يُعتبر الدعاء والتضرع إلى الله تعالى الملجأ الذي يلجأ إليه العباد عند إغلاق جميع الطرق أمامهم، فهو باب الله الحصين الذي لا يُغلق في وجه أحد.
عندما يشعر الإنسان بفقدان أي شيء من متاع الحياة، ينبغي أن يستحضر لسانه بالدعاء إلى رب العالمين طالبًا التعويض، وبالتالي سنستعرض في هذه المقالة أدعية مخصصة لطلب العوض، مستمدين العوض من صفات الصابرين.
ما ينبغي فعله عند وقوع المصائب
يمكن تلخيص الإجراءات التي يجب أن يتخذها المسلم عند مواجهة الشدائد بالنقاط التالية:
- عند حدوث أي كرب أو مصيبة، ينبغي على المسلم أولاً أن يقول: قدر الله وما شاء فعل.
- وعليه أن يصبر على البلاء، وأن لا يعترض على قضاء الله.
- لأن كل ما يحدث للإنسان مقدر ومكتوب من الله عز وجل.
- فأي شيء يصيبك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
- كما يجب على المسلم أن يدرك أن الشدائد التي تصيبه لا تعني بالضرورة أنها شرٌ بالكامل.
- فقد تحمل بعض الصعاب عواقب خير وصلاح له، فلو كُشف لنا الغيب لاخترنا الواقع.
- وفي القرآن الكريم الكثير من العبر والمواقف التي ينبغي أن نستفيد منها.
- فلو لم يقم العبد الصالح بخرق السفينة التي صعد عليها هو ونبي الله موسى عليه السلام،
- لما تحررت السفينة ونجت، ولوقعت في يد الملك كما ورد في سورة الكهف،
- حتى وإن كان أصحاب السفينة حزنين من فعل العبد الصالح.
أدعية لطلب العوض
إن دعاء العبد ربه في أوقات الكروب يزيد من اتصاله وارتباطه به، وفيما يلي بعض صيغ الدعاء للتعويض:
- اللهم يا رب العالمين، وأنت ربي، عوضني عن كل ما فقدته بعوضٍ من عندك يكون فيه الخير لي والصلاح في حياتي.
- اللهم، أمل كل مكروب، ورجاء كل سائل، إن لم تجبني فمن يجيبني يا الله.
- ازرع الأمل في قلبي، واليقين في صدري، اللهم أعني على الصبر عند البلاء، وعلى الرضا بالقضاء.
- إلهي وخالقي، لا تبعد عنّي كنفك وسترك لأن الشدائد قد نزلت بي.
- ربي، لا تذرني بنفسي، فإن الصعاب قد أشتدت.
- من معين عنايتك أسقني، فإن نار الحاجة تلتهمني، إلهي، أغمرني في ظل جناحي عطفك، فالأعداء قد نالوا مني.
- وعند عرشك الجليل، تولّني لأن الذلّ قد نال من قوتي، ومن ثمار شجرة جودك أطعمني، لأني في حاجة إلى عزك وعطفك.
- ربي، اسقني من كفك العظيمة شربةً تروي بها فؤادي الغارق في بحور الهموم والمحن.
- ربي، بعظمتك اخلعني من مهاوي اليأس إلى بحار الرضا والملكوت.
- فأنت الوحيد الذي يعلم بحالي، وعلمك يغنيك عن سؤالي.
- إلهي، ما ضاقت إلا وكان عندك الفرج، وما تعسرت إلا وكان منك اليسر، فلا مفرج في هذا الكون إلا أنت، ولا متصرف في هذا الوجود سواك.
- عوضني يا إلهي، فأنا عبدك الضعيف المفتقر لعطائك.
- إن لم تعاملني بجودك، فإلى من ألجأ؟، فحاشاك أن ترد عبدًا يلجأ لجلالك.
- اللهم، أنت المأمول في تعويض ما قد تلف، وأنت المستعان على رزقي بالخلف، فإدراكي أقل من أن يسع عظمتك.
شروط استجابة الدعاء
توجد بعض الشروط التي يجب على الداعي تحقيقها لتكون استجابة دعائه ممكنة:
- الإخلاص في الدعاء: يعتبر أول شروط الاستجابة.
- فهو إخلاص النية لله في الدعاء، كما قال الله عز وجل (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).
- توحيد الله عز وجل في الطلب: لا يجوز للعبد أن يشرك أحداً مع الله في دعائه.
- فالله أغنى الشركاء عن الشرك، ومن أشرك مع الله أحدًا فقد كُلف إلى غيره.
- وقد بيّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصول العقيدة عندما قال لعبد الله بن عباس (وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله).
- حسن الظن بالله عز وجل: يجب أن يكون العبد موقنًا بإجابة الدعاء.
- ورد في الأثر: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
- كما يجب عدم الاستعجال في طلب الإجابة، فهو لا يعلم ما قد قدر الله له.
- على العبد عند الدعاء أن يكون قلبه متعلقًا بما عند الله، خائفًا من عقابه، كما قال الله (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).
- يجب تناول الحلال: من شروط استجابة الدعاء أن يتجنب العبد أكل الحرام.
- ومن أراد استجابة دعائه ينبغي أن يحرص على تناول الحلال، فقد تحدث النبي عن رجل أدركه السفر وكان يدعو الله، لكنه كان يأكل الحرام، فكيف يستجاب له؟
آداب الدعاء
ينبغي على الراغب في الدعاء الالتزام بمجموعة من الآداب وهي:
- من آداب الدعاء أن يوضح الداعي هدف دعائه، كما فعل نبي الله موسى عندما طلب من ربه أن يكون له أخاه هارون وزيرًا.
- وفسر ذلك بأن هارون أفصح من موسى لسانًا، وأراد أن يكون سندًا له في الدعوة.
- من آداب الدعاء عدم الاستعجال في الحصول على الاستجابة، كما ورد عن رسول الله (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لم يَعْجَلْ).
- فقد يرد الله الدعاء في الوقت الذي يراه مناسبًا لمصلحة العبد.
- من آداب الدعاء ترك التكلف في صياغة الدعاء، وينبغي أن يكون الكلام سهلًا وبسيطًا لأن الله أعلم بحاجة العبد.
- كما يجب أن يتجنب العبد رفع صوته بالدعاء، فهو يدعو سميعًا بصيرًا.
- من آداب الدعاء اختيار العبارات الشاملة التي تحمل جوامع الكلم.
- فقد كان دعاء النبي عليه السلام غالبًا من جوامع الكلم.
- مثال على ذلك قوله: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
- من سنن الدعاء الواردة عن النبي أنه كان يكرر المسألة ثلاث مرات.
- ومثل ذلك ما ذكره الصحابي عبد الله بن عباس، لذا يُستحب للمسلم تكرار الدعاء ثلاث مرات.
- من آداب الدعاء أن يكون العبد عازمًا في دعائه.
- فيُستحب ألا يقول: اللهم اغفر لي إن شئت، بل ينبغي أن يكون عازمًا في طلب الإجابة.
الأوقات المستحب فيها الدعاء
يتفضل العبد باختيار الأوقات المخصوصة للدعاء، والتي تتمثل في:
- قبل البدء في العمل وأثناء الأداء، حيث يُطلب من الله التيسير والسداد.
- عند السجود، وهو أقرب ما يكون العبد من الله، لذا يُستحب الإلحاح في الدعاء.
- عند نزول الغيث.
- في الثلث الأخير من الليل.
- بعد الأذان.
- بين خطبتي الجمعة.
- بعد الانتهاء من الصلاة.