قصيدة قولي أحبّك
قولي أحبّك لتزيدي من جاذبيتي، فبدون حبّك لا يمكن أن أكون جميلاً. قولي أحبّك حتى تتحول أصابعي إلى ذهب، وتصبح جبهتي مضيئة. الآن، قوليها دون تردد، فبعض أشواق الحب لا تتقبل التأجيل. سأقوم بتغيير التقويم إذا أردتِ، سأحذف فصولاً أو أضيف أخرى. سينتهي زمن قديم على يدي، وسأقيم عاصمة للنساء. لو أصبحتِ حبيبتي، سأغزو الشموس بمراكبي وخيولي. لا تشعري بالخجل، فهذه فرصتي لأكون رسول العاشقين.
قصيدة حبيبتي والمطر
أخشى أن تمطر السماء ولا تكونين معي. منذ رحيلك، أصبحت لدي عقدة من المطر. كانت أمطار الشتاء تحتويني بمعطفها، فلا أفكر في البرد أو الضجر. كانت الرياح تعوي خلف نافذتي، تتلاعب بشعري. والآن أجلس هنا، والأمطار تضربني على ذراعي ووجهي. من يدافع عني، يا مسافرة، مثل اليعامة بين العين والبصر؟ كيف يمكنني أن أنساك من أوراق ذاكرتي، وأنت في قلبي كالنقش في الحجر؟
قصيدة قارئة الفنجان
جلست والخوف في عينيها، تتأمل فنجاني المقلوب. قالت: “يا ولدي، لا تحزن، فإن الحب مكتوب عليك. قد مات شهيداً من مات على دين المحبوب. فنجانك مليء بالرعب، وحياتك مليئة بالأسفار والحروب.. ستحب كثيراً، يا ولدي، وتموت كثيراً، وستعشق كل نساء الأرض.. وستعود وكأنك الملك المغلوب. في حياتك، يا ولدي، امرأة عيناها تسبحان في العطاء، وفمها كالعنقود. ضحكتها كالأنغام والأزهار، لكن سماءك ممطرة، وطريقك مسدود.. حبيبة قلبك في قصر محروس، والقصر كبير وكلاب تحرسه.. وأميرة قلبك نائمة، من يدخل حُجرتها .. مفقود. من يطلب يدها.. من يقترب من حديقة عشقها.. مفقود. من حاول فك ضفائرها.. يا ولدي.. مفقود.. بتنيمة أكثر من أي فنجان. لم أقرأ أبداً فنجاناً يضاهي فنجانك، لم أعرف أحزاناً كأحزانك. مقدورك أن تسير في الحب على حد الخنجر، وأن تظل وحيداً كالأصداف، وحزيناً كالصّفصاف. مقدورك أن تسير دوماً في بحر الحب بلا اتجاه، وأن تحب ملايين المرات، وتعود كملك مخلوع.
قصيدة حقائب الدموع والبكاء
عندما يأتي الشتاء، وتحرّك رياحه ستائري، أشعر يا صديقتي بأني بحاجة إلى البكاء على ذراعيك وعلى دفاتري. إذا جاء الشتاء وانقطعت أحوال العناد، ستصبح كل الطيور بلا منازل، ويبدأ النزيف في قلبي وأصابعي. كأن الأمطار في السماء تتساقط، تسقط في داخلي، وعندها يغمرني شوق طفولي للبكاء على حرير شعرك الطويل كالسنبلة. كأنني مركب منهك، أو طائر مهاجر يبحث عن نافذة مضيئة، يبحث عن سقف له في عتمة الجدائل. عندما يأتي الشتاء ويغتال ما في الحقول من حيوية، ويخفي النجوم في ردائه الكئيب، يأتي الحزن من مغارة المساء كطفل شاحب غريب، مبلل الخدود والرداء. أفتح له الباب، أستقبله بكل ترحاب، أمنحه السرير والغطاء، وكل ما يشاء. من أين جاء الحزن، يا صديقتي؟ وكيف أتى؟ يحمل لي بين يديه زنابق رائعة، يحمل لي حقائب الدموع والبكاء.
قصيدة رسائل من سيّدة حاقدة
لا تدخلي! لقد سددتِ في وجهي الطريق بمرفقيك، وزعمتِ لي أن الرفاق أتوا إليك. هل هم الرفاق حقاً، أم أن هناك سيدة مكانك تحتل ساعديك؟ صرخت محتدماً: قفي! والريح تعتصر معطفي، والذل يكسو وضعي. لا تعتذري، فأنا لست آسفة عليك، بل على قلبي الوفي، قلبي الذي لم تعرفي كيف خانني. ماذا لو أنك أخبرتني أني أصبحتُ منسيّة لديك؟ جميع ما وهبتني إياه أيام حبنا، كان مجرد وهم. حقدت عليك حين أصبحت غريبة، وفقدت رونقك كما فقدتني.
قصيدة أيظنّ
أيظن أنه مجرد لعبة بين يديه؟ أنا لا أفكر في العودة إليه. اليوم عاد وكأن شيئاً لم يكن، وبراءة الأطفال في عينيه. يقول لي إنني رفيقة دربه، وإنني الحب الوحيد في قلبه. غمرني بالزهور، كيف أرد الجمال وأنا بحاجة للماضي الذي رسمته على شفتيه. عدت أستذكر كيف التجأت إليه وكأنني طفل أعيد إلى أحضان والديه. حتى فساتيني التي أهملتها، عدت لها ورقصت على قدميه. سامحته وسألت عن أخباره وبكيت ساعات على كتفيه. وبدون أن أدري، تركت له يدي تنام كالعصفور بين يديه، ونسيت كل حقدي في لحظة. من قال إنني قد حقدت عليه؟ كم قلت إنني لن أعود له، ورجعت.. وما أجمل العودة إليه.
قصيدة شؤون صغيرة
تمرّ بحياتك دون أن تلتفت، لكن تعني لي الحياة كلها. حوادث قد لا تثير اهتمامك، لكن أعيش على ذكراها وأبني عليها قصوراً وأحيا بها شهوراً. أغزل منها قصصاً عديدة، وأخلق منها سماوات وجزر. شؤونك الصغيرة، حين تدخن، أجدني أقدّم لك احترامي. أنا ألاحق بخيوط الدخان المتصاعدة وأوزعها في زوايا المكان. وتغادرني في نهاية الليل كالنجم الطيب المهاجر، وتتركني مع رائحة التبغ والذكريات. أبقى في صقيع الوحدة، ووزادي هو حطام السجائر وصحن يمتلئ بالرماد. عندما أكون مريضة وتحضر لي بأزهارك الثمينة، تجعل بين يديك يدي. يعود لي اللون والحياة، وتلتصق الشمس في خدي. أبكي دون إرادة، وأنت ترد غطائي وتضع رأسي فوق الوسادة. تمنيت لو كنت سأظل مريضة، لتسأل عني وتحضر لي كل يوم وروداً جميلة. وعندما يرن الهاتف في بيتنا، أطير إليك، يا صديقي العزيز، كطفل صغير يبحث عن عودة، أضم الآلة وأعصر أسلاكها بالحنين. أنتظر صوتك الدافئ، الصوت الذي يملؤني بالأمان. أبكي لأنك فكرت فيّ، لأنك من مكان بعيد هتفت إليّ. وفي يوم ما، حين أذهب إليك لاستعير كتاباً، تمدّ أصابعك المتعبة إلى المكتبة، وأبقى أنا في ضباب الإبهام كأني سؤال بلا جواب. أسترق النظر إليك والمكتبة كما تفعل القطة العزيزة، هل اكتشفت؟ هل أدركت؟ أني جئت لشيء آخر غير الكتاب، وأنني لست سوى كاذبة.
عندما أمضي سريعاً إلى مخدعي، أضم الكتاب إلى صدري، كأنني حملت الوجود معي. أشعل سراج النور وأقفل حولي الستائر، وأبحث بين السطور وخلف السطور، وأحاول اللحاق بالنقاط المتداخلة. وأشعر كأنني عصفور جائع يبحث عن ما يؤكله، لعلك، يا صديقي الحبيب، تركت في إحدى الزوايا عبارة حب قصيرة أو جنينة شوق صغيرة. ربما بين الصحائف خبأت شيئاً يُعيد إليّ السلام. وحين نكون معاً في الطريق، وتأخذ، بلا قصد، ذراعي، أشعر بشيء عميق، شبيهاً بطعم الحريق على مرفقي. أرفع كفي نحو السماء كأني أطلب درباً بلا نهاية. أبكي دون انقطاع لأبقي ضياعي مستمراً. وعندما أعود في المساء إلى غرفتي، وأنزع عن كتفي الرداء، أشعر – وأنت غير موجود – بيديكتلفّان في رحمة مرفقي، ويبقى لأعبد هل تتذكر أصابعك الدافئة على فستاني الأزرق؟ أبكي.. كما لو كانت ذراعي ليست ذراعي.