حكم الهبة وأسباب مشروعيتها
تعتبر الهبة من العبادات المحمودة في الإسلام، حيث يُستحبُّ القيام بها لتحقيق مودة القلوب وتعزيز العلاقات الاجتماعية بين الأفراد. وقد أذن الله -عزَّ وجلَّ- بالهبة لما لها من تأثير إيجابي في تعزيز الروابط بين الناس، لا سيما عندما تُمنح لجارٍ أو قريب أو حتى ذي عداء. فالهبات تساهم في حل الخلافات وتخفيف التوترات، مما يؤدي إلى تقوية أواصر الأرحام. كما تساعد الهبة في تطهير النفس من الشح والتعلق بالماديات، وتكسب الشخص الأجر الكبير من الله تعالى إذا تم تقديمها بنية خالصة.
شروط الهبة
تتطلب الهبة توافر مجموعة من الشروط، ومنها:
- أن يكون الواهب شخصاً بالغًا عاقلًا، قادرًا على التصرف.
- أن تكون الهبة من الأشياء القابلة للبيع، حيث إن الهبة التي لا يمكن بيعها مثل لحم الخنزير أو الخمر غير صحيحة.
- أن تكون بدون مقابل، أي تبرع بحت.
- أن تكون الهبة حالّة ومنجزة، فلا تُقبل الهبة المشروطة بزمن مثل “وهبتك هذا الشيء لمدة سنة” لأن الهبة هي عقد تمليك لا يمكن تحديد مدته.
- أن يقبل المستفيد الهبة، حيث تتطلب الهبة وجود إيجاب وقبول.
- أن تكون الهبة عن اختيار، فلا تُعتبر صحيحة إذا تمت بالإكراه.
حكم العودة في الهبة
يرى جمهور العلماء أن العودة في الهبة محرمة حتى لو كانت بين الإخوة أو الزوجين، باستثناء هبة الوالد لولده، إذ يجوز له الرجوع فيها. كما يُسمح للواهب بالعودة إذا كان قد وهب شيئًا على أمل تعويضه، ولم يحصل على ذلك التعويض من الموهوب له. وقد أشار الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه “إعلام الموقعين” إلى أن العودة في الهبة لا تجوز إلا إذا كانت الهبة تبرعًا، حيث يحق للواهب الذي وهب على أمل الحصول على عوض أن يعود في هبته.