بالعبادة. بينما الطهارة المسنونة مثل الغسل للإحرام ورمي الجمار لا شيء عليها في ذلك، كما قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري).
- مسّ وحمل المصحف: بما أن المصحف يحتوي على آيات من القرآن، فإنه يحرم على الحائض لمس المصحف، كما ورد في قول الله -تعالى-: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ). وكذلك الحديث النبوي: (لا يمس القرآن إلا طاهر)، ومع ذلك، إذا حملت المصحف مع أمتعة أخرى ولم يكن هدفها حمله بمفرده، فلا بأس بذلك.
- قراءة القرآن الكريم: يحظر على الحائض قراءة القرآن الكريم لاعتبارين؛ الأول: إذا كانت تركز على القراءة فقط، أما إذا كانت تهدف للذكر أو المواعظ فلا شيء عليها، الثاني: إذا كانت القراءة بصوت أو تحريك اللسان، أما إذا كانت فقط تأمل الآيات دون ذلك، فلا شيء عليها. وقد اجاز المالكية قراءة القرآن للحائض، بالإضافة إلى بعض العلماء مثل الطبري، وابن تيمية، وابن القيم، وابن عثيمين.
- المكث في المسجد: يحرم على الحائض التواجد في المسجد، وقد أشار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بقوله: (فإنّي لا أحل المسجد لحائض). كما يحظر الكثير من الفقهاء دخولها المسجد في حال كان هنالك خطر في تلويثه.
- الطلاق: يحظر الطلاق أثناء الحيض إلا إذا قدمت مالاً مقابله، وقد استدل على ذلك من قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ)، حيث يُقصد بـ (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) أن يكون الطلاق في طهر لم يلمسها فيه زوجها. وما ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عندما طلق ابن عمر امرأته وهي حائض، فسأل عمر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فأمره بالرجوع إليها ثم طلاقها في طهر.
- مباشرة ما بين السُرة والركبة: يحظر الاتصال الجنسي في هذه المنطقة أثناء فترة الحيض. وقد ورد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (كانت إحدانا إذا كانت حائضاً، فأراد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن يباشرها، أمرها أن تتزر في فور حيضتها، ثم يباشرها).
التعريف بالحيض
الحيض في اللغة: هو مصدر الفعل حاض، ومعناه السيل، وفي الاصطلاح الشرعي: هو دمُ طبيعةٍ يخرج في أوقات معينة من رحم المرأة. وقد اختلف الفقهاء في الحد الأدنى والأقصى للحيض كما يلي:
- الحنفية: يقولون إن أقل مدة للحيض ثلاثة أيام وأكثرها عشرة أيام، وأي مدة أقل من ثلاثة أيام أو أكثر من عشرة تُعتبر استحاضة.
- المالكية: يرون أن أقل مدة للحيض بلا حد، وأكثرها خمسة عشر يوماً، وعند عدم انقطاع الدم بعد انتهاء العادة، تستظهر المرأة لثلاثة أيام بشرط ألا تتجاوز مدة عادة الحيض.
- الشافعية والحنابلة: يرون أن أقل مدة للحيض يوم وليلة، وأكثرها خمسة عشر يوماً، وفقاً للعرف والعادة، حيث أن لا حد ثابت للحيض بل حسب ما تراه المرأة.
أحكام الاستحاضة
أحكام الاستحاضة
دم الاستحاضة لا يمنع المرأة من أداء الصوم والصلاة، وقد ورد في حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عندما قالت: (جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فما قالت: يا رسول الله، إنّي امرأة أستحاض فلا أطهر، فهل أترك الصلاة؟ قال: لا، إنما ذلك عرق وليس بحيض). إلا أنه يتوجب عليها التوضؤ لكل صلاة واتباع عدة خطوات للطهارة، وهي:
- غسل الفرج قبل الوضوء.
- وضع القطن أو ما شابهه في الفرج لمنع أو تقليل النجاسة بينما لا يكون ذلك مؤذياً لها ويكون مطلوباً لها.
- الوضوء لكل صلاة.
التعريف بالاستحاضة
الاستحاضة: هي دمُ مرضٍ لونه أحمر يخرج من أدنى رحم المرأة في غير أوقات الحيض والنفاس أو يرتبط بها. أما أسبابها فهي نتيجة انقطاع عرقٍ لا يتوقف عن الجريان إلا عند الشفاء. تتميز هذه الحالة بأن المرأة تبقى طاهرة ولا تمنعها من الصلاة والصيام وفق إجماع العلماء.
أقسام المستحاضة السبعة
تجدر الإشارة إلى أن هناك سبعة أقسام للاستحاضة وبيان حكم كل قسم كالتالي:
- المبتدأة المميّزة: هي التي ينزل عليها الدم لأول مرة دون أن يسبقها دم حيض. يشترط في التمييز أن تكون مدة نزول الدم القوي أقل من مدّة الحيض وأكثر من الطهر.
- المبتدأة غير المميّزة: هي المرأة التي ترى الدم لكن بلا شروط التمييز. مدة حيضها يوم وليلة وطهرها تسعة وعشرون يوماً.
- المعتادة المميّزة: المرأة التي سبق لها الحيض والطهر، ويراعى التمييز في الدم.
- المعتادة غير المميزة: تعتمد على عاداتها في الحيض والطهر.
- المعتادة الذّاكِرة للوقت دون العدد: تشير إلى المرأة التي تعرف وقت عادتها.”;
تتخذ قراراتها استنادًا إلى اليقين من الفترات المحددة.
- المعتادة الذّاكِرة للعدد دون الوقت: تعتمد على العد فقط.
- المعتادة النّاسية للوقت والعدد: تتصرف حسب كونها حائض في عدة أمور محظورة.
الفرق بين الحيض والاستحاضة
هناك عدة علامات التفريق بين دم الحيض والاستحاضة، ومنها:
- لون الدم: دم الحيض يتغير من الأسود إلى الأحمر ثم إلى الأصفر، بينما دم الاستحاضة لونه ثابت ويكون أحمر قاني.
- رائحة الدم: دم الحيض له رائحة كريهة، بينما دم الاستحاضة لا رائحة له.
- موعد نزول الدم: دم الحيض ينزل في أوقات محددة، بينما الاستحاضة ليس له موعد معين.
- كثافة الدم: دم الحيض كثيف بينما الاستحاضة أقل كثافة.