أشهد أن لا امرأة سواكِ
أشهدُ أن لا امرأةً
أتقنت فن الحياة مثلما فعلتِ
وقاومت سذاجتي
على مدار عشرة أعوام، كما فعلتِ
وأظهرت صبرًا حقيقيًا على جنوني مثلما صبرتِ
فما قمتِ بقص أظافري
ولا تنظيم دفاتري
ولا إدخالني روضة الأطفال
سواكِ ..
أشهدُ أن لا امرأةً
تُشبهني كصورة عاطفية
في الفكر والسلوك إلا أنتِ
وفي العقل والجنون إلا أنتِ
وفي الملل السريع
والتعلق المفاجئ
سواكِ ..
أشهدُ أن لا امرأةً
استحوذت على اهتمامي
بنصف ما فعلتِ
واستولت على مشاعري كما فعلتِ
وأعادتني إلى طبيعتي كما فعلتِ
أشهدُ أن لا امرأةً
عاملتني كطفلٍ رضيع
ما عداكِ ..
وقدمت لي كل ما هو جميل
والأبطال الساذجة والألعاب
ما عداكِ ..
أشهدُ أن لا امرأةً
عاملتني بجود كبحرٍ
رائعة كالأشعار
ودللتني وعاملتني بعناية كما فعلتِ
وأفسدتني كما فعلتِ
أشهد أن لا امرأة
قد جعلت براءة طفولتي
تمتد حتى الخامسة من العمر .. إلا أنتِ
أشهدُ أن لا امرأةً
يمكنها أن تقول إنها الأنثى الوحيدة .. إلا أنتِ
وإن جوهرها
هو محور هذا الكون
أشهدُ أن لا امرأةً
تتبعها الأشجار عندما تسير
سواكِ ..
ويشرب الحمام من عبير جمالها الثلجي
سوى أنتِ ..
وتأكل الخراف من حشيش ذراعيها
سوى أنتِ
أشهدُ أن لا امرأةً
اختصرت بكلمتين قصة الأنوثة
وأثارت ذكوريتي عليّ
سوى أنتِ ..
أشهدُ أن لا امرأةً
توقف الزمن عند جاذبيتها
سوى أنتِ ..
وانطلقت الثورات من عظمة أنوثتها
سوى أنتِ ..
أشهدُ أن لا امرأةً
قد غيرت قوانين هذا العالم إلا أنتِ
وغيرت
خريطة الحلال والحرام
سوى أنتِ ..
أشهدُ أن لا امرأةً
اجتاحتني بلحظات من الحب كعاصفة
تحرقني .. تغمرني
تشعلني .. ثم تطفئني
تنقسم بي إلى نصفين كالهلال
أشهدُ أن لا امرأةً
استولت على روحي أطول فترة
وأبهاها وقتًا
تزرعني
وردة دمشقية
ونعناعًا
وبات عمري كبرتقالة
يا امرأة، اتركي تحت شعرك أسئلتي
ولم تجبِ أبداً على أي استفسار
يا امرأة، هي جميع اللغات
لكنها تتواصل في الذهن ولا تُقال
يا صاحبة العيون البحرية
يا من لديك يدين كالشمع
وحضور رائع
يا بيضاء كالفضة
والملساء كالكريستال
أشهدُ أن لا امرأةً
على محيط خصركِ .. تجتمع الأزمان
وألف كوكب يدور
أشهدُ أن لا امرأةً .. غيركِ يا حبيبتي
على ذراعيكِ تربى أول الذكور
وآخرهم
أيتها اللامعة الشفافة
العادلة الجميلة
يا رائعة الجمال البهيّة
دائمة الطفولة
أشهدُ أن لا امرأةً
تحررت من قيود المجتمع إلا أنتِ
ودمرت أصنامهم
وبددت أوهامهم
وأطاحت بسلطتهم إلا أنتِ
أشهد أن لا امرأة
استقبلت بشجاعتها طعنات القبيلة
واعتبرت حبي لها
خلاصة الفضيلة
أشهدُ أن لا امرأةً
ظهرت كما انتظرت تمامًا
وجاء طول شعرها أطول مما تمنيت أو حلمت
وجاء شكل نهدها
مطابقًا لما خططت ورسمت
أشهدُ أن لا امرأةً
تخرج من ضباب الدخان .. إذا تدخنت
تطير كحمامة بيضاء في تفكيري .. إذا فكرت
يا امرأة .. كتبت عنها كتبًا كاملة
لكن على الرغم من كل شعري
قد بقيت .. أجمل مما كتبت
أشهدُ أن لا امرأةً
مارست الحب معي برقي
وأخرجتني من ظلام العالم الثالث
سوى أنتِ
أشهدُ أن لا امرأةً
قبلِك قد حلت مشاكل قلبي
وثقفت جسدي
وحاورته كما تحاور القيثارة
أشهدُ أن لا امرأةً
سوى أنتِ ..
سوى أنتِ ..
سوى أنتِ ..
أغنية الليل
حلَّ الليل وفي عباءة السكون
تختبئ الأحلام
وعندما ينير القمر، تكون له عيون
ترصد الأيام
فتعالي، يا ابنة الحقل، لنزور
كُرْم العشاق
علّنا نطفئ بشربنا ذاك الخمر
حرقة الأشواق
نسمع البلبل يغني بين الحقول
يصب الألحان
في سماء تراقصت فيها التلال
نسيم الريحان
لا تخافي يا فتاتي، فالنجمات
تكتم أسرار الأزمان
وضباب الليل في تلك الكروم
يخفي الأسرار
لا تخافي، فعرائس الجن في
غياهبها المسحورة
تتأمل في هدوء وكادت تختفي
عن عيون الحور
ومليك الجن إذا مر يذهب
والهوى يمنعه
فهو يهوى كما هو الحال في الحب!
وقائلة ماذا لقيت من الحب
وقائلةٍ، ماذا لقيت من الحب؟
فقلت: كنا في كآبة هنا وهناك
فقالت: لقد عرفت أن الحب يكسب قلبه
جمالًا وصفات لا تُنال بلا حب
فقلت لها: كان حبًا زادني
نفور المحبوب في نهاية الأمر، فأصبحت في حرب
وقد كان لي قلب وكنت بلا مشاعر
فلمّا أدركت الحب أصبحت بلا قلبين
عذبة أنتِ كالأحلام
عذبة أنتِ كطفولة، كأحلام
كأنغام، كصباح جديد
كسماء ضحوك، كليلة قمراء
كالورد، كابتسامة الوليد
يا لها من براءة وجمال
وشباب مُنعِم وأملود!
يا لها من طهارة تبعث بالرفعة
في قلب الشقي العنيد! ..
يا لها من رقة تجعل الورود
ترفرف في الصخور الصماء!
ماذا أنتِ؟ هل أنت “فينيس”
تستعرض بين الناس من جديد
لتعيد الشباب والفرح للحياة
للعالم التعيس والكبير!
أنت.. ما أنت؟ أنت لوحة جميلة
عبقرية من فن الخلق
فيك ما فيه من غموض وعمق
وجمال مقدس، معبود
أنت.. ما أنت؟ أنت فجر من السحر
تجلّى لقلبي المولع
فأرى الحياة في جمالها المتألق
وأنظر إلى خفايا الخلودِ
أنت روح الربيع، تتجول في
الدنيا فيحضر الإبداع التجريدي
وتمتد الحياة بدون انقطاع من العطر
ويدوي الوجود بالتغريد
كلما وردت عيناي إليك تمشين
بخطواتٍ موسيقية كالنشيدِ
خفق القلب للحياة وزهرة الزهر
في مجال عمري الخالي!
وارتفعت روحي المنكسرة بالحب
وغنت كبلبل الحر الغريد!
أنت تحيين في قلبي ما قد
مات في أيامي السعيدة الماضية
وتعيدين البناء في خراب روحي
ما تلاشى في عهدي الضائع
من طموحات الجمال إلى الفن
إلى عالم بعيد
وتمزقين رقة الشوق والأحلام
والهوا في نشيد حياتي
عندما تعانق كآبة أيامك
قلبي، وتلجمين صراخي
أنت أنشودة الأناشيد، غنائك
إله الشعر، رب القصائد
فيك يبرز الشباب ببهاء السحر
وشدو الهوى وعطر الورود
وَيظهر الجمال، يرقص برشاقة
قدسية على أنغام الوجودِ
وتتصاعد في أفق روحك أوزان
الأغاني ورقة التغريد
فتميلين في الوجود كلحنٍ
عبقري من عذوبة الخيال
خطواتٌ سكرانة بالموسيقى
وصوتٌ كوقع ناي بعيد
وهيكلٌ يكاد ينطق بالألحان
في كل وقفة وسكونٍ
كلُ شيءٍ سريعٌ فيكِ، حتى
لفتة رقبة واهتزاز النهودِ
أنتِ.. أنتِ الحياة في نقائها
السامي وفي سحرها الشجي الفريد
أنتِ.. أنتِ الحياة في رقة
الفجر في رونق الربيع الوليد
أنتِ.. أنتِ الحياة في كل زمانٍ
في رونق من الشباب الجديد
أنتِ.. أنتِ الحياة فيكِ وفي عينيكِ
وفي عينيك آيات جمالها الممتد
أنتِ عبارة عن عالم من الأناشيد والأحلام
وسحر وخيال واسع
أنتِ فوق الخيال والشعر والفن
وفوق كل شيء وفوق الحدود
أنتِ قَدسّي ومعبدي وصبحي
وربيعي ونشوتي وخلودي
يا ابنة النور، إنني وحيد
من رأى فيكِ لوحة الإله
فدعيني أعيش في ظلك العذب
وفي قربكِ بجمالك المشهور
عيشة للفن والجمال والإلهام
والطهارة والسعادة والسجود
عيشة الناسك البتول يناجي الرّ
<pّب في نشوة الذهول الشديد
وامنَحيني السعادة والفرح
يا ضوء فجري المترقب
وارحمي، فقد تهدّمتُ في كو
نٍ من اليأس والظلام
أَنقذيني من الحزن، فلقد أَمسيت
أعاني من ضعف وجودي
في غابات الزمن والموت أسير
تحت ثقل الحياة وجميع القيود
وأماشي الورى، وحياتي كالقبر
وقلبي كالعالم الذي تمزق
لمةٌ ليس لها نهاية وهولٌ
شائعٌ في حديثنا الممدود
وإذا ما اسْتخفَّني عَبَثُ البشر
تبسَّمتُ في أسى وجمود
بسمة مُرارة كأنيَ أدفع
من الشوق نحو ذابلات الورود
وانفخي في مشاعري من فرح الدنيا
وشدّي من عزيمتي المفرطة
واحيي في عروقي الحرارة، علّي
أتغنّى مع الأمل من جديد
وأبث الوجود أنغام قلبٍ
كبلبل، مُكبّل بالقيود
فالصباح الجميل يعمق الحياة
للمحطّم المكدود
أَنقذيني فقد سئمت ظلامي!
أَنقذيني فقد مللت ركودي!
آهِ يا زهرتي الجميلة، لو تَدرين
ما جَدَّ في فؤادي العطشان
في فؤادي الغريب، تُخْلَقُ أكوانٌ
من السحر ذات الجوهر الفريد
وشموس تُضيء ونجوم
تَنثر النور في فضاءٍ ممتد
وربيعٌ كأنه حلم الشاعر
في سكرات الشباب السعيد
ورياض لا تعرف الظلام الداجي
ولا ثورة الخريف العتيد
وطيور سحرية تتناغى
بأنغامٍ رائعة التغريد
وقصور كأنها الشفق الموثق
أو طلعة الصباح الوليد
وغيوم رقيقة تتدفق
كأهداب من ورود الحب
وحياة شعرية تَأتي
كصورة من حياة الخالدين
كل ذلك يشيده سحر عينيكِ
وإلهام جمالكِ المعبود
وحرامٌ عليكِ أن تَهدمى ما
شيده الحسن في القلب القوي
وحرامٌ عليكِ أن تسحقي أحلام
أنفاسي التي ترغب في عيشٍ في الهناء!