أحكام الطلاق قبل إتمام الزواج

الطلاق قبل الدخول وإمكانية الرجعة

الطلاق الذي يحدث قبل الدخول والخلوة الشرعية الصحيحة يُعتبر طلاقاً بائناً بينونة صغرى. يتم ذلك عندما يعقد الرجل على امرأة، ثم ينفصلان بالطلاق دون أن تتحقق الخلوة الشرعية التي تُنهي مرحلة الدخول. إذا طلقها الرجل، فلا يحق لها العدة، لأن الدخول الشرعي لم يكتمل بعد.

وقد استندت هذه القاعدة إلى قوله -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا). لذا، لا يُثبت له حق الرجعة إلا بعقد ومهر جديد.

أحكام الطلاق قبل الدخول

الطلاق قبل الدخول يُشير إلى انفصال رجل وامرأة تم عقد زواج بينهما بشكل صحيح، ولكن قبل تحقيق الدخول والخلوة الشرعية. الخلوة الشرعية تتطلب أن يختلي الرجل بالمرأة في مكان آمن يحفظ خصوصيتهما، عندها يُعتَبر المهر حقاً ثابتاً، وتترتب عليها الأحكام المرتبطة بالطلاق.

تتعلق بالطلاق قبل الدخول عدة أحكام تشتمل على المهر، والعدة، والنفقة، والميراث، والهدايا. وفيما يلي توضيح لكل منها:

المهر

اجتمع الفقهاء على أن المطلقة التي طُلقَت ولها مهر مسمى قبل الدخول يحق لها الحصول على نصف المهر. وقد تفصيلوا في الحالات التي تستحق فيها هذا النصف، مع تباين الآراء بينهم كما يلي:

  • الحنفية: أفادوا بأنها تستحق نصف المهر في حالة الطلاق قبل الدخول عندما يكون المهر مسمى ولم يُقضَ بعد.
  • المالكية: قالوا إن طلب الزوج الطلاق قبل الدخول يتطلب منه دفع نصف المهر المسمى في العقد الصحيح. وإذا رغبت الزوجة في الطلاق بسبب عيب، فلا تستحق المهر. وكذلك إذا طلقها لعيب قبل الدخول، فلا مهر لها.
  • الشافعية: أوضحوا أنه إذا وقع الطلاق أو الخلع قبل الدخول، فإن لها نصف المهر ما دامت الأسباب ليست من جهتهم. أما إذا كان السبب يتعلق بها، فإنها تسقط مالها بالكامل.
  • الحنابلة: ذكروا أن الزوجة تأخذ نصف المهر إذا كان الطلاق ناشئاً عن سبب يعود للزوج.

العدة

كما ذُكر في الفقرة السابقة، لا تجب العدة على المطلقة قبل الدخول، وذلك استناداً إلى قوله -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا). هذا الحكم ينطبق على كافة النساء، سواء كانت الزوجة مسلمة أو كتابية، وهو ما يتفق عليه أهل العلم.

النفقة

على الرغم من أن الطلاق الذي يحدث قبل الدخول يُعتبر بائناً، إلا أنه لا يُلزِم النفقة، لأن النفقة تتعلق فقط بفترة العدة، وهذا النوع من الطلاق لا يتطلب عدة أو نفقة. أما بالنسبة للمتعة المذكورة في الآية الكريمة: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)، فهي تشير إلى تعويض عن المهر.

الميراث

توجد عدة آراء حول ميراث المطلقة قبل الدخول أثناء مرض الموت، وهي كالتالي:

  • القول الأول: يشير إلى أن المطلقة ثلاثاً قبل الدخول لا ترث زوجها، ولا تجب عليها عدة أو نفقة، وتستحق نصف المهر، وهو ما يذهب إليه الحنفية، والشافعية، وبعض آراء الحنابلة ورأي جابر بن زيد وإبراهيم النخعي.
  • القول الثاني: يقضي بحقها في الميراث، وتجب عليها العدة، وهو رأي الحسن البصري، وأبو عبيد، وعطاء.
  • القول الثالث: ينص على أنها لا تحتاج للعدة ولكن لها حق الميراث وتستحق المهر كاملاً، وفق رواية عن عطاء.
  • القول الرابع: وفق رواية أبي عبيد عن مالك، يُشترط لها نصف المهر مع وجوب العدة وحقها في الميراث.

رد الهدايا

تُعتبر الهدايا أثناء فترة الخطوبة والزواج نوعًا من عقود التبرع، تُعرف في الفقه الإسلامي بالهبة، ولا يحق للزوج استردادها لأنها تلزم بالقبض وتصبح ملكاً للزوجة أو المخطوبة. إذا كانت الهدايا جزءاً من المهر، تبقى بحوزتها لحين إتمام العقد لتصبح ملكاً لها. وفي حالة الانفصال أو الطلاق، يُمكن للزوج استرداد الهدايا إذا كانت جزءًا من المهر وتُقبض. إذا لم تقبض، يُعتبر جزءً منه إذا أرادت. وفي حالة الخطوبة، لا يترتب عليه تأثير عند التراجع، لأن الخطوبة ليست ملزمة كعقد الزواج، وكلا الطرفين يمكنهما التراجع إذ لم يكن هناك سبب قوي. في حالة كانت الهدايا من مواد تستهلك مثل الطعام أو الملابس، فإن ليس للمخطوبة حق ردّها.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *