توقيت أداء صلاة العشاء
يقدم الفقهاء تصنيفاً دقيقاً لآخر وقت أداء صلاة العشاء، وذلك كما يلي:
- أما الحنفية، فإن وقت صلاة العشاء يبدأ عند اختفاء الشفق الأحمر ويمتد حتى طلوع الفجر الصادق. يُعتبر الثلث الأول من الليل هو أفضل وقت لأداء الصلاة، خاصة لمن يأمل الاستيقاظ في ذلك الوقت. وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “لولا أن أشق على أمتي لأمرتُهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه.” وينصح بعدم تأخير الصلاة إلى ما بعد منتصف الليل.
- فيما يخص المالكية، فإن صلاة العشاء تبدأ عند غياب حمرة الشفق الأحمر وتمتد حتى الثلث الأول من الليل. ويستند المالكية في ذلك إلى فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابة كرام -رضي الله عنهم- كما ورد في صحيح البخاري: “وكانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول.” ويُستحب عدم تأخير الصلاة عن هذا الوقت إلا في حالات الضرورة، مثل من يعاني من مشاغل كبيرة أو يعاني من مرض، بينما يُفضل للآخرين المبادرة بالصلاة في بدايتها.
- الشافعية يرون أن الصلاة تبدأ بعد انقضاء وقت المغرب وتمتد حتى طلوع الفجر الصادق، بينما يُفضل أداؤها قبل الثلث الأول من الليل.
- أما الحنابلة، فإنهم يؤكدون أن وقت أداء العشاء يمتد حتى الثلث الأول من الليل، ويستندون في ذلك إلى فعل جبريل -عليه السلام- حيث قال: “ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول.” وأفضل أوقاتها في آخر الثلث الأول، وذلك كما ورد في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لولا أن أشق على أمتي لأمرتُهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه.” بالنسبة للضرورة، فإن الوقت يمتد بعد الثلث الأول حتى طلوع الفجر الثاني، وفقاً لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة، أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت صلاة أخرى.”
يجدر بالذكر أن لكل صلاة أوقات فضيلة واختيار وضرورة؛ فوقت الفضيلة يكون في بداية وقت الصلاة، بينما يمتد وقت الضرورة حتى آخر وقت الصلاة لمن لديه عذر زال عنه في وقت الصلاة، كالمجنون الذي يُفيق قبل دخول وقت الصلاة التالية. أما وقت الاختيار لصلاة العشاء، فيبدأ من وقت الفضيلة وينتهي عند نهاية الثلث الأول من الليل.
مشروعية تأخير صلاة العشاء إلى مراتبها الأخيرة
يُفضّل تأخير صلاة العشاء لبعض الوقت دون تجاوز منتصف الليل؛ فإذا تم الاتفاق بين أفراد المجتمع أو المسجد على تأخيرها إلى الثلث، يُعتبر هذا من السنن ما لم يُحدث مشقة على الناس. فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يؤخر الصلاة إذا تأخر الصحابة -رضي الله عنهم- في أدائها، ويؤديها في وقتها الأول معهم عند اجتماعهم، وذلك لتخفيف المشقة عنهم. ويُعتبر تأخير الصلاة إلى ما بعد منتصف الليل مكروهاً، حيث يصبح خارج نطاق الوقت الاختياري.
أهمية الصلاة في حياة المسلمين
فرض الله -تعالى- الصلاة على المسلمين وأمرهم بأدائها جماعة وفي صفوف منتظمة؛ وذلك لما فيه من طاعة وقيم تربوية تضبط النفس، وتعلم المسلم النظام والانضباط. كما أن الصلاة تعزز عند المسلم الخوف من خالقه ومراقبته في كافة مساعيه، مما يمنعه من ارتكاب المحرمات مثل السرقة والظلم والغش، وتعزز لديه المحافظة على أداء واجباته مما يسهم في زيادة إنتاجه ورضاه. كما أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، بما ورد في قوله -تعالى-: “إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر”، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “من لم تنهَه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يُزِدْه الله إلا بُعدًا.” ولذلك، يظهر جليًّا أهمية الطاعات، خاصة الصلاة، في ضبط سلوك المسلم.