أروع قصائد الغزل للشاعر نزار قباني

نزار قباني

يُعَدُّ نزار قباني شاعرًا ودبلوماسيًا سوريًا وُلِدَ في العاصمة السورية دمشق عام 1923 وتوفي في لندن عام 1998. عُرف بقلمه المبدع الذي أطلقه من خلال باكورة أعماله الشعرية “قالت لي السمراء” عام 1944. أسس قباني دار نشر خاصة به في بيروت تحت اسم (منشورات نزار قباني)، وقد قدم العديد من قصائد الغزل، من أبرزها:

أحبك أحبك وهذا توقيعي

وفيما يتعلق بالغزل، يقول نزار قباني:

هل لديك شكٌ أنك أجمل امرأةٍ في العالم

وأهم امرأةٍ في الوجود؟

هل لديك شك أني عندما وجدتك

استطعت امتلاك مفاتيح الكون؟

هل لديك شك أني عندما لمست يديك

تغيرت أشكال الدنيا؟

هل لديك شك أن دخولك إلى قلبي

هو أعظم يومٍ في التاريخ وأجمل خبرٍ في الوجود؟

هل لديك شكٌ في هويتك،

أنت التي تحتل بعينيها كل أبعاد الوقت،

أنتِ التي تُشْعرني بكسر كل جدران الصوت.

لا أدري ماذا بي،

فكأنكِ أنثاي الأولى،

وكأنني لم أحب قبلك،

وكأني لم أعانق الحب ولا قبلت.

أنتِ ميلادي، وقبلك لا أتذكر نفسي.

أنتَ حمايتي، وقبل حنانك لا أتذكر أنني عشت.

وكأني إليك أيتها الملكة،

خرجت من صميمك كالعصفور.

هل لديك شكٌ أنك جزءٌ من روحي،

وبأنني من عينيك سرقت النار

وانطلقت بأعظم ثوراتي،

أيتها الوردة والياقوتة والريحانة،

والسلطانة الشعبية والعادلة بين الملكات.

أنتَ الماء الذي يسبح في بحر حياتي،

أنتَ القمر الذي يشرق كل مساءٍ من نافذة الكلمات،

أنتَ أعظم فتحٍ بين جميع انتصاراتي.

أنتَ آخر وطنٍ أولد فيه وأدفن فيه

أدبياتي وكتبي.

أنتِ امرأة الدهشة، يا امرأتي،

لا أدري كيف ألقتني الأمواج على قدميك،

لا أدري كيف مشيت إليّ،

وكيف اقتربت منك،

أنتَ التي تتزاحم كل طيور البحر

لتستوطن في نهديك.

كم كان محظوظًا حظّي حين وجدتك،

أنتِ امرأةٌ تُدخِلُ في تركيب الشعر،

دافئة كالرمال عند البحر،

رائعة كليلة قدر.

منذ أن طرقتِ بابي، ابتدأ عمر جديد.

كيف أصبح شعره جميلاً

حين ترفرف بين يديك،

كيف صرت غنياً وقوياً

لما أهداك الله إليّ.

هل لديك شك أنك شعاعٌ من عيني،

وأيديك استمرارٌ ضوئيٌ ليدي.

هل لديك شكٌ

أن كلامك يأتي من شفتي،

هل لديك شكٌ

أنني فيك، وأنك فيّ،

يا ناراً تجتاح كياني،

يا ثمراً يملأ أغصاني،

يا جسداً يقطع مثل السيف

ويضرب مثل البركان.

يا نهداً يعبق مثل حقول التبغ

ويركض نحوي كحصان.

قولي لي

كيف أستطيع إنقاذ نفسي من موجات الطوفان؟

قولي لي

ماذا أفعل بك، أنا في حالة إدمان.

قولي لي ما الحل، فإن أشواقي

وصلت إلى حدود الهذيان.

يا ذات الأنف الإغريقي

وذات الشعر الإسباني،

يا امرأة لا تتكرر في آلاف الأزمان،

يا امرأةً ترقص حافية القدمين بمدخل شرياني،

من أين أتيت وكيف أتيت،

وكيف عصفت بوجداني.

يا إحدى نعم الله علي،

وغيمة حُبٍ ورحابة،

يا أغلى لؤلؤةٍ بين يدي.

آهٍ، كم أعطاني ربي.

إلى حبيبتي في رأس السنة

هذه من قصائد شاعر المرأة في الغزل:

أنقل حبي لك من سنة إلى أخرى

كما ينقل التلميذ فروضه إلى دفترٍ جديد.

أنقل صوتك ورائحتك ورسائلك

ورقم هاتفك وصندوق بريدك

وأعلقها في خزانة العام الجديد.

وأمنحك تذكرة إقامة دائمة في قلبي.

إنني أحبك،

ولن أتركك وحدك في ورقة 31 ديسمبر أبداً.

سأحملك على ذراعي

وأتنقل بك بين الفصول الأربعة.

في الشتاء سأضع على رأسك قبعة صوف حمراء

لكي لا تبردي.

وفي الخريف سأعطيك معطف المطر الوحيد

الذي أمتلكه

كي لا تتبللي.

وفي الربيع سأتركك تنامين على الحشائش الطازجة،

وتتناولين طعام الإفطار

مع الجنادب والعصافير.

وفي الصيف سأشتري لك شبكة صيدٍ صغيرة

لتصطادي المحار

وطيور البحر والأسماك المجهولة العناوين.

إنني أحبك

ولا أريد أن أربطك بذكريات الماضي،

ولا بذاكرة القطارات المسافرة.

أنت القطار الأخير الذي يسافر ليلاً ونهاراً

عبر شرايين يدي.

أنت قطاري الأخير،

وأنا محطتك الأخيرة.

إنني أحبك

ولا أريد ربطك بالماء أو الريح،

ولا بالتاريخ الميلادي أو الهجري،

ولا بحركات المد والجزر،

أو ساعات الخسوف والكسوف.

لا يهمني ما تقوله المراصد،

وخطوط فناجين القهوة،

فعينيك وحدهما هما النبوءة،

وهما المسؤولتان عن فرح هذا العالم.

أحبك

وأحب أن أربطك بزمني وبطقسي،

وأجعلك نجمةً في مداري.

أريدك أن تأخذي شكل الكلمة

ومساحة الورقة،

حتى إذا نشرت كتاباً وقرأه الناس

عثروا عليك كالوردة في داخله.

أريدك أن تأخذي شكل فمي

حتى إذا تكلمت

وجدتك تستحمين في صوتي.

أريدك أن تأخذي شكل يدي

حتى إذا وضعتها على الطاولة

وجدتك نائمةً في جوفها

مثل فراشةٍ في يد طفل.

إنني لا أحترف طقوس التهنئة،

إنني أحترف العشق،

وأحترفك.

يتمشى هو فوق جلدي

وتتجولين أنت تحت جلدي،

وأما أنا

فأحمل الشوارع والأرصفة المغسولة بالمطر

على ظهري وأبحث عنك.

لماذا تتآمرين علي مع المطر مادمتِ تعرفين

أن كل تاريخي معك مقترنٌ بسقوط المطر،

وأن الحساسية الوحيدة التي تصيبني

عندما أشم رائحة نهديك

هي حساسية المطر.

لماذا تتآمرين علي مادمتِ تعرفين

أن الكتاب الوحيد الذي أقرؤه بعدك

هو كتاب المطر.

إنني أحبك.

هذه هي المهنة الوحيدة التي أتقنها

ويحسدني عليها أصدقائي وأعدائي.

قبلك كانت الشمس والجبال والغابات

في حالة بطالة،

كانت اللغة بحالة بطالة والعصافير في بطالة.

فشكرًا لك لأنك أدخلتني المدرسة،

وشكرًا لك لأنك علمتني أبجدية الحب،

وشكرًا لأنك قبلت أن تكوني حبيبتي.

القبلة الأولى

من أرقى قصائد نزار قباني، “القبلة الأولى”، حيث يقول فيها:

عامان مرا عليهما، يا مقبلتي،

وعطرها لم يزل يجري على شفتي.

كأنها الآن لم تذهب حلاوتها،

ولا يزال شذاها ملء صومعتي.

إذ كان شعرك في كفي زوبعة،

وكأن ثغرك أحطابي وموقدتي.

قولي، أأفرغتِ في ثغري الجحيم وهل

من الهوى أن تكوني أنت محرقتي؟

لما تصالب ثغرانا بدافئة،

لمحتُ في شفتيها طيف مقبرتي.

تروي الحكايات أن الثغر معصية،

حمراء إنك قد حببتِ معصيتي.

ويزعم الناس أن الثغر ملعبها،

فما لها التهمت عظمي وأوردتي!

يا طيب قبلتك الأولى، يرف بها

شذا جبالي وغاباتي وأوديتي.

ويا نبيذية الثغر، الصبي إذا

ذكرته غرقت بالماء حنجرتي.

ماذا على شفتي السفلى تركت، وهل

طبعتها في فمي الملهوب أم رئتي؟

لم يبق لي منك إلا خيط رائحة،

يدعوك أن ترجعي للوكر سيدتي.

أحبك جداً

تعتبر قصيدة “أحبك جداً” من بين أجمل ما أبدع نزار قباني في الحب والغزل:

أحبك جداً،

وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويل.

وأعرف أنك سيد النساء،

وليس لدي بديل.

وأعرف أن زمن الحبيب انتهى،

ومات الكلام الجميل.

لست النساء، ماذا أقول؟

أحبك جداً،

أحبك جداً، وأعرف أني أعيش بمنفى،

وأنت بمنفى، وبيني وبينك

ريح وبرق وغيم ورعد وثلج ونار.

وأعرف أن الوصول إليك انتحار،

ويسعدني

أن يمزقني حبك، أيتها الغالية،

ولو خيروني لكررت حبك للمرة الثانية.

يا من غزلت قميصك من ورقات الشجر،

أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر.

أحبك جداً، وأعرف أني أسافر في بحر عينيك دون يقين،

وأترك عقلي ورأيي، وأركض خلف جنوني.

أيا امرأة تمسك القلب بين يديها،

سألتك بالله، لا تتركيني.

لا تتركيني،

فما أكون أنا إذا لم تكوني؟

أحبك،

أحبك جداً وجداً وجداً، وأرفض من نار حبك أن أستقيلا،

وهل يستطيع المتيم بالحب أن يستقيلا؟

وما يهمني إن خرجت من الحب حياً،

وما يهمني إن خرجت قتيلاً.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *