قصائد الحب للشاعر محمود درويش

مفهوم الحب

الحب يتشكل من مجموعة من المشاعر والعواطف، حيث يترافق مع الانجذاب والاهتمام والتقدير. يعتمد الحب على درجات متعددة، تشمل الهوى، والعشق، والهيام، والود، والشوق. يعتبر الحب تعبيراً عن العواطف والعلاقات الجميلة والحميمة بين الأشخاص والأشياء، كما يعكس شعور الإعجاب والميل الشديد نحو شيء معين. يُعَدّ الحب الركيزة الأساسية التي تقوم عليها العلاقات الشخصية بين الأفراد.

حديث الحمام

يُعتبر محمود درويش من أبرز الشعراء الفلسطينيين والعرب، وُلد عام 1941م في قرية البروة بفلسطين، وتوفي في الولايات المتحدة الأمريكية في 9 آب 2008م. كتب درويش العديد من الدواوين والأشعار التي تتناول موضوع الحب، ومنها قصيدته الشهيرة التي تحمل عنوان:

يطير الحمام

يحطّ الحمام

أعدّي لي الأرض كي أستريح

فإني أحبك حتى التعب

صباحك فاكهةٌ للأغاني

وهذا المساء ذهب

ونحن لنا حين يدخل ظلٌّ إلى ظلّه في الرخام

وأشبه نفسي حين أعلّق نفسي

على عنقٍ لا تعانق غير الغمام

وأنت الهواء الذي يتعرّى أمامي كدمع العنب

وأنت بداية عائلة الموج حين تشبث بالبرّ

حين اغترب

وإني أحبك أنت بداية روحي وأنت الختام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

أنا وحبيبي صوتان في شفة واحدة

أنا لحبيبي أنا وحبيبي لنجمته الشاردة

وندخل في الحلم لكنّه يتباطأ كي لا نراه

وحين ينام حبيبي أصحو لكي أحرس الحلم مما يراه

وأطرد عنه الليالي التي عبرت قبل أن نلتقي

وأختار أيامنا بيديّ

كما اختار لي وردة المائدة

فنم يا حبيبي

ليصعد صوت البحار إلى ركبتيّ

ونم يا حبيبي

لأهبط فيك وأنقذ حلمك من شوكةٍ حاسدة

ونم يا حبيبي

عليك ضفائر شعري عليك السلام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

رأيت على البحر إبريل

قلت نسيت انتباه يديك

نسيت التراتيل فوق جروحي

فكم مرّة تستطيعين أن تولدي في منامي

وكم مرّة تستطيعين أن تقتليني لأصرخ إني أحبك

كي تستريحي

أناديك قبل الكلام

أطير بخصرك قبل وصولي إليك

فكم مرّة تستطيعين أن تضعي في مناقير هذا الحمام

عناوين روحي

وأن تختفي كالمدى في السفوح

لأدرك أنّك بابل مصر وشام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

ريتا والبندقية

انتقل محمود درويش إلى الاتحاد السوفييتي للدراسة، ثم لجأ إلى القاهرة حيث انضم إلى منظمة التحرير الفلسطينية. شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وله مجموعة من القصائد في الحب، منها قصيدته المعبرة عن حبيبته ريتا:

بين ريتا وعيوني بندقية

والذي يعرف ريتا ينحني

ويصلي

لإلهٍ في العيون العسليَّة

وأنا قبَّلت ريتا

عندما كانت صغيرة

عندما كانت صغيرة

وأنا أذكر كيف التصقتْ

بي وغَطَّتْ ساعدي أحلى ضفيرة

وأنا أذكر ريتا

مثلما يذكر عصفورٌ غديرَهْ

آه ريتا

بيننا مليون عصفور وصورة

ومواعيدٌ كثيرة

أطلقتْ ناراً عليها بندقية

اسم ريتا كان عيداً في فمي

جسم ريتا كان عرساً في دمي

وأنا ضعت بريتا سنتينِ

وتعاهدنا على أجمل كأس واحترقنا

في نبيذ الشفتين

وولدنا مرتين

آه ريتا

أي شيء ردَّ عن عينيك عينيَّ

سوى إغفاءتين

وغيوم عسليّة

قبل هذي البندقية

كان يا ما كان

يا صمت العشية

قمري هاجَر في الصبح بعيداً

في العيون العسلية

والمدينة

كنست كل المغنين وريتا

بين ريتا وعيوني بندقية

الحب كمقهى صغير

اعتُقل الشاعر محمود درويش عدة مرات في عام 1961 بسبب مواقفه وأشعاره. بعد ذلك، غادر درويش إلى موسكو ثم إلى القاهرة، ثم انتقل إلى لبنان ليشغل منصب رئيس مركز الأبحاث الفلسطينية. ومن أجمل قصائده التي تتحدث عن الحب:

كمقهى صغير على شارع الغرباء

هو الحبُ يفتح أَبوابه للجميع

كمقهى يزيد وينقص وَفْق المناخ

إذا هَطَلَ المطر ازداد روَّاده

وإذا اعتدل الجوّ قَلّوا ومَلّوا

أَنا هاهنا يا غريبة في الركن أجلس

ما لون عينيكِ ما اسمك؟ كيف

أناديك حين تمرّين بي وأنا جالس

في انتظاركِ

مقهى صغيرٌ هو الحبُ أَطلب كأسيْ

نبيذ وأَشرب نخبي ونخبك أَحمل

قبَّعتين وشمسيَّة إنها تمطر الآن

تمطر أكثر من أيِّ يوم ولا تدخلينَ

أَقول لنفسي أَخيرا لعلَّ التي كنت

أنتظر انتظرتْني أو انتظرتْ رجلاً

آخرَ انتظرتنا ولم تتعرف عليه عليَّ

وكانت تقول أَنا هاهنا في انتظاركَ

ما لون عينيكَ؟ أيَّ نبيذٍ تحبّ

وما اسمكَ؟ كيف أناديكَ حين

تمرّ أمامي

كمقهى صغير هو الحب

ليل يحاكي الجسد

في عام 1981، أسس محمود درويش مجلة الكرمل الثقافية في بيروت، وفي عام 1988 انتُخب عضواً في اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية. ومن روائع شعره في الحب:

ليل يفيض من الجسد

ياسمين على ليل تموز أغنية

لغريبين يلتقيان على شارع

لا يؤدي إلى هدفٍ

من أنا بعد عينين لوزيتين، يقول الغريب

من أنا بعد منفاك، تقول الغريبة

إذن حسناً، فلنكن حذرين لئلا

نحرك ملح البحار القديمة في جسد يتذكر

كانت تعيد له جسداً ساخناً

ويعيد لها جسداً ساخناً

هكذا يترك العاشقان الغريبان حبهما

فوضوياً كما يتركان ثيابهما الداخلية

بين زهور الملاءات

إن كنت حقا حبيبي فألف

نشيد أناشيد لي واحفر اسمي

على جذع رمانةٍ في حدائق بابل

إن كنت حقاً تحبينني فضعي

حلمي في يدي وقولي له لابن مريم

كيف فعلت بنا ما فعلت بنفسك

يا سيدي، هل لدينا من العدل ما يكفي

ليجعلنا عادلين غداً

كيف أشفى من الياسمين غداً

كيف أشفى من الياسمين غداً

يعتمان معاً في ظلالٍ تشع على

سقف غرفته، لا تكن معتماً

بعد نهدي، قالت له

قال نهداك ليل يضيء الضروري

نهداك ليل يقبلني وامتلأنا أنا

والمكان بليل يفيض من الكأس

تضحك من وصفه ثم تضحك أكثر

حين نخفي منحدر الليل في يدها

يا حبيبي، لو كان لي

أن أكون صبياً لكنتك أنت

ولو كان لي أن أكون فتاة

لكنتك أنت

وتبكي كعادتها عند عودتها

من سماءٍ نبيذية اللون، خذني

إلى بلد ليس لي طائر أزرق

فوق صفصافه يا غريب

وتبكي لتقطع غاباتها في الرحيل

الطويل إلى ذاتها، من أنا

من أنا بعد منفاك في جسدي

أه من ومنك ومن بلدي

من أنا بعد عينين لوزيتين

أريني غدي

هكذا يترك العاشقان وداعهما

فوضوياً كرائحة الياسمين على ليل تموز

في كل تموز يحملني الياسمين إلى

شارع لا يؤدي إلى هدف

بيد أني أتابع أغنيتي

ياسمين

على

ليل

تموز

ذكاء الحب

من بين الجوائز التي حصل عليها الشاعر محمود درويش، جائزة لوتس اتحاد كتاب آسيا وإفريقيا في الهند عام 1969م، ودرع الثورة الفلسطينية من منظمة التحرير الفلسطينية عام 1981م. ومن قصائده البارزة في موضوع الحب:

يُعلِّمُني الحُبُّ ألاَّ أحِبَّ وَأَنْ أفتحَ النافذة

على ضِفَّة الدرب. هل تَستطيعين أن تَخْرُجي مِنْ نداءِ الحَبَقْ

وَأَنْ تقسمِيني إلى اثنين، أَنتِ وَما يَتبقَّى مِنَ الأغنية

وَحُبٌ هو الحُبُّ. فِي كُلِّ حُبِّ أرى الحُبَّ مَوْتاً لِمَوْتٍ سَبَقْ

وَريحاً تُعَاوِدُ دَفْعَ الخُيُول إلى أمِّهَا الرِّيحِ بَيْنَ السَّحَابة والأَوْدِيَهْ

أَلا تَستَطِيعينَ أَنْ تَخْرُجِي مِنْ طنينِ دَمي كَيْ أْهَدْهِدَ هَذَا الشَّبقْ

وكَيْ أُسْحَبَ النَّحْلَ مِنْ وَرَق الوَرْدَةِ المُعْدِيهْ

وَحُبٌ هو الحُبُّ يَسأًلُنِي كَيْفَ عَادَ النَّبيذُ إلَى أْمِّه واحْتَرَقْ

وَمَا أًعذَبَ الحُبَّ حِينَ يُعذِّب حِينَ يُخرِّب نَرْجسَةَ الأَغْنيَهْ

يُعلِّمُني الحُبِّ أن لاَ أُحِبَّ وَيَتْرُكُني في مَهَبِّ الوَرَقْ

حبي الأجمل

أكمل محمود درويش تعليمه الابتدائي في قرية دير الأسد بالجليل، ودرس المرحلة الثانوية في قرية كفر ياسيف، ثم انضم إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي في فلسطين، وعمل محرراً ومترجماً في صحيفة الاتحاد ومجلة الجديد. ومن أجمل قصائده في الحب قصيدة أجمل حب:

كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة

وجدنا غريبين يوماً

وكانت سماء الربيع تؤلف نجما ونجما

وكنت أؤلف فقرة حب

لعينيك غنيتها

أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا

كما انتظر الصيف طائر

ونمت كنوم المهاجر

فعين تنام لتصحوا، طويلاً

وتبكي على أختها

حبيبان نحن إلى أن ينام القمر

ونعلم أن العناق وأن القبل

طعام ليالي الغزل

وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمرّ

على الدرب يوماً جديداً

صديقان نحن فسيري بقربي كفا بكف

معاً نصنع الخبر والأغنيات

لماذا نسائل هذا الطريق لأي مصير

يسير بنا

حب قديم متجدد

منحت جامعة لوفان الكاثوليكية درعوَ فخرية لمحمود درويش عام 1998م في بلجيكا، ومن أشهر قصائده في الحب:

على الأنقاض وردتُنا

ووجهانا على الرملِ

إذا مرّتْ رياحُ الصيفِ

أشرعنا المناديل

على مهل على مهلِ

وغِبنا طيَّ أغنيتين كالأسرى

نراوغ قطرة الطّل

تعالي مرة في البال

يا أُختاه

إن أواخر الليلِ

تعرّيني من الألوان والظلّ

و تحميني من الذل

وفي عينيك يا قمري القديم

يشدّني أصلي

إلى إغفاءةٍ زرقاء

تحت الشمس والنخلِ

بعيداً عن دجى المنفى

قريباً من حمى أهلي

تشهّيتُ الطفولة فيكِ

مذ طارت عصافيرُ الربيعِ

تجرّدَ الشجرُ

وصوتك كان يا ما كان

يأتيني

من الآبار أحياناً

وأحياناً ينقطه لي المطر

نقيا هكذا كالنارِ

كالأشجار كالأشعار ينهمرُ

تعالي

كان في عينيك شيء أشتهي

وكنتُ أنتظر

وشدّيني إلى زنديكِ

شديني أسيراً

منك يغتفر

تشهّيت الطفولة فيك

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *