عوامل الوصول إلى الأمل

مفهوم الرجاء وأنواعه

الرجاء في اللغة يعني الأمل أو ما يُغاير اليأس، أما في الاصطلاح الشرعي، فهو انتظار الخير وتوقع حدوثه في زمن قريب. وفي الرسالة القشيرية، يُعرف بأنه تعلق القلب بما يحب في المستقبل. وقد عرّف ابن القيم -رحمه الله- الرجاء بأنه التصور الواسع لرحمة الله -تعالى-، كما يُعتبر نوعًا من التفاؤل واستبشار الخير والإحسان من الله، وهو رضا القلب بما يأتي منه. يُمكن أيضاً وصفه بأنه الثقة في كرم الله وانتظار ما يحقق الفرح والسرور.

لتحقيق الرجاء بشكل سليم، يشترط أن يكون مصحوبًا بالأعمال، ويتراءى فيه ثلاثة أنواع: اثنان محمودان، والآخر مذموم، على النحو التالي:

  • رجاء الشخص الذي يقوم بأعمال صالحة يريد من خلالها التقرب إلى الله ونيل أجره، ويُعتبر من الأنواع المحمودة.
  • رجاء الفرد الذي ارتكب معصية ثم تاب منها، آملاً في مغفرة الله، ويُعتبر أيضاً من الأنواع المحمودة.
  • رجاء الشخص الذي يكثر من الذنوب ولا يقوم بالتوبة أو الاستغفار، ورغم ذلك يرجو من الله أن يغفر له، وهذا النوع يُعتبر مذموماً.

أسباب تحقيق الرجاء

يتم تحقيق الرجاء من خلال عدة أسباب، وفيما يلي بعض أبرزها.

الإيمان بالله ومعرفة أسمائه وصفاته

يتحقق الرجاء بالإيمان القوي بالله -تعالى- ومعرفة أسمائه وصفاته وفهم سنته في تعامله مع العباد، مثل قوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). المؤمن الحق لا يرجو سواه، لأنه يدرك عظمة الأسماء والصفات وتأثيرها في حياته. هؤلاء الذين يتفهمون معاني هذه الأسماء يرون بوضوح أكثر من الذين لا يعلمون عنها.

الهجرة في سبيل الله

الهجرة الجسدية تستلزم الهجرة القلبية، فالمؤمنون هاجروا من بلاد الكفر إلى المدينة المنورة حفاظًا على دينهم. ولما استمر الجهاد، تبقى الهجرة حاضرة. الهجرة القلبية تعني تخلّي المسلم عن عادات وتقاليد تتعارض مع دينه، والابتعاد عن السخافات. بهذا، يصبح قد هاجر بقلبه من عبودية غير الله إلى عبودية الله وحده، معتمدًا عليه في مخاوفه ورجائه.

الجهاد في سبيل الله

الجهاد يتضمن نوعين: الظاهر والباطن. الجهاد الظاهر هو القتال ضد أعداء الله للدفاع عن الدين، بينما الجهاد الباطن هو كفاح النفس للامتثال لأوامر الله والابتعاد عن نواهيه. يجب أن يصبر المرء على هذا الكفاح، حتى أمام معارضة الآخرين. كما يجب أن يجتنب الشبهات، ويعمل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجميع أنواعه. وعندما تتاح له فرصة الجهاد بكل ما يملك، سيدخل في ذلك بكل صدق وإخلاص، لأنه قد بذل مجهودًا كبيرًا في جهاد نفسه أولاً.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *