أحمد شوقي
يُعرف أحمد شوقي بلقب أمير الشعراء، ويعتبر من أبرز الشعراء المصريين الذين أثروا بشكل كبير في تاريخ الشعر العربي. حيث يحتوي ديوانه المعروف باسم “الشوقيات” على مجموعة متنوعة من القصائد في مجالات متعددة، بما في ذلك الحب والوطن والأخلاق. يتميز شوقي بذكاء وموهبة فريدة في صناعة الشعر، مما يجعله شاعراً متميزاً.
أشعار أحمد شوقي
وهنا بعض من أشعاره الجميلة:
قم للمعلم
وفيما يلي بعض الأبيات الشهيرة:
قُم للمعلّم ووفّ له التبجيلا
كاد المعلّم أن يكون رسولا
لأعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي
يبني وينشئ أنفاً وعقولا؟
سبحانك اللهم خير معلم
علمتَ بالقلم القرون الأولى
أخرجتَ هذا العقل من ظلماتهِ
وهديتَهُ النورَ المبين سبيلا
أرسلتَ بالتوراةِ موسى مرشداً
وابنَ البتولِ فعلّمَ الإنجيلَ
وفجّرتَ ينبوعَ البيانِ محمّداً
فسقى الحديثَ وناولَ التنزيلا
إن الذي خلقَ الحقيقةَ علقماً
لم يُخلِ من أهلِ الحقيقةِ جيلا
أوَ كلُّ من حامى عن الحقِّ افتنى
عندَ السَّوادِ ضغائناً وذحولا؟
لو كنتُ أعتقدُ الصليبَ وخطبَه
لأقمتُ من صلبِ المسيحِ دليلا
تجدُ الذين بنوا “المسلةَ” جدُّهم
لا يُحسنونَ لإبرةٍ تشكيلا!
الجهلُ لا تحيا عليهِ جماعةٌ
كيفَ الحياةُ على يديّ عزريلا؟
ربوا على الإنصافِ فتيانَ الحمى
تجدهم كهفَ الحقوقِ كهولا
فهو الذي يبني الطباعَ قويمةً
وهو الذي يبني النفوسَ عُدولا
وإذا المعلّم لم يكنْ عدلاً، مشى
روحُ العدالةِ في الشبابِ ضئيلا
وإذا أتى الإرشادُ من سببِ الهوى
ومن الغرور، فسمّهِ التضليلا
وإذا أصيبَ القومُ في أخلاقِهم
فأقمْ عليهم مأتماً وعويلا
وإذا النساءُ نشأنَ في أميّةٍ
رضعَ الرجالُ جهالةً وخمولا
ليس اليتيمُ من انتهى أبواهُ من
همِّ الحياةِ، وخَلّفاهُ ذليلا
إن اليتيمَ هو الذي تلقى بهِ
أماً تخلّتْ أو أباً مشغولا.
إنما الأمم الأخلاق
دعونا نذكر الأبيات التالية:
ألا ليت البلا راكِبَ الريحِ حيِّ النيلَ والهَرَما
وعظّم السفحَ من سيناءَ والحَرَما
وقف على أثرٍ مرّ الزمانُ به
فكانَ أَثبتَ من أطوادِهِ قِمَما
واخفض جناحَكَ في الأرضِ التي حملت
موسى رضيعاً وعيسى الطهر منطفما
وأخرجت حكمةَ الأجيال خالدةً
وبيّنت للعبادِ السيفَ والقَلَما
وشُرّفت بمُلُوكٍ طالما اتخذوا
مَطيّتهم من ملوكِ الأرضِ والخَدما
هذا فَضاءٌ تلمُّ الريحُ خاشعةً
بهِ ويمشي عليهِ الدهرُ مُحتشِما
فمرحباً بكما من طالعينَ به
على سِوى الطائرِ الميمونِ ما قدما
عاد الزمانُ فأعطى بعد ما حرما
وتاب في أذنِ المحزونِ فابتسما
فيا رعَى اللهُ وَفداً بين أعيننا
ويرحمُ اللهُ ذاكَ الوفدُ ما رحما
هم أقسموا لتديننَّ السماءُ لهم
واليومَ قد صدقوا في قبرهِم قسَما
والناسُ باني بِناءٍ أو مُتَمِّمهُ
وثالثٌ يتلافى منهُ ما اانهَدَما
تعاونٌ لا يُحِلُّ الموتُ عُروَتَهُ
ولا يُرى بيدِ الأرزاءِ مُنفَصِما
يا صاحبي أدرَمدٍ حسبها شَرَفاً
أن الرياحَ إليها ألقَتِ اللُجُما
وأنها جاوَزَت في القدسِ مِنطَقةً
جري البِساطُ فلم يَجتَز لها حَرَما
مشَت على أفقٍ مرّ البُراقُ بِهِ
فقبَّلَت أثَراً للخُفِّ مُرتَسِما
ومسحت بالمُصَلّى فاكتَسَت شَرَفاً
وبالمغارِ المُعَلّى فاكتَسَت عِظَما
وكلما شاقَها حادٍ على أفقٍ
كانت مَزاميرُ داودٍ هي النغما
جَشَّمتُماها مِنَ الأهوالِ أَربَعَةً
الرعدَ والبرقَ والإعصارَ والظُلَما
حتى حوَتها سماءُ النيلِ فانحدرت
كالنسرِ أعيا فوافى الوكرَ فاعتَصَما
يا آلَ عثمانَ أبناءَ العُمومةِ هل
تشكونَ جُرحاً ولا نشكو له ألَما
إذا حَزِنتُم حَزِنّا في القلوبِ لكُم
كالأمّ تحملُ مِن همِّ ابنِها سَقَما
وكَم نظرنا بكم نُعمى فجسَّمَها
لنا السرورُ فكانت عندَنا نِعَما
ونبذُلُ المالَ لم نُحمَل عليه كما
يقضي الكريمُ حقوقَ الأهلِ والذِمَما
صَبراً على الدهر إن جَلَّت مصائبُهُ
إن المصائبَ ممّا يوقِظُ الأُمَما
إذا المُقاتِلُ مِن أخلاقِهِم سَلِمت
فكلُّ شيءٍ على آثارِها سَلمَا
وإنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت
فإن تَوَلَّت مَضوا في إِثرِها قُدُما
نِمتُم على كُلِّ ثارٍ لا قَرارَ لهُ
وهل يَنامُ مُصيبٌ في الشُعوبِ دَما
فنَالَ مِن سَيفِكُم مَن كانَ ساقيهُ
كما تَنالُ المُدامُ الباسِلَ القَدَما
قالَ العذولُ خرجنا في مَحبّتِكُم
منَ الوَقارِ فَيا صِدقَ الَّذي زَعَما
فما على المرءِ في الأخلاقِ مِن حَرَجٍ
إذا رعى صِلَةً في اللّهِ أَو رَحِما
ولو وهبتُم لنا عُليا سِيادتِكُم
ما زادَنا الفَضلُ في إِخلاصِنا قُدُما
نَحنو عَلَيكُم ولا نَنسى لنا وَطَناً
ولا سَريراً ولا تاجاً ولا عَلَما
هَذي كَرائِمُ أشياءِ الشُعوبِ فإن
ماتت فكلُّ وجودٍ يُشبِهُ العَدَما.
يمدّ الدّجى في لوعتي
وفيما يلي بعض الأبيات:
يمدُّ الدُّجى في لوعتي ويزيدُ ويُبدِّيء
بَثِّي في الهوى ويُعيدُ
إذا طال واستعصى فما هي ليلة
ولكنْ ليالٍ ما لهنّ عَدِيدُ
أَرِقْتُ وعادتني لذكرى أَحِبَّتي
شجونٌ قيامٌ بالضلوع قعودُ
ومَنْ يَحْمِلِ الأَشواقَ يتعَب، ويَختلفْ
عليهِ قديمٌ في الهوى، وجديد
لقيت الذي لم يلق قلبٌ من الهوى
لك الله يا قلبي، أأنت حديد؟
لم أَخْلُ من وجْدٍ عليك، ورِقَّةٍ
إذا حلَّ غيدٌ، أَو ترحَّل غيدُ
وروضٍ كما شاء المحبون، ظلهُ
لهم ولأسرار الغرام مديدُ
تظللنا والطيرَ في جنباتِه
غصونٌ قيامٌ للنسيم سجود
تمِيل إلى مُضْنَى الغرامِ وتارةً
يعارضها مُضْنَى الصَّبا فتَحيد
مَشَى في حوَاشيها الأَصيلُ، فذُهِّبَتْ
ومارتْ عليها الحلْيُ وهْيَ تَميد
ويَقْتُلنا لَحْظٌ، ويأْسِر جِيدُ
بأهلٍ، ومفقودُ الأليفِ وَحيد
وباكٍ ولا دمعٌ، وشاكٍ ولا جوىً
وجذلانُ يشدو في الرُّبَي ويشيد
غشيناه والأيامُ تندى شبيبةً
ويَقْطُر منها العيشُ وهْوَ رَغيد
رأَتْ شفقاً يَنْعى النهارَ مُضَرَّجاً
فقلتُ لها: حتى النهارُ شَهيد
فقالت: وما بالطير؟ قلت: سكينةٌ
فما هي ممّا نبتغي ونَصيد
أُحِلَّ لنا الصيدان: يومَ الهوى مَهاً
ويومَ تُسَلُّ المُرْهَفاتُ أُسودُ
يحطِّم رمحٌ دوننا ومهندٌ
ويقلنا لحظٌ، ويأسر جيدُ
ونحكم حتى يقبلَ الدهرُ حُكْمَنا
ونحن لسلطان الغرام عبيد
أقول لأيام الصبا كلما نأتْ:
أما لكَ يا عهدَ الشباب مُعيد؟
وكيف نأَتْ والأَمسُ آخرُ عهدِها؟
لأمسُ كباقي الغابرات عهيد
جزعتُ، فراعتني من الشيبِ بسمةٌ
كأَني على دَرْبِ المشيبِ لَبيد
ومن عبث الدنيا وما عبثت سدىً
شببنا وشبنا والزّمانُ وليدُ.
الرُّشْدُ أَجملُ سِيرة يا أَحمدُ
أخيراً، نذكر الأبيات التالية:
الرُّشْدُ أَجملُ سِيرة يا أَحمدُ
ودُّ الغواني مَنْ شبابكَ أبعدُ
قد كان فيك لودهنّ بقية
واليومَ أَوْشَكَتِ البقية تُنفَدُ
هاروت شعركَ بعد ماروتِ الصبا
أَعيا، وفارقه الخليلُ المُسعِد
لم سمعنكَ قلنَ: شعرٌ أمردٌ
يا ليت قائله الطَّيرُ الأمردُ
ما لِلَّوَاهي الناعماتِ وشاعرٍ
جعل النسيبَ حبالة يتصيد؟
ولكم جمعت قلوبهن على الهوى
وخدعتَ منْ قطعتْ ومن تودد
وسَخِرْتَ من واشٍ، وكِدْتَ لعاذِلٍ
واليومَ تنشدُ من يشي ويفند
أَئذا وَجَدْت الغِيد أَلهاكَ الهوى
وإذا وجدت الشِّعْرَ عزَّ الأَغيد؟