يتناول هذا المقال الفروق بين الأفعال الناسخة والحروف الناسخة. تُعتبر هذه الأسئلة وغيرها من المواضيع النحوية المجردة التي أهتم بها علماء النحو واللغة العربية عبر الشرح والتمثيل والتفصيل.
من ثم، قام الشعراء بإعداد قصائد لتوضيح هذه الفروق. وفي إطار هذه المعرفة العربية التقليدية، نقدم لكم هنا شرحًا مفيدًا يجيب على سؤال “ما الفرق بين الأفعال الناسخة والحروف الناسخة”، وسنستعرض بعض التفاصيل الهامة في هذا السياق.
الفرق بين الأفعال الناسخة والحروف الناسخة
للإجابة الدقيقة على سؤال “ما الفرق بين الأفعال الناسخة والحروف الناسخة”، يلزم أولاً فهم معاني الكلمات المستخدمة في السؤال كما يلي:
الفعل
الفعل هو ما يشير إلى حدث معين بصيغة، وينقسم إلى ثلاثة أنواع: (فعل ماضي، فعل مضارع، فعل أمر). وفقًا لهذا التعريف، الفعل هو الكلمة الوحيدة التي تحمل زمنًا في معناها، بينما الأسماء لا تتضمن الزمن.
الحرف
الحرف هو عنصر لغوي لا يحمل معنى كاملاً في ذاته، لكن معناه يظهر عند اقترابه من اسم. إذ يُستخدم الحرف لربط الأسماء والأفعال فيما بينها.
ناسخ
في اللغة العربية، تُشير كلمة الناسخ إلى عملية التغيير أو الإزالة. حيث قال الله تعالى: “مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ“.
ويروي ابن عباس في تفسيره للنسخ في الآية المذكورة قائلاً: “ما نبدل من آية”.
تُعتبر النواسخ في النحو من الحروف أو الأفعال التي تدخل الجملة الاسمية، أي الجملة المكونة من المبتدأ والخبر، حيث تغير من حكمها الإعرابي. من بين نواسخ اللغة العربية: (إن وأخواتها، كان وأخواتها، الحروف المشبهة بالفعل، أفعال القلوب، وأفعال المقاربة).
أنواع النواسخ
يوجد عدة أنواع من النواسخ في اللغة العربية حسب وظائفها، وهي كما يلي:
- نواسخ تدخل الجملة الاسمية لرفع الاسم وتنصيب الخبر، ولا تحتاج إلى فاعل أو مفعول، مثل: (كان وأخواتها، كاد وأخواتها).
- نواسخ تدخل الجملة الاسمية لتنصب الاسم وترفع الخبر، وتعرف باسمها وخبرها، مثل: (إن وأخواتها).
- نواسخ تدخل الجملة الاسمية لتنصب المبتدأ والخبر معًا، لكن لا يتم حذف الفاعل لتعزيز المعنى، مثل (ظن وأخواتها).
- الأفعال الناسخة تحمل معنىً كاملاً أو تحتفظ بصيغة زمن، بينما الحروف الناسخة لا تحمل زمنًا.
تعرف على الحروف الناسخة
تُعتبر الحروف الناسخة هي “إن” وأخواتها، مثل (لكن) والحروف النافية للجنس. تُعتبر إن وأخواتها الأكثر أهمية، وتفاصيلها كالتالي:
إن وأخواتها
تقوم إن وأخواتها بدخول الجملة الاسمية لترفع الخبر وتنصب الاسم. توضح هذه الحروف معنى جديدًا للخبر، كما في قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”، حيث يمكن إعرابها كالتالي:
- إن: حرف نصب ناسخ مبني.
- الله: اسم إن منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
- على: حرف جر مبني.
- شيء: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة.
- قدير: خبر إن مرفوع وعلامة رفعه الضمة على آخره.
الحرفان (إن، أن)
الحرفان (إن، أن) يؤكدان حدوث الأمر من قبل المتحدث دون شك، كما ورد في قوله تعالى: “إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ”.
يظهر التوكيد عبر استخدام الحرف إن في هذه الآية، بينما يُبرز الحرف أن في قوله تعالى: “وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا”.
حرف (لكنَّ)
الحرف (لكن) يعمل على تصحيح أو استدراك بيان سابق، كما في المثال التالي: “استيقظ محمد مبكرًا، لكنه وصل إلى العمل متأخرًا”.
حرف (كأن)
يستخدم حرف (كأن) لمحاكاة المبتدأ والخبر، كما يتضح من قول الله تعالى: “وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ”، حيث يتضح معنى التشبيه في الآية.
حرف (ليت)
يستعمل حرف (ليت) للتعبير عن التمني، وعادة ما يشير إلى طلب مستحيل التحقيق، كما يقول أبو العتاهية: “فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً”.
حرف (لعل)
وفقًا للآجرومية، معنى حرف (لعل) يحمل دلالتين هما:
- الأولى: التوسل، أي طلب شيء يصعب تحقيقه، مثل: “لعل الراتب ينزل مبكرًا هذا الشهر”.
- الثانية: الشفقة والترقب، حيث أن الشخص يتوقع شيئًا قد يحدث، مثل: “لعل السماء أمطرت والطريق مغلق”.
سبب تسمية إن وأخواتها حروف تشبه الفعل
الشائع بين العلماء أن “إن” وأخواتها تُشابه الأفعال لعدد من الأسباب، منها:
- تعتبر جميع أحرف (إن وأخواتها) مفتوحة تشبه الفعل الماضي (يبنى على الفتح).
- تحتوي على معنى الفعل كنوع من الطلب أو التمني.
- تعمل (إن وأخواتها) بنفس طريقة عمل الأفعال الأخرى، حيث ترفع الاسم وتنصب الخبر.
الأفعال الناسخة كان وأخواتها
تُعرف الأفعال (كان وأخواتها) بالأفعال الناقصة لأنها تحتاج إلى اسم وخبر لإكمال معناها، نظرًا لطبيعتها كأفعال ناقصة.
يمكن فهم وتفصيل الأفعال الناقصة من خلال متابعة متون النحو كألفية ابن مالك أو الآجرومية. فالمبتدأ والخبر من الأسماء المرفوعة، ولكن عندما تدخل الأسماء الناسخة، مثل (كان وأخواتها)، فإنها ترفع المبتدأ وتنسخ الخبر.
- على سبيل المثال، إذا قلنا: “محمد مريض”، فإن:
- محمد: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
- مريض: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
- لكن عند دخول (كان وأخواتها) تُنسخ الفعل في الماضي، الأمر الذي يُغير الإعراب كما في المثال: “كان محمد مريضًا”، حيث يصبح إعرابها كالتالي:
- كان: فعل ماض ناسخ، مبني على الفتح.
- محمد: اسم كان مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
- مريضًا: خبر كان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.