قصيدة نظر الحبيب إلي من طرف خفى
يقول ابن سناء الملك:
نظر الحبيب إليّ من طرف خفي
فأين الشفاء لمشتاقٍ متعذبٍ؟
ودنا فسكّن نار قلبي خدّه
أسمعتم نارًا بنارٍ تطفأ؟
وأرادت العبرات عادة جريها
أو جري عادتها فقلت لها قفي
كفي فقد جاء الحبيب لما كفى
وصلاً وعاشقٌ مروعٌ قد كفى
ومليئةٌ بالحسن تسخر وجهها
بالبدري بل يهزأُ ريقها بالقارقَف
لا أرتضي بالشمس تشبيهًا لها
والبدري بل لا أكتفي بمكتفي
الحسن تبرزُه بغير تصنّع
والمِلْح يُبرزها بغير تكلف
تتلو ملاحتها محاسن وجهها
فتريك معجزة آية في الزخرف
أنا أنثني عنها لألا أرتوي
أتظن أني أشتهي أن أشفى؟
لا سار عشقي، لا أقم تصبري
لا قلّ معَ نيل الوصالِ تلهّفي
يا من تجور، لقد ملكتِ فأسمحي
يا من تُهين، لقد غنيتِ فأعيني
فبحق حسنِك يا مليحةُ أُحسني
وبعطف قدّك يا نحيلةُ أَعطفي
أنت الحبيب، عطفتَ أم لم تعطف؟
وأنا المحب، صدفْتَ أم لم تصدف؟
فتقول من هذا وقد سفكت دمي
ظلماً وتسأل عن فؤادي وهي في
لا شيء أتعجب من تلهب خدّها
بالماءِ إلا حسنها وتعفّفي
ماذا لقيت من الصدود لأني
ألقى خشونته بقلب مترف؟
والقلب يحلف أنه سيسلو ثم لا
يسلو ويحلف أنه لم يحلف
قسماً أقول سلا وإن سلوّه
فرحٌ لأن جاءَ البشيرُ بيوسف
جاءَ البشيرُ بأن يوسف قد شفى
مرض الزمان، لأن يوسف قد شفي
جاءَ البشيرُ بيوسفٍ يمشي على
أثر البشير، بيوسفٍ أو يقتفي
ما زالت البشرى بيوسف سنةً
في الدهر لم تُخلَف ولم تتخلف
كان الملطف كالقميص، ألا ترى
أبصارنا ردّت لنا بملطف
أمرٌ جليلٌ كان إلا أنه
خطبٌ جليلٌ ردّه اللطف الخفي
يا ويحَ للأسقام كيف استشرفتْ
وسمت إلى ذاك المحل الأرفع
أتظن في ملك الملوك طماعةً
خابت ظنونك، اختبئ أو فاختلف
جهلت وقد ثابَت، وتقبل توبةٌ
عن زلةٍ من جاهلٍ لم يعرف
ما ضرّت الجسم الشريف نحافةٌ
أني وتلك سجيةٌ في المرَفَف
بشّر بصحته البسيطة ثم قل
قرّي فطورك ثابت لم يُنسف
وكذلك قل للبدر، يا بدر الدجى
لا وجه أن تبدو بوجهٍ أكلف
وأشع بشائرَ برئه ثم انظروا
كمد الصليب به وبشرى المصحف
حاشاك من صرف الزمان، فإنه
بك في الأعادٍ مالَه من مصرف
وقد اصطفاك الله ناصر دينه
فنصرت دين المصطفى والمصطفى
وحميت رسم الدين من أن يمحى
ومنعت نور الشرع من أن ينطفئ
وجعلت أكبر كافر متنصِّرٍ
يعنو لأصغر مسلم متحنف
وسللت سيفاً مصلتاً للمعتدي
وصببت سيباً مرسلاً للمعتفي
والله أكرمُ أن يضيع أمةً
أمنت بعدلك بعد طول تخوف
ولقد نذرت على شفائك حجةً
ولقد شفيت، فقد تعيّن أن أفي
سهّلت لي حجّي فمنك موصلي
لمني وجودُك موقفي في الموقف
ولئن تيسّر مع ركابك قابلاً
حجّي، فيا فوزي بأجر مضاعف
إني بهذا أدعو وأسأل ملحفا
والله ليس يرد دعوة مُلحِف
قصيدة ناكر ذاك الحبيب
يقول محمد أسموني:
ناكرٌ ذاك الحبيبُ
عندهُ ما لي نصيبُ
خانَ ودّي، رغم أني
في الهوى إلفٌ قريبُ
طال ليلي، سال دمعي
شاردٌ، وحدي كئيبُ
ملّ عقلي، لام قلبي
قلتُ: اهْدأْ يارقِيبُ
لم يسألْ عمّا أُعاني
من هواني مستطيبُ
لو همومي قد توالتْ
ربما همّاً تُصيبُ
أنقذوني من حريقٍ
شبّ في قلبي لهيبُ
هل لجرحي من دواءٍ
لم يجربه الطبيبُ؟
لم يكن للطبيب رأيٌ
غير ما يرجو الحبيبُ
قربه مني علاجٌ
ناعجٌ قد يستجيبُ
بعده عني جنونٌ
بل عويلٌ أو نحيبُ
يا شريكاً في الهوى لو
ملْتَ عني قد أجيبُ
دعوةٌ للحب عجلى
هل يلبّي أو يغيبُ؟
غير مُستعصٍ شفائي
عندما يعفو الحبيبُ.
لم أوافق فيه صدقاً
كاذبٌ صنفٌ مُريبُ
ظالمٌ لا خير يُرجى
منه مجنونٌ غريبُ
علّه يوماً يعاني
قسوةً إذ يستجيبُ
سوف يبكي من ذنوبٍ
قصيدة عبث الحبيب وكان منه صدود
يقول العباس بن الأحنف:
عبث الحبيب وكان منه صدود
ونأى ولم أكن ذاك منه أريد
يمسي ويصبح معرضاً متغضباً
وإذا قصدتُ إليه فهو يحيد
ويضنّ عنّي بالكلام مصارماً
وبمهجتي وبما يريد أجود
إني أحاذر صدّه وفراقه
إن الفراق على المحب شديد
يا من دعاني ثم أدبر ظالماً
ارجع وأنت موصلٌ محمودُ
إني لأكثر ذكركم فكأنما
بعرى لساني ذكركم معقودُ
أبكي لسخطك حين أذكر ما مضى
يا ليت ما قد فات لي مردودُ
لا تقتليني بالجفاء تمادياً
واعتني بأمري إنني مجهودُ
ما زال حبك في فؤادي ساكناً
وله بزٍيدِ تنفّسي ترديدُ
فيلين طوراً للرجاء وتارةً
يشتدُ بين جوانحي ويزيدُ
حتى برى جسمي هواك فما ترى
إلا عظامٌ يُبّسٌ وجلودُ
لا الحب يصرفه فؤادي ساعةً
عنه ولا هو ما بقيتُ يَبيدُ
وكأنّ حب الناس عندي ساكنٌ
وكأنه بجوانحي مشدودُ
أمسى فؤادي عندكم ومحلّه
عندي فأين فؤادي المفقودُ؟
ذهب الفؤاد فما أحسّ حسيسه
وأظنّه بوصالكُم سيعودُ
والله لا أبغي سواكِ حبيبةً
ما اخضرار في الشجر المؤرّق عودُ
لله در الغانيات جفَوني
وأنا لهن على الجفاء وديدُ
يرعن عهدي ما شهدتُ فإن أغِبَ
يوماً فما لي عندهن عهودُ.
قصيدة وله المحب إلى الحبيب
يقول ابن الرومي:
وله المحب إلى الحبيب
وله المريض إلى الطبيب
بان الحبيب فبان عنه
بلذتين حسنٍ وطيبِ
إنّي لتُذكّرني الحبيبَ
سوالف الرشأ الربيبِ
والبدر فوق الغصن والـ
غصن الرطيبُ على الكثيبِ
عرّج على ذكر الصديـ
قِ وعدّ عن ذكر الحبيبِ
كم مُكثرٍ لي مُخبِثٍ
ومُقلٍ قولٍ ليمُطيبِ