حكم الأضحية في المذاهب الأربعة
تتعدد الآراء بين علماء المذاهب الأربعة بشأن حكم الأضحية، وفيما يلي توضيح لهذا الأمر:
- مذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة
يرى الجمهور أن الأضحية سنة مؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث يُثاب من يقوم بها ولا يأثم من يتركها. وقد استندوا في ذلك إلى حديث أم سلمة الذي رواه الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخل العشر الأوّل فأراد أحدكم أن يضحي فلا يمسّ من شعره ولا من بشرته شيئًا).
كما أشار الشافعي إلى أن هذا الحديث يدل على عدم وجوب الأضحية، حيث جاء ذكر (فأراد أحدكم) مما يعني أن الأمر هو اختيار لا إلزام. كما أنهم استندوا إلى فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي كان يضحي عن أمته بكبش أقرن أملح.
- مذهب أغلب فقهاء الحنفية
يقر فقهاء الحنفية بوجوب الأضحية في حق المقيم الميسور. وقد استندوا إلى قوله -تعالى-: (فصلِّ لربك وانحر)، حيث يشير الأمر في كلمة (وانحر) بوضوح إلى الوجوب. كما أشاروا إلى حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- الذي يوضح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قام بالأضحية خلال عشر سنوات في المدينة، مما يعتبر دليلًا قويًا على استمرارها ووجوبها.
شروط صحة الأضحية وفق المذاهب الأربعة
تتطلب الأضحية تحقيق شروط معينة، ينبغي على المضحي مراعاتها لضمان صحة أضحيته، وتتمثل الشروط فيما يلي:
أن تكون من الأنعام
اتفق غالبية الفقهاء من المذاهب الأربعة على ضرورة كون الأضحية من الأنعام، مثل الإبل والبقر والغنم. إذ لا تُعتبر الأضحية جائزة إذا كانت من دجاجة أو طائر، أو حمار أو غزال أو غير ذلك. ووفقًا لما ذكره القرطبي، فإنه بالإجماع يتضح أن الأضحية تتعلق بالأزواج الثمانية، وهي الضأن والمعز والإبل والبقر.
سلامتها من العيوب
هناك اختلاف بين المذاهب حول العيوب المعتبرة في الأضحية، وفيما يلي تفاصيلها:
- الحنفية
لا تُقبل الأضحية عندهم إذا كانت عمياء أو عوراء (تعاني من ضعف البصر) أو هزيلة (لا مخ بعظامها)، كذلك لا تصح من عرجاء لا تستطيع المشي بسبب عرجها، ويعتبر القطع في إحدى الأذنين أو الذيل أو أماكن أخرى إلغاءً للأضحية إذا كان أكثر من ثلثها. تُقبل الأضحية بالرغم من الجرب إذا كانت سمينة.
- المالكية
لا يُسمح بالأضحية عند المالكية إذا كانت عمياء أو عوراء، ويجب أن يكون العيب في ضوء العين. كما أن الأضحية المريضة أو التي تظهر بها أعراض الجرب غير مقبولة، بالإضافة إلى أن المجنونة وغير القادرة على المشي لا تُعتبر أضحية. لا تصح كذلك الأضحية المكسورة أو العرجاء.
- الشافعية
تشترط الشافعية أن تكون الأضحية صحيحة من العوراء، العمياء، والعرجاء وضوح عرجها، وكذلك يشترط عدم وجود علامات مرض ظاهرة أو هزال كبير. تقبل الأضحية إذا كانت مشقوقة الأذن أو كُسر قرنها.
- الحنابلة
في مذهب الحنابلة، لا تصح الأضحية إذا كانت عوراء أو عمياء أو هزيلة. كما لا تُقبل الأضحية المكسورة أو الجرباء الفاسدة. ويسمح بها إذا كانت مشقوقة الأذن، ولكن لا تُقبل الجداء أو الأضحية الضامنة لنصف أليتها، أو ذات الحجم الصغير في الأذن.
أن تبلغ سن التضحية
يشترط أن تكون الأضحية ثنيّة أو أكثر بالنسبة للماعز والبقر والإبل، وجذعة أو أكثر بالنسبة للضأن، وذلك استنادًا إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تذبحوا إلا مسنّة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن). هذا الشرط متفق عليه بين المذاهب الأربعة، لكن هناك تباين في تفسير معنى الثنيّة والجذعة، ويُوضح ذلك كما يلي:
- ذهب الحنفية والحنابلة إلى أن الجذع هو ما أتم ستة أشهر، بينما الثني هو ابن سنة من المعز والضأن وابن سنتين من البقر وابن خمس سنوات من الإبل.
- المالكية تعتبر الجذع هو الضأن الذي بلغ سنة ودخل في الثانية حتى لو لدقائق، بينما الثني في المعز هو الذي أتم سنة ودخل في الثانية بشكل ملحوظ.
- الشافعية يرون الجذع هو ما بين ستة أشهر إلى سنة في الضأن، بينما الثني في المعز هو من بلغ سنتين، وكذلك في البقر.