أكثر الأمور التي يكرهها الله لكن تُعتبر حلالاً هي الطلاق

الحكمة من مشروعية الطلاق وأحكامه

وجه الإسلام كلاً من الرجل والمرأة إلى انتخاب شريك الحياة بعناية عند فترة الخطوبة. وعلى الرغم من أهمية هذا الاختيار، إلا أنه لا يضمن دائماً استقرار الحياة الزوجية، فقد يتهاون أحد الطرفين في الالتزام بالبحث عن الشريك المناسب، أو قد تطرأ ظروف جديدة بعد عقد القران تؤدي إلى توتر العلاقات بينهما. ومن هذه الظروف، قد يعاني أحد الزوجين من مرض، أو عدم القدرة على تحمل مسؤولياته الزوجية. كما تشكل بعض العوامل الخارجية مثل تدخل الأهل والجيران أسباباً إضافية تؤثر على العلاقة. وفي بعض الأحيان، يمكن أن ينشأ الشقاق بسبب انصراف مشاعر أحد الطرفين عن الآخر. في مثل هذه الحالة، ينبغي على الزوجين التحلي بالصبر والتفاهم، ولكن إذا كانت الأسباب تؤدي إلى صراع أكبر من القدرة على التحمل، فقد أذنت الشريعة الإسلامية بالطلاق كوسيلة لإنهاء هذه المشاكل والمضي قدماً في حياة جديدة، سواء بمفردهم أو عبر الارتباط بشريك آخر يضمن الحياة الهادئة والمستقرة.

يتفاوت حكم الطلاق في الشريعة الإسلامية وفقاً للحالة التي يكون عليها الزوجان، حيث يمكن أن يكون الطلاق واجباً في حالات معينة، مثل حالة الزوج الذي يمهل زوجته لأربعة أشهر بعد قسمه بامتناع الجماع. فإذا لم يعد إلى الزوجة خلال هذه الفترة، يصبح الطلاق واجباً. كما يتم الطلاق بالتحكيم إذا قررا الحكمان الفصل بين الزوجين، حينها يجب على الزوج تطليق زوجته. وقد يكون الطلاق مستحباً في حالات أخرى، على سبيل المثال عندما تُقصر الزوجة في حقوق الله كالصلاة، أو إذا كانت الحياة بين الزوجين غير ممكنة بسبب النزاعات الدائمة. وفي حالة طلب الزوجة للخلع، يُفضل للزوج أن يطلقها لتجنب الضرر. أما إذا لم تكن هناك حاجة فعلية للطلاق، فيُنظر إليه بالكراهة، ويمكن أن يكون الطلاق محظوراً شرعاً إذا وقع في غير الوقت المسموح به، كما لو طلق الزوج زوجته وهي في فترة الحيض أو النفاس.

الطلاق: أبغض الحلال عند الله

جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديث يقول فيه: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق، ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق). يتناول هذا الحديث الراوي الثقة “معرف بن واصل”، وقد نقله عن الإمام الثقة “محارب بن دثار”. وقد روي الحديث بوجهين: الأول مسند مُتصل، والثاني مرسل دون ذكر ابن عمر. وبعد دراسة الحديث، وجد المحدّثون أن رواة الوجه المرسل كانوا أكثر وثاقة، مما أدى إلى ترجيح رواية المرسل. ومع أن الحديث يُعتبر ضعيفاً من حيث السند، إلا أن معناه صحيح، كما أشار الشيخ ابن عثيمين، حيث ذكر أن الله يكره الطلاق ولكنه لم يُحرمه، بل أباحه عندما تكون هناك أسباب شرعية تدعو له. وخلص الشيخ ابن باز إلى أن الطلاق حلال لكنه أبغض الحلال لأنه قد يؤدي إلى التفريق بين الزوجين، مشيراً إلى أهمية الحفاظ على العلاقة الزوجية لما فيه من صالح للمرأة والرجل.

آداب الطلاق

يجب على الرجل مراعاة عدد من الآداب الشرعية عند إقدامه على تطليق زوجته، ومن أبرز تلك الآداب:

  • الحرص على مراعاة المصلحة قبل الطلاق، من خلال التفكير ملياً والسعي للتحكيــم إدخل حكمين لحل النزاعات.
  • إجراء الطلاق إذا كان الوضع يتطلب ذلك، مثل خوف المرأة من انحراف زوجها عن الطريق الصحيح.
  • تجنب إيذاء الزوجة عن طريق قرار الطلاق، لأن الضرر محظور شرعاً.
  • عدم الإقدام على الطلاق بثلاثة طلقات دفعة واحدة، استناداً إلى نهي الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك.
  • الإشهاد على وقوع الطلاق وعلى الرجعة إذا حصلت.
  • عدم الطلاق في حالة الغضب الشديد.
  • أن يتم الطلاق وفقاً لما يُسمح به شرعاً، أي خلال فترة الطهر التي لم يحدث فيها جماع.
  • القيام بإيقاع الطلاق بطريقة حسنة، بعيداً عن الكلام الفاحش أو أي شكل من أشكال العدوان تجاه المرأة.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *