تتعدد الأسئلة التي يطرحها الطلاب في مختلف المراحل الدراسية، ومن بينها سؤال حول الاعتقاد بالقلب، والكلام باللسان، والعمل بالجوارح، الذي يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. الإجابة عن هذا السؤال تفتح لنا بابًا للحديث عن موضوعات جليلة، ينبغي على المسلم أن يكون ملمًّا بها. من خلال هذا الموقع، سنتناول أحد أبرز معاني الإسلام.
الإيمان وعلاقته بالقلب والجوارح
يعبر الاعتقاد بالقلب، والكلام باللسان، والعمل بالجوارح، الذي يتزايد بالطاعة ويرتفع بالمعصية، عن مفهوم الإيمان. فمصطلح الإيمان لغويًا يعني التصديق، بينما يكون معناه في الاصطلاح عبارة عن القول باللسان، والتصديق بالقلب، وممارسة الأعمال بالجوارح.
وقد قيل في الإيمان: “الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص” [الإمام أحمد بن حنبل]. وكما هو واضح، لا يوجد تناقض بين كون الإيمان قولاً وعملًا، أو بين القول والنوايا الطيبة، أو القول والعمل والاعتقاد. والإيمان في نظر الشريعة هو مركب من قول وعمل، حيث يتضمن القول نوعين: قول القلب (وهو الاعتقاد) وقول اللسان (وهو الكلام بالإسلام). أما العمل، فهو مقسّم إلى نوعين أيضًا: عمل القلب (نيه وإخلاص) وعمل الجوارح. عدم توفر هذه العناصر الأربعة قد يؤدي إلى غياب الإيمان وزوال تصديق القلب.
معنى الإيمان بالله
بعد فهم أن الإيمان يقوم على الاعتقاد بالقلب، والكلام باللسان، والعمل بالجوارح الذي يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، دعونا نستعرض معنى الإيمان بالله تعالى.
الإيمان بالله جل وعلا يعني الاعتقاد الجازم بوجوده سبحانه وتعالى، وأنه الخالق لكل شيء في هذا الكون الواسع.
ويتضمن الإيمان بربوبية الله جل وعلا فهم أسماءه الحسنى، وتنفيذ الأوامر والتجنب عن النواهي.
مفاهيم متعلقة بالإيمان
هنا أربعة عناصر أساسية ينبغي معرفتها بخصوص الإيمان، وهي:
1- الإيمان بوجود الله جل وعلا
العقل والفطرة هما أفضل الدلائل على وجود الله جل وعلا. فالفطرة السليمة، التي تبقى بعيدة عن شائبات الحياة، تميل إلى حب الله جل وعلا وطاعته.
كل مخلوق في هذه الأرض يبرز بفطرته حب لله جل وعلا والإيمان به، دون الحاجة لأي تعليم مسبق.
أما من ينشغل بمحطات الحياة، ويعمل على تلويث فطرته، فهو بذلك قد تحيد عن مسار الفطرة السليمة.
وقد ذكر الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: “ما مِن مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ علَى الفِطْرَةِ، فأبَواهُ يُهَوِّدانِهِ أو يُنَصِّرانِهِ أو يُمَجِّسانِهِ، كما تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعاءَ، هل تُحِسُّونَ فيها مِن جَدْعاءَ، ثُمَّ يقولُ: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عليها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلكَ الدِّينُ القَيِّمُ)” [الروم: 30] [الراوي: أبو هريرة] [المحدث: البخاري].
كما أن العقل يدلل على وجود الله جل وعلا، حيث إن المخلوقات من حولنا، وكذلك تلك التي وُجدت قبلنا، تحتاج إلى خالق يديرها؛ إذ لا يمكن أن يكون وجودها مصادفة، فكل حادثة لابد لها من محدث.
2- الإيمان بربوبية الله جل وعلا
هذا الإيمان يتجسد في أن الله وحده لا شريك له. فالرب هو القائم بالخلق والتدبير والملك، ولا يوجد خالق إلا الله جل وعلا.
عند تمعّن معاني آيات سورة الفاتحة، نجد الآية: “مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ” [سورة: الفاتحة] [الآية: 4].
3- الإيمان بألوهية الله جل وعلا
يعد ذلك الإيمان بالإله الحق، الذي ليس له شريك. فالإله هو المعبود بحب وتعظيم، ولا يوجد معبود حق سوى الله جل وعلا. أي شخص يتخذ إلهًا غير الله جل وعلا يُعتبر إلهه باطلاً.
ومن خلال كل ما تقدم، نستنتج الإجابة عن السؤال حول الاعتقاد بالقلب، والكلام باللسان، والعمل بالجوارح، الذي يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. كما تعرفنا على المعاني الأساسية الثلاثة المرتبطة بالإيمان.