أشعار نزار قباني عن الحب
نقدم لكم مجموعة من أبرز أشعار نزار قباني التي تعكس عواطف الحب، إليكم نص القصيدة التالية:
قصيدة سأخبرك أنني أحبك
سأقول لكِ “أحبكِ” عندما تنتهي جميع لغات العشق التقليدية،
وما يبقى للعشاق سوى مشاعرهم التي تنبض في قلوبهم.
في تلك اللحظة، ستبدأ مهمتي في تغيير كل جذات هذا العالم،
شجرة شجرة، وكوكب كوكب، وقصيدة بعد قصيدة.
سأخبركِ “أحبكِ”،
حين تضيق المسافة بين عينيك وبين دفاتري،
ويصبح الهواء الذي تتنفسينه هو هواءي،
وتتحول اليد التي تضعينها على مقعد السيارة إلى يدي.
سأقولها عندما أستعيد طفولتي وكلماتي،
ومراكبي الورقية،
واسترجع الزمن الأزرق معك على شواطئ بيروت،
حين كنت ترتجفين كسمكة في أصابعي،
فأغطّيكِ بشاشة من نجوم الصيف عند نومك.
سأعبر عن حبي لك عندما تنضج سنابل القمح،
وتتفتح الينابيع، وتتحضر الحضارات.
سأخبركِ “أحبكِ”،
عندما تسقط الحدود نهائيًا بينك وبين القصيدة،
ويصبح النوم على ورقة الكتابة أمرًا غير بسيط كما تصورت.
إنني أرفض الأجساد التي لا تتحدث بذكاء،
والعيون التي لا تُطرح فيها الأسئلة.
عند رؤيتي للمرأة، أراها قصيدة أعيش من أجل كتابتها،
وسأقولها لكِ عندما أستطيع تجاوز تعقيدات الفصام في ذاتي،
وأستعيد شخصيتي الحقيقية..
سأقولها عندما تتصالح المدينة والصحراء في داخلي.
وسأختطف تلك اللحظة قبل أن تُبيد قصتي.
لأنني قد لا أقول “أحبكِ” اليوم، أو ربما غدًا،
لأن الأرض تحتاج لتسعة أشهر لتزهر،
والشعوب تنتظر السنين لتتخلص من ظلامها.
فلماذا لا تنتظرين بعض الوقت كي تكوني حبيبتي؟
قصيدة أحبك حتى ترتفع السماء
أحبك حتى ترتفع السماء،
كي أستعيد عافيتي وعافية كلماتي.
فبدونك، الأرض كذبة عظيمة،
وتفاحة فاسدة،
يجب أن أدخل في دين الياسمين،
وأدافع عن حضارة الشعر وزرقة البحر.
أريد أن أحبك حتى أطمئن،
أنك بخير، وأن أسماك الشعر لا تزال تسبح في دمي.
أريد أن أحبك، حتى أتحرر من الجفاف والصلابة،
وأعود للنقاش مع تفاصيل بيتنا الدمشقي.
أريدك، يا سيدتي، في زمن أصبح فيه الحب معاقًا،
واللغة معاقة،
حيث لا الأشجار تحرك أوراقها،
ولا العصافير تستعمل أجنحتها.
أريد أن أحبك، من أجل حرية لا تُقهر،
ومن أجل كل القصائد التي كتبت بالعربية.
أريد أن أحبك،
قبل أن نتعرض للفشل،
وأريد أن أتناول فنجان قهوة معك.
وأريد أن أجلس معك لدقيقتين،
قبل أن تُسحب علينا غمامة الشك.
أريد أن أبكي بين يديك،
قبل أن يتم فرض ضرائب على مشاعري،
أريد أن أحبك يا سيدتي،
وأعيد تشكيل الأزمنة والأيام،
لكي تتماشى مع خطواتك ورائحة عطرك،
التي تشعل المكان.
أحبك يا سيدتي، دفاعا عن حق الفرس في أن تصهل،
وحق المرأة في اختيار فارسها،
وحق الشجرة في تغيير أوراقها،
وحق الشعوب في تغيير حكامها.
أريد أن أحبك، حتى أستعيد تفاصيل فقدتها،
أريدك أن تكوني حبيبتي، حتى تنتصر القصيدة على كل الأسلحة.
وأريد لكل الأشياء أن تجلس من حولنا،
لتصبح الحياة جميلة مرة أخرى.
