قصيدة مرثية الطفولة وصفر الحساب
- تقول الشاعرة قمر صبري الجاسم:
عندما كنا صغارًا
كنا نركض خلف الرياح، نتحدى الفراشاتَ
بطائرٍ من أملٍ
نعتلي عرشَ أحلامنا..
في زمن الطفولة
كنا نهجّي الحياةَ ونلعبُ……
من يغشنا يرحلُ عنا
وأصدقنا يصبح بطلًا
نستقبل الشمسَ
نشارك في عرس الزهورِ
ونتنفس قنينةً من عسلٍ
في الوقت الذي كانت فيه حكايات جداتنا
كأنها نبعٌ ينهمرُ علينا
ولا نرتوي..
كيف كنا نخبئ بعض النقودِ
لـ “سالي”
و “دموعًا” لـ “ريمي”
كيف كنا نحزن من أجلِ
“هايدي” و “بِلْ”
كان قلب الأطفال كبيرًا
ولون البساتين أكثر جمالًا
لا كما نُدعي الآن
إذا مر أستاذنا أمام المرايا
كنا نشعر بالخوفِ
إذا لم نخفه درسنا
كان يرسل عصفورةً ليراقبنا
ويبقى يحصي ساعات سهرنا
فنخجل إن لم ننام مبكرًا..
كل شيءٍ ينادي بأسمائنا
“كـ كُنْ”
كان أستاذنا مرجعًا في الحياةِ
ومرشدًا لحضارات الزمن
كان يحتوينا..
عند الطلب للكلام كنا نغني
وإذا قال “قوموا” ننهض
أو إذا دعانا إلى درسٍ يتوجب علينا الالتزام
عندما كنا صغارًا
ذاك من أزمنةٍ عرفتنا…
كان درس الحساب عن الصفر
كنا نبحث عن إصبع الصفر بلا جدوى
إلى أن قال لنا:
إنه الصفر كالعَدَم
مثل سلةٍ فارغة
أما الصفر في الضرب،
فهو كالعمد في القتل،
إذا أضفنا له أو طرحنا
مثل حسانَ
الذي لا يفهم الدرسَ مهما تم شرحه
ومهما حاولت قتله
يبقى بعيدًا عن المقاعدِ لا يُحتسب
إننا الصفر..
قلت لأستاذنا بالأمس
رد عليّ: “يا ليتنا”
أجمل قصائد عن الطفولة
- من قصيدة أنشودة البراءة للشاعر صابر يونس:
“كريمُ” يا أنشودة البراءة
يا صوت موسم الوضاءة
يا عطر إيقاع الطفولة الجميلة
يا نبض قلبين تعانقا
وللحياة غرّدا
ونسَجَا من العبيرِ حلمَ أيامٍ ظليلة
وأنت شمسٌ أشرقت
في ليلنا الشتوي يا كريم
فأدفأت أيامنا المرتعشة
وعلّقت في القلب قنديل الأمان
وأطلقت في الروح أسراب الضياء والحنان
فهل تجود يا كريم بالرضا؟
وهل يهل نجمك السعيد
في عامنا الجديد؟
وهل يضيء وجهُك الوضيء أيامنا؟
وهل تعيد بسمة الحياة في عينيك أحلامنا؟
وعن زماننا الغريق في الدخان
هل ترحل الغيوم والأحزان؟
وهل على وجوهنا
تشرق يا كريم بسمة البلابل المهاجرة؟
وهل تعود للحقول..
خضرة الحياة والسواعد المسافرة؟
وهل تَضُوعُ بالمرافئ الأغاني…
في فم النوارس المطاردة؟
وهل يعانق الشطوطَ الموجُ…
يلقي زبد الترحال…
يسقي الموريات المجهَدة؟
وهل تجود يا كريم بالرضا؟
على زماننا الأسير في سراديب الفضاء
وقد تشظى حلمنا وانكسرت نجماته المبعثرة؟
واحترقت أوراقه في شهب الترحال والمكابرة
وسافرت أيامه…
في سنبلات الزمن المصادرة
- قصيدة زمن الطفولة للشاعرة سوزان عليوان:
إلى أبي
خذني
من يدي الصغيرة
إلى مدينتك
مثلما كان الحزن يأخذني
إلى مدرستي
رُدّني
إلى ضفيرتي
إلى مهري البني الحزين
رُدّني
إلى صورتي القديمة
في مرآتي
خذني
حيث للأطفال قلوب ملوّنة
وللأحصنة الخشبية أجنحة
رُدّني
أشعار تذكرنا بأيام الطفولة
- من قصيدة طفولة للشاعر كريم معتوق:
تلك كانت قصص الجدِ وكانت
علبة التبغ كنعشٍ للحريق
يده تمتد باستحياء كالعذراء حينما
صادفت وجه غريب في الطريق
فاستشاطت بالخطى راجفةً
ضاقت سماها من سماه
ليس إلا هو في هذا الطريق
ليس إلا هو فإن تدنو خُطاه
كان جدي بارتعاش يسحب العلبة
تهتز يداه
فترى الأمس بعينيه طليق
غصَّ بالدخان من فرط أساه
وعلى عينيه يخضر البريق
مدَّ للماضي ذراعًا احتواه
كان جدي يرصد الدخان
كالفاقد لقدره
لَم يزل وصفي لذاك اليوم
وصفًا قدره
لم أزل أعجز عن إدراك معنى
لارتسام الأمس في كل أحاديث السمر
لانقضاض الوجه في كل التعبيرات
وفي كل التفاسير أثر
لم أزل احتفظ من جارتنا ببعض الأحاديث
عن الألفة ما زال صداه
عشت بعد المئة باثنين وعشرين قد تقزمت
وصار القبر في حجم سجاجيد الصلاة
آه يا جارتنا الأكبر من أيامنا عمرًا
ويا جارتنا الأصغر من أجسامنا حجمًا
ويا سر الحياة
كم تحملتيني في الليل دليلًا
حينما نمشي على ضوء الفوانيس بلا حذر
وقطعنا خرقًا من الليل
وعاد الرتق لليل فلم يبق أثر
غير بعضٍ من خُطانا
عبرت قبل قليل
حينما الضوء عبر
وطوينا الدرب بالضحك كما تُطوى
السجاجيد من السطح عند مجيء الشتاء
ووصلنا بيت فطوم وقد كان العزاء
فيه من موت ابنها أحمد في البحر
وقد كان البكاء
في ازديادٍ مع كل الداخلين
وتقلَّبتِ على صدر النساء
تمسحين الدمع من عين وأخرى تحتضنين
وتساءلت عن الحزن وقد كنتِ معي
قبل قليل تضحكين
كان عمري وقتها تسع سنين
قالت الألفة بين الناس فأكبر
سترى الألفة نبراسًا ودينًا
قد كبرت الآن
أيقنت ما ضيعه الناس من الحب
فأشقاني اليقين
آه يا جارتنا الأكبر من أيامنا عمرًا
ويا جارَتنا الأصغر من أجسامنا حجمًا
ويا بحرَ الحنين
آه لو عدتِ لنا الآن
فماذا تصنعين؟
- قصيدة مشكاة الطفولة للشاعر أحمد موفقي:
هربتُ لؤلؤة الطفولة
من أسى النسيان ممتحنة
ضفائرك على مرجان
ذاكرتي..!
لكنني انتهيت إليك
في حبق المنازل
استردك في الجموح
وفي المرايا..
يا أيها الشمع النضيد
يا مرود القوس المهيء في وميض العين
في المشكاة، هاك يدي أعانقها
وأشرد في مداها،
يا أيها المطر الذي كم جرّ فوق الأرض،
خيطًا للحياة..
هل يوقد الأمل البريق
على خطاها
لعلني أصبو إليها
أو أراها…
أحلى شعر من الأم إلى ابنها
- تقول الشاعرة نازك الملائكة:
ماما ماما ماما ماما ماما
برّاق الحلو اللثغة ينوي النوم
والنوم وراء الربوة هيّأ حلمًا
والحلم له أجنحة ترقى النجما
والنجم له شفة ويحب اللثما
واللثم سيوقظ طفلي
ماما ماما
بابا بابا بابا بابا بابابا
برّاق الغافي الساهي يسرق قلبًا
والقلب سيمرع ينبت وردًا رطبًا
والورد يرش المهد أريجًا عذبًا
وأريج الورد لعوب يهوى الوثبا
والوثب سيوقظ طفلي
بابا بابا
دادا دادا دادا دادا دادادا
الحقل مشوق للخضرة لا يهدأ
والخضرة خاوية لا تملك وردًا
والورد إلى الحمرة مرتعش جدًا
والحمرة عند صغيري ثغرا خدًا
وسيصحي الورد صغيري:
دادادادا