أسماء الله الحسنى وصفاته
تُعدُّ دراسة أسماء الله -سبحانه وتعالى- وصفاته الجليلة في القرآن الكريم والسنة النبوية من أبرز القربات التي ينال بها العبد رضا الله -عز وجل-؛ حيث تساعده في تعظيم الله وتقديسه. فقد قال الله تعالى: (وَلِلَّـهِ الأَسماءُ الحُسنى فَادعوهُ بِها)، وهذا يُشير إلى أهمية تعرف المسلم على هذه الأسماء ليتمكن من الدعاء بها والثناء على الله وفقاً لما تقتضيه. ولتزداد معرفتنا، ينبغي أن نتذكر أن الله -سبحانه وتعالى- هو القائل: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، مما يدل على كماله في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وأنه ليس له مثيل أو شبيه. ورغم وجود بعض الفرق التي أنكرت أسماء الله وصفاته، إلا أن أهل السنة والجماعة وضعوا قواعد ثابتة لإثباتها، ومنها ما يلي:
- القاعدة الأولى: إنّ أسماء الله -سبحانه وتعالى- توقيفية، لذا يجب الالتزام بما ورد في النصوص الصحيحة من القرآن والسنة، دون مجال للاجتهاد.
- القاعدة الثانية: إنّ مجال صفات الله أوسع من مجال أسمائه. فبعض الأسماء يمكن أن تُستمد منها صفات، كما يُستدل على ذلك من اسم الحكيم الذي يدل على صفة الحكمة، بينما لا يمكن اشتقاق اسم المتكلم من صفة الكلام، كونها ليست من أسماء الله.
- القاعدة الثالثة: الإخبار عن الله -سبحانه وتعالى- يشمل أكثر مما يتعلق بالأسماء والصفات، كالأشياء الموجودة التي يُمكن الإخبار عنها.
- القاعدة الرابعة: إن جميع أسماء الله -سبحانه وتعالى- تُعد حسنى، وقد ورد ذلك في عدة آيات في القرآن، حيث تعني الحسنى الاستغراق في معاني الحسن والجمال.
- القاعدة الخامسة: أسماء الله الحسنى غير محدودة بعدد معين، بل تشمل أسماء وصفات يختص الله -سبحانه وتعالى- بها في علم الغيب، كما ورد في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميت به نفسك، أو علَّمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك).
- القاعدة السادسة: الإيمان بأسماء الله الحسنى يتضمن الإيمان بوجود تلك الأسماء وما تُشير إليه من صفات وأفعال.
إحصاء أسماء الله الحسنى وصفاته
يجب على المسلم أن يتعرف على أسماء الله الحسنى لكي يتمكن من الدعاء بها. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ لله تسعةً وتسعين اسماً من أَحصاها دخل الجنَّة). يمكن إحصاؤها من خلال ما يلي:
- معرفة أسماء الله التسعة والتسعين لفظًا، وهي مُذكَرة في القرآن والسنة.
- فهم معاني أسماء الله الحسنى ومدلولاتها، كمعنى المؤمن واللطيف والحفيظ وغيرها.
- العمل بأسماء الله الحسنى، إذ يجب على المؤمن أن يعيش بمقتضى معانيها ويؤمن بآثارها.
الدعاء بأسماء الله الحسنى وصفاته
يتضمن دعاء العبد الله -سبحانه وتعالى- بأسمائه وصفاته نوعين: دعاء العبادة ودعاء المسألة. يتعين على الداعي اختيار الاسم المناسب للمطلب. فمثلاً، يمكن أن يقول: يا توّاب تُب عليّ أو يا رزّاق ارزقني. للدعاء بأسماء الله آثار إيجابية تشمل:
- زيادة الثناء والمدح لله -تعالى-.
- تأثير إيجابي على النفس، مما يعزز شعور الثقة في إجابة الدعاء.
- تعزيز عبودية العبد وخضوعه لله -عز وجل-.
- تعظيم الله -سبحانه وتعالى- وزيادة الخوف والرجاء لديه، حيث يدرك المؤمن أن الله حليم وكريم، وأنه شديد العقاب.
- تشعر المسلم بتواضعه أمام عظمة الخالق فلا يتوجه لدعاء المخلوقين.
- مبادرة المؤمن بالتوبة عندما يدرك أن من أسماء الله الحسنى التواب والرحيم.
- زيادة واعظ المساء لتحرر المؤمن من المعاصي.
ومن الجدير بالذكر أن من دعا باسم الله الأعظم سيُستجاب له. وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- أن اسم الله الأعظم هو الحي القيوم، وهو موجود في آية الكرسي، حيث يجمع بين صفة الحياة المتكاملة وصفة القيومية.
تسمية المخلوق بأسماء الله الحسنى وصفاته
تتعلق تسمية المخلوق بأسماء الله الحسنى بجوانب عدة:
- الجانب الأول ينقسم إلى قسمين:
- القسم الأول: التسمية مع أل التعريف، حيث يُمنع أن يُسمى بها غير الله -عز وجل-، كـ العزيز أو الحكيم.
- القسم الثاني: إذا لم يكن الاسم مقروناً بـ أل، ولكنه يُستخدم للدلالة على الصفة، فيُمنع أيضاً تسمية غير الله بذلك.
- أما الجانب الثاني، فهو في حال عدم كون الاسم صفة، وعدم بدء الاسم بـ أل، فلا يجوز، كأن يُسمى الابن بـ حكيم أو كريم.